عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2011, 11:45 PM
المشاركة 27
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



تلك الأيام


(ج 2)




أغاني البائع المتجول في الشارع‏


الطويل المبقع بالأخضر


السوق وهي تطوف في روائح هائمة‏


ـ الرائحة القوية للقهوة والسمك ـ


السوق تمتد تحت الأقدام‏


تمتزج بكل لحظات الطريق‏


وتدور في قعر أعماق عيون الدمى


السوق كانت أمّاً‏


تذهب مسرعة إلى أحجام ملوّنة وسيالة‏


ثم تأتي‏


مع علب الهدايا في الزنابيل الملأى


السوق كانت مطراً‏


ينهمر‏


ينهمر‏


ينهمر‏


ذهبت تلك الأيام‏


أيام التأمل في أسرار الجسد‏


أيام التعارف الحذر‏


مع جمال الشرايين الزرق:‏


ـ يد من وراء الحائط تناديني بوردة


ـ واليد الأخرى‏


بقعُ حبرٍ على تلك اليد المرتبكة‏


المضطربة الخائفة


والحب‏


يكرّر نفسه بتحية خجلى


في الظهيرات الحارة الملوثة بالدخان‏


نادينا حبنا في غبار الزقاق‏


وعرفنا اللغة البسيطة لأزهار الـقاصد


نحن أخذنا قلوبنا إلى بستان الرحمات المعصومة‏


وأقرضنا الأشجار


والمدفع، مع رسائل القبلات

كان يدور‏ في أيدينا


وكان الحب‏


ذلك الحس الشبحي في الظلمة الثامنة‏


حاصرنا فجأة‏


وجذبنا في زحام الأنفاس الملتهبة الحرى‏


والابتسامات المسروقة


ذهبت تلك الأيام‏


تلك الأيام مثلما نباتات تفسخت في الشمس


من أشعة الشمس تفسخت‏


وضاعت تلك الأزقة التي‏


كانت سكرى من عطر الأكاسيا


ضاعت في شوارع اللاعودة

المليئة بالصخب


والبنت التي لونت خديها يوماً‏


بأوراق الشمعدان


الآن امرأة وحيدة‏


الآن امرأة وحيدة‏




ترجمة: ناطق عزيز - أحمد عبد الحسين

مخـتارات من كتاب: عمدني بنبيذ الأمواج

الناشر: (اتحاد الكتاب العرب)2000




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)