عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2011, 09:55 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



وفي ألمانيا حيث كانت التربة ممهدة وخصبة لاستقبال الترجمات عن الإسبانية، ظهرت في عام 1669 رواية الكاتب غريملزهاوزن «المغامر سمبليتسيسِموس تويتش» Der Abenteuerliche Simplicissimus Teutsch التي تبعتها روايات عدة في السياق نفسه. وفي فرنسا قدم لوساج بروايته «جيل بلا» (1715ـ1735) Gil Blas صورة شاملة واقعية لعصره، انطلاقاً من وجهة نظر الفئات الشعبية.

إن مدى تأثير أفكار رواية الشطار وأسلوبها وبنيتها في تطور الرواية الأوربية يتجلى في أعمال مهمة، من مثل «مغامرات الجندي الشجاع شفيك في الحرب العالمية الأولى» (1926) للتشيكي ياروسلاف هاشيك، و«تورتيا فلات» (1935) لجون ستاينبك، و«اعترافات الدجّال فيلِكس كرول» (1954) لتوماس مَن، و«طبل الصفيح» (1959) Die Blechtrommel للألماني غونتر غراس Gunther Grass و«آراء مهرج» (1963) لهاينريش بُل.



في إنكلترا أسس دانيَل ديفو بروايته «روبنسون كروزو» (1719) للنمط الأدبي التنويري الذي سمي «روبنسوناد» Robinsonade، حيث تمهد قصة البطل الفرد الغنية للإقناع بقدرة «الفرد المعزول» على تأسيس مجتمع برجوازي، بوصفه بداية تاريخ جديد، وقد استمر تأثير ديفو ومقلديه حتى القرن التاسع عشر. وفي تطور مواز وبالأهداف التنويرية نفسها برزت الرواية التربوية لدى فيلاند وك.ف. موريتس K.Ph.Moritz في روايته «أنطون رايزر» (1790) Anton Reiser ووصلت إلى ذروتها وتأثيرها العالمي في رواية غوته «سنوات تعلم فيلهلم مايستر» (1796) Wilhelm Meisters Lehrjahre.



وانطلاقاً من التفكير التنويري واليوطوبي utopian وتأسيساً على رواية «يوطوبيا» (1516) Utopia للإنكليزي توماس مور ظهرت في عدة دول أوربية وحتى نهايات القرن الثامن عشر روايات كثيرة تعالج الموضوع نفسه، أي المدينة / الدولة الفاضلة التي يديرها حاكم مستنير عادل. وكذلك كان الأمر عقب ظهور رواية «إميل» (1762) لروسو، فقد نُشرت في مختلف اللغات الأوربية روايات تستوحيها، في محاولة لبلورة الشروط الذاتية للمواطن المثالي.




ومع ما سبق ذكره، يمكن القول إن رواية الإنكليزي هنري فيلدينغ «توم جونز» (1749) ورواية «مغامرات رودريك راندوم» (1748) لمعاصره سموليت اللتين جعلتا من الفرد ابن الطبقة الوسطى مادة للتحليل الأدبي النفسي كانتا بداية تطور الرواية بمفهومها الحديث. وقد جرت هذه العملية المهمة بين رواية «باميلا» (1741) لرتشاردسون و«الرحلة العاطفية» (1768) للورنس سترن، وأدت أيضاً إلى بروز الرواية العاطفية التي ترددت أصداؤها في أنحاء أوروبا كافة، ولاسيما في حميمية رواية الرسائل؛ وهنا قام الأدب الألماني بدور الوسيط بين الآداب الأوربية، إذ قدمت رواية غوته «آلام الشاب فرتر» (1774) نموذجاً كلاسيكياً في هذا النوع الروائي، تمَثَله وطورَه عند منعطف القرن التاسع عشر كل من نوفاليس وتيك وبرنتانو وشاتوبريان وغيرهم. ففي روايات هؤلاء برز الفنان بحساسيته العالية إنساناً ذا قدرة كونية على الفعل، لكنه يأتي غالباً متقدماً عصره، مما يؤدي إلى إحباط فاعليته وانكساره داخلياً، وبهذا ظهرت رواية الفنان Künstlerroman فرعاً من الرواية التربوية التعليمية.



وفي مطلع القرن التاسع عشر ابتدع والتر سكوت الرواية التاريخية في أعمال مثل «ويفرلي» (1814) و«آيفانهو» (1819)، التي لاقت إقبالاً واسعاً واستجابة سريعة في أوروبا وأمريكا؛ فحذا حذوها روائيون كثر، أثبتوا دورها وتأثيرها الفاعل حتى نهاية القرن العشرين. إلا أن القرن التاسع عشر كان في المقام الأول حقبة تأسيس المجتمع البرجوازي/ الرأسمالي اقتصادياً وقانونياً، وفي الوقت نفسه حقبة تبلور الرواية الواقعية النقدية realistic critical novel المعدلة فكرياً عن الرواية الطبيعية naturalistic novel كما في أعمال الفرنسي إميل زولا، التي امتدت فاعليتها حتى نهاية القرن العشرين عالمياً.


وقد بدأت سماتها المميزة تتبلور في روايات الفرنسيين ستندال وبلزاك وفلوبير، مستمرة من دون انقطاع تقريباً حتى النصف الأول من القرن العشرين، حين تجلت في فرنسا تحديداً الرواية الواقعية ذات النزعة الاشتراكية كما في أعمال هنري باربوس H.Barbusse ولوي آراغون.


وفي إنكلترا ظهرت الرواية الواقعية على نحو خاص في المرحلة الممتدة بين ديكنز وغولزروثي، في حين تزامنت الواقعية النقدية في روسيا مع تيار الطبيعية. وكان من أبرز أعلام تلك المرحلة روائياً دستويفسكي وليف تولستوي وألكسندر تولستوي ونيكولاي غوغول. ومن أهم روائيي الواقعية الاشتراكية socialist realism في الاتحاد السوڤييتي السابق غوركي وشولوخوف وليونوف وبولغاكوف وغيرهم.


إن تأثير النماذج الروائية الأوربية قد أسهم، إلى حد كبير، في تطوير التجارب الروائية في أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية، وخاصة في القرن العشرين، ولاسيما على صعيد قضايا التحرر الوطني، وحركة مناهضة الهيمنة الإمبريالية، في دول ما سمي بالعالم الثالث؛ وقد حدث مثل هذا التأثير في بلدان متعددة في إفريقيا وآسيا، عن طريق ترجمة النماذج الروائية، إما عن اللغات الأصلية وإما عن لغات وسيطة، مثلما حدث في معظم البلدان العربية. وقد بلغ هذا التيار ذروته مع انتشار الأدب الثوري، على صعيد الشعر والرواية والمسرح خاصة، ومع التركيز على دور الطبقة العاملة، باعتبارها المحرك الرئيسي لتطور المجتمع على جميع الأصعدة، بتعاونها مع طبقة الفلاحين. وقد تحوّل عدد هائل من روايات هذا التيار إلى أفلام سينمائية كان لها تأثيرها آنذاك، سواء محلياً أو عالمياً. ومع التحولات السياسية التي عصفت بالعالم الثالث عامة وبالمعسكر الاشتراكي خاصة، انكفأت موجة الأدب الثوري لتحل محلها التيارات المنتشرة عالمياً، التي تروج لها أسواق النشر والإعلام المختلفة.



وقد كان للحربين العالميتين أثرهما العميق في الأدب، انعكس على نحو لافت في الكتابة الروائية التي عبرت عن انهيار القيم الوطنية والأخلاقية و الدينية وعن لاجدوى الحياة وهيمنة العبثية في العلاقات ما بين البشر. ومن الأسماء التي كان لها تأثيرها عالمياً على هذا الصعيد، التشيكي ـ الألماني كافكا والأخوان هاينريش وتوماس مَن وهاينريش بل، والسويسري ماكس فريش والإيرلنديان جويس وبيكيت، والألماني غونترغراس والفرنسيون سارتر وكامو وبروست وجيد ومالرو، والأمريكي همنغواي، والإنكليز غراهام غرين ووليم غولدينغ وسومرست موم ولورنس دَرِل والإيطاليون مورافيا وكورسيومالابارته وبيراندللو.


ومنذ ما بعد الحرب العالمية الثانية تشعبت أشكال الرواية وموضوعاتها وتقاناتها ووسائل تعبيرها في جميع أرجاء المعمورة بحيث صعب على الباحثين تصنيفها إلى مدارس وتيارات وصاروا يميلون إلى البحث في تجربة كل روائي على حدة، على الرغم من إطلاق تسميات عامة في محاولة لتسهيل البحث، كتسمية الرواية الجديدة Le Nouveau Roman التي جمعت بين الفرنسيين ألان روب غرييه A.Robbe-Grillet وميشيل بوتور M.Butor، أو كتسمية الواقعية السحرية magic realism التي جمعت بين عدد كبير من روائيي أمريكا اللاتينية من مثل كارلوس فوينتس في أعماله الأخيرة وخوليو كورتزار وماريو فارغارس لوسا M.F.Llosa وأستوياس وغابرييل غارثيا ماركيز G.G.Marquez.


ولاشك في أن الولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت التقاليد الأوربية قد أنجبت أعلاماً مهمين على صعيد الرواية كان لهم تأثيرهم وانتشارهم عالمياً، من مثل مارك توين وهنري جيمس وجاك لندن وثيودور درايسر وسنكليرلويس وسكوت فيتزجيرالد وجون دوس باسوس ووليم فوكنر، ونورمن ميلر وجيمس بولدوين وغيرهم. ومن بريطانيا لابد من ذكر وليم ثاكري وشارلوت برونتي وجورج إليوت وتوماس هاردي وجوزيف كونراد ود.هـ. لورنس وفرجينيا وولف وجورج أورويل.


وهناك من القارة الأفريقية عدد كبير من الروائيين الذين أسهموا على نحو مؤثر في تطوير الرواية فنياً ومعالجة قضاياهم القومية والإنسانية سواء من السكان البيض أو السود، من مثل دوريس ليسنغ وتوماس موفولو وألكس لاغوما وشِنوا أتشيبي Chinua Achebe، و وولِه شوينكا ونغوغي واتيونغو Ngugi wa Thiongo، وسيمبين أوسمان Sembene Ousmane ومونغو بيتي ونادين غوردمر.



ومن بين الروائيين الحديثين في اليابان لابد من ذكر تانيزاكي وكاواباتا وميشيما. ومن الهند هناك نارايان وراجا راو Raja Rao وبلاشاندرا راجان Balachandra Rajan. وثمة تجارب روائية لافتة قدمها عدد من روائيي القرن العشرين، من مثل جوفاني فرغا ودنونتسيو وسفيفو وكالفينو من إيطاليا، وسينكييفيتش وغومبروفيتش من بولونيا، وميلان كونديرا Milan Kundera من تشيكيا، وكازانتزاكيس من اليونان، وهامسُن من النروج ولاغرلوفمن السويد، ولاكسنس من إيسلندة، ويشار كمال وعزيز نِسين من تركيا، وجنكيز آيتماتوف J.Aitmatov من قيرقيزيا على سبيل الذكر لا الحصر.



وهناك مجموعة من الروائيين العرب (الأدب العربي) الذين كتبوا أعمالهم بلغات غير العربية، كالفرنسية مثلاً، لأسباب مختلفة، ومن أهمهم الجزائري محمد ديب والمغربي الطاهر بن جلون واللبناني أمين معلوف، وقد ترجمت معظم أعمالهم إلى العربية، فكان لها تأثيرها في سياق تطور الأدب العربي.



تقدم الرواية، بفضل قدرتها على مواكبة تاريخ حياة الإنسان حتى في معيشته اليومية والحميمية، الصورة الأكثر تفصيلاً ودقة وشمولاً عن الحياة في تباينها وتنوعها التاريخي والجغرافي والفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي. إن «شمولية رؤية العالم والحياة في الرواية» كما أبرزها هيغل في كتابه «علم الجمال» Ästhetik التي ينعكس في معطياتها الفردية تعدد وتنوع المادة الروائية ومغزاها بحيث تشكل المركز لكل ما يحيط بها»، تبيِّن حدود الاختلاف بين الرواية والأقصوصة novelle والقصة story والحكاية fable. وما يعمِّق هذه الحدود بصورة أوضح في المرحلة الأخيرة من القرن العشرين هو تفجر الشكل الروائي بلا حدود.



ترجمة: نبيل الحفار

الموسوعة العربية العالمية


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)