عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-2011, 10:15 PM
المشاركة 556
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
عبدالله المؤرخ الفرضي

النسابة المفلح الجذالين

نسبـه ومولـده
هو المؤرخ الفرضي النسّابة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله بن سعود بن مفلح بن دخيل بن جذلان بن محمد بن ناصر بن علي الكثيري اللامي الطائي, ولد في مدينة ليلى بمحافظة الأفلاج غرة شهر شعبان عام 1336هـ. اشتهر عند الناس بلقب " ابن عيسوب "، وهو لقب أطلقه جده عبدالله بن سعود على ابنه عبدالعزيز (والد الشيخ عبدالله)، وكان سبب إطلاقه عليه موافقة اسمه اسم رجل شجاع كريم من قحطان يقال له "عيسوب"، وكان ذلك عام 1305هـ تقريبـاً.

والده

أما والده فهو عبدالعزيز بن عبدالله (الأول) بن سعود بن مفلح الجذالين، ولد سنة 1301هـ في مدينة ليلى, قام برعايته جده الشيخ سعود بن مفلح
حيث مات أبوه وعمره إحدى عشرة سنة،


وقد طلب العلم على جده الشيخ سعود بن مفلح الجذالين (1248-1335هـ) فنبغ في الحديث والسيرة النبوية, كما أخذ منه علم التأريخ والفلك والحساب والأنساب فأجادها, وروى عنه تأريخ نجد والأفلاج - غير المدون – ، وقد رحل إلى الرياض في منتصف عمره ودرس على الشيخ حمد بن فارس، وطلب منه الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ القدوم إلى الرياض مرة أخرى ولكنه اعتذر – رحمه الله – لمرضه، توفي رحمه الله سنة 1362هـ وله من الأبناء اثنان:
1- الشيخ عبدالله (المؤرخ الفرضي النسابة)، ولد عام 1336هـ وتوفي عام 1415هـ.
2- محمد (وهو والد الشيخ عبدالعزيز والدكتور عبدالله المفلح الجذالين)، ولد عام 1347هـ وتوفي عام 1424هـ، وقد كان حافظاً لكتاب الله يجيد تلاوته بترتيل وفصاحة، محمود السيرة طـيّب السريرة متواضعاً في شؤونه كلها، عمل مؤذناً ثم إماماً ثلاثين سنة رحم الله الجميع
.

مراحل حياته

1- مرحلـة الطفولـة والنشـأة (1336 – 1353هـ):
نشأ الشيخ عبدالله في بيت علم وفضل وتقى، إذ كان والده من طلبة الشيخ سعود بن مفلح الجذالين، وقد اعتنى والده بتربيته فأدخله في الكتاتيب فتعلم القرآن الكريم وحفظ منه ما تيسر له كما أخذ شيئاً من مبادئ التوحيد والفقه في هذه المرحلة, وكان خلالها يعمل مع خاله ويرافقه في أسفاره إلى حوطة بني تميم وغيرها للتجارة, ومنه تعلم أمورا كثيرة في الحيـاة.

2- مرحلـة الشبـاب والترحـال ( 1353 – 1374هـ):

وقد بدأ هذه المرحلة بأول رحلة بعيدة عن بلده الأفلاج، وهي المشاركة في الجيش السعودي المتوجه إلى اليمن بقيادة الأمير محمد بن عبدالعزيز آل سعود عام 1353هـ. وفي عام 1355هـ رحل إلى الرياض لطلب العلم ثم رجع إلى الأفلاج. وفي عام 1357هـ رحل إلى الرياض مرة أخرى، وكانت هذه أطول من سابقتها حيث دخل مجلس الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، ولازم حلقته فترة من الزمن, وسمع من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية آنذاك، ومن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمهم الله جميعاً. وفي عام 1359هـ رجع إلى الأفلاج ويتزوج بها.
وقد رحل إلى مكة المكرمة أول مرة في عام 1360هـ لأداء فريضة الحج ومقابلة علماء مكة واقتناء بعض الكتب منها وخصوصاً التأريخية؛ لشغفه بالتأريخ منذ ذلك العهد, وكان خلال هذه الفترة يحاول العمل في الاحتطاب والزراعة لأجل الحصول على الرزق وما يعينه على طلب العلم
.

3- مرحلـة الاستقـرار ( 1374 إلى الوفـاة 1415هـ):

وبعد هذا الترحال والاغتراب في طلب العلم وطلب المعيشة اشتاقت نفسه إلى الاستقرار فالتحق بإحدى الوظائف الحكومية عام 1374هـ في مدينة ليلى. ولم يتوقف في هذه المرحلة عن طلب العلم بل استمر في اقتناء الكتب وقراءتها، كما واظب على حضور دروس العلماء والمشايخ ممن كان موجوداً في الأفلاج حينها؛ كالشيخ عبداللطيف بن محمد آل الشيخ, والشيخ عبدالرحمن بن سحمان. وبعد أن تمكن من عدة علوم كان أبرزها علم الفرائض والتاريخ والآثار والأنساب والفلك- كثرت وفود الناس عليه ففتح لهم قلبه وبيته, حتى تمكن من خدمة مجتمعه في قسمة المواريث ونشر العلم كالتاريخ والفلك وما إليها, وقصر جولاته على آثار الأفلاج خدمة للعلماء والباحثين الميدانيين والإعلاميين، وكان يقرن تلك الآثار بقصص أهلها وأخبار الماضين واللاحقين, متأملاً ومستمتعاً بالبحث والاطلاع.

ولا يكاد يمر باحث أو إعلامي بالمنطقة إلا ويزور الشيخ عبدالله، ويأخذ معه جولات عديدة في ربوع المنطقة والتجول بين معالمها الأثرية. ومن أهم هؤلاء الباحثين الشيخ عبدالله بن خميس في فترة تأليفه لمعجم اليمامة، والشيخ سعد الجنيدل، والدكتور إبراهيم المجادعة، والدكتور عبدالرحمن النشوان، وغيرهم كثير، وقد وانهالت عليه المكاتبات والمراسلات من كبار الأدباء والباحثين كالشيخ حمد الجاسر، والشيخ عبدالله بن خميس وغيرهما, وقد تم الحديث عن مراسلاته في كتاب: المؤرخ الفرضي من التأليف الشيخ عبدالعزيز المفلح، والدكتور عبدالله المفلح الجذالين

وفاتـه
في يوم الأربعاء الثاني عشر من شهر صفر عام 1415هـ استيقظ كعادته قبل الفجر للتهجد وصلى ما تيسر له، وبعد أذان الفجر ذهب للمسجد -وكان إماماً له - وأدى السنة الراتبة ثم جلس ينتظر الصلاة، يستغفر ويسبح ربه، وفي هذه الأثناء سقط على جنبه فهبّ جماعة المسجد لإسعافه، وبعد الوصول للمستشفى قرر الأطباء وفاته قبل وصوله إليهم, فقمنا بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه بعد صلاة الظهر في جامع أنس بن مالك (السديرية) بمدينة ليلى، وكانت جنازته جنازة مشهودة حضرها علماء البلد وقضاتها، وحشد كبير من الناس رجالاً ونساء, ونُشر خبر وفاته في صحيفة الجزيرة بتاريخ 13 / 2 / 1415هـ وقيلت في رثائه قصائد كثيرة
.




اهتمامه بالقراءة والتاريخ
كانت القراءة رافداً مهما ورئيسياً في حياته العلمية وطلبه للعلم، لاسيما وقد كان يمتلك- رحمه الله – ذاكرة قوية ودقة وضبطاً للمعلومة لا تتوفر إلا عند قليل من الناس، سواء الضبط الرقمي - وهو صاحب العقلية الرياضية الفذة - أو الضبط القصصي والتسلسلي للأحداث والأشخاص والأفكار، وقد كان يقول لتلاميذه: ما سمعت شيئاً أو قرأته إلا حفظته
.

ورغم أنه واجه صعوبات عديدة في الحصول على الكتب في أول حياته - يرسل من يعرف من الحجاج لشرائها من مكة - إلا أنه كون مكتبة جيدة حوت العديد من المصادر العلمية في علوم وفنون مختلفة
.

كان رحمه الله مهتماً بالتأريخ إلى حد كبير ، يمضي معظم وقته في الاطلاع على أمهات الكتب، ويقرأ عن جميع العصور منذ عصر الأمم البائدة والتاريخ العربي القديم إلى هذا العصر، كما قرأ عن جميع الحضارات والدول والشعوب ولاسيما في الجزيرة العربية واليمن والعراق والشام ومصر والمغرب العربي والأندلس .. أما نجد (قلب الجزيرة العربية) فقد حظيت بمزيد من الاهتمام في دراسة تأريخها وقبائلها وما وقع على أرضها من أحداث في قديم الزمان وحديثه, فكان كثيراً ما يقرأ عن هذا المنطقة لكونه نشأ على أرضها وعاش عليها آباؤه وأجداده فكان يبحث عن كل ما يتصل بها، مع أن نجداً قد عاشت فترات ضَعُفَتْ فيها الكتابةُ بل عاشت قروناً لم يكتب عنها شيءٌ يذكر
.

ومن أبرز الكتب التي كاد يحفظها: كتاب البداية والنهاية لابن كثير، والكامل في التاريخ لابن الأثير، وسير أعلام النبلاء للذهبي، والسيرة النبوية لابن هشام، وصفة جزيرة العرب للهمداني، وعيون الأخبار لابن قتيبـة، وسبائـك الذهـب في معرفة قبائل العرب للسويدي، وجمهـرة أنسـاب العرب لابن حزم الأنـدلـسي، وعنوان المجد لابن بشر، والمنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب للمغيري، وغيرها عشرات الكتب
.

وكما أن الشيخ عبدالله قد قرأ في كتب التاريخ القديم، فقد اهتم أيضا بقراءة كتب تاريخ نجد، فقد قرأ لعدد من مؤرخي نجد القدماء مثل: إبراهيم بن صالح بن عيسى، ومحمد بن ربيعة، ومحمد بن عبّاد، وأحمد بن منقور، ومحمد الفاخري، وابن غنام، وابن بشر ، والجبرتي، وابن عبيد وغيرهم
.
واهتم بكتابات بعض المعاصرين له وتحليلاتهم، فقرأ للشيخ حمد الجاسر ، وفؤاد حمزة، وابن بسام، وعبدالله بن خميس، وسعد الجنيدل، وأبي عبدالرحمن بن عقيل، ومحمد بهجت الأثري، وغيرهم ممن كتب عن تأريخ نجد عامة أو عن شيء منه
.

ولم يثنه ضعف بصره في آخر حياته عن القراءة والاستمرار عليها فقد كان يجد فيها الفائدة والأنسَ والمتعة معاً، وتشغل وقته بشكل يومي تقريباً قبل الظهر وبعده، وله جلسة معروفة للناس بعد صلاة المغرب من كل يوم في بيته استمرت أكثر من ثلاثين سنة يُجاب فيها على الأسئلة وتُبذل فيها المشورة، وتطرح فيها المسائل الفرضية، ويُقرأ فيها من كتبِ العلمِ فـي مختلـف المجـالات
.

مكانتـه العلميــة
لقد حظي الشيخ عبدالله بمكانة عالية عند الناس وعند الباحثين والمحققين, وشهد بفضله وقدره كبار المؤرخين والباحثين والأدباء – مما سنورد بعضه – ولقد تدفقت عليه أسئلتهم من كثير من مناطق المملكة في الفرائض والتأريخ والفلك والأنساب فكان يجيب عليها إجابة الواثق بطريقةٍ سهلةٍ ممتنعة, فهو يتميز - رحمه الله - بحُسْن عرضه وروعة تصويره للأحداث التاريخية وكأنه معهم في هذا الحدث أو ذاك، مما يضفي على حديثه متعة الاستماع مع قيمة الفائدة، وكثيراً ما يَفِدُ إليه رجالُ المنطقة ليسألوا عن أنسابهم أو تأريخ أجدادهم فيجيبهم بدقة وتسلسل, أو لينالوا معلومات متفرقة فرضية كانت أو فلكية, كما كان المزارعون يردون إليه كثيراً ليسألوا عن مواعيد الزراعة وحساب النجوم والطوالع؛ ولذلك فقد كان -رحمه الله- مقصد الباحثين والإعلاميين والأكاديميين من داخل المحافظة أو خارجها من الزائرين
.

وله مشاركاتٌ إعلامية في عدد من الصحف والمجلات: كمجلة العرب، ومجلة قافلة الزيت، ومجلة الفيصل، والمجلة العربية، ومجلة الشرق، وصحيفة الرياض والجزيرة ومجلة العرب وغيرها .. كما أن له اتصالات وثيقة ومراسلات لعلماء عصره وقد ذكر كل ذلك في الكتاب عن حياته الذي بعنوان: المؤرخ الفرضي النسابة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز المفلح الجذالين حياته وآثاره من تأليف الشيخ عبدالعزيز المفلح والدكتور عبدالله المفلح الجذالين


شخصيتـه وأخلاقـه
إن الحديث عن صفات الرجال الأفذاذ قد يظنه البعض ضرباً من الخيال والمبالغة أو المحاباة والمجاملة .. ولكن الحديث عن شيخنا ليس كذلك بل لن نذكر إلا ما اشتُهر عنه وعرفه الناس به من صفات وأخلاق وسمات
.


أولاً: الصفات الشخصية:

لقد كان رحمه الله متواضعاً مع الصغير والكبير, وكان حليماً لا يغضب آخذاً بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن الغاضب يأتيه فيهدأ حينما يحدثه, لقد كان رحيماً بالضعفاء والمساكين يخدمهم ويطعمهم, رحيماً بالأطفال متودداً إليهم, ولقد رأيناه كثيراً ما يداعب الأطفال من أبنائه وأحفاده ويأنس بهم, ويعامل الفتيان معاملة الرجال لا معاملة الصغار ولو لم يبلغوا الحلم.

كان - رحمه الله - يتصف بنقاء السّريرة فلا يحمل حقداً ولا ضغينةً على أحد, ولا يمكن أن يؤذي أحداً بل يصفح عن الآخرين ويعفو , متسامحاً محسناً الظن بالناس

كما كان الشيخ عبدالله منظّماً في حياته؛ في وقته وقراءته وأكله ونومه وخروجه وصلاته وعلاقاته, وكان كريماً زاهداً في هذه الدنيا فلم يتعلق قلبه بها لمعرفته بمنزلتها من الآخرة
.

كان رحمه الله قوي التوكل, لا يضطرب حينما يسمع الأحداث, فلا يتزعزع لحادثات الليالي والأيام لقوة توكله واعتماده على ربه, ولقوة صبره وتحمله ويقينه .. وكيف يضطرب وهو الذي قد حوى ما في التأريخ من أحداث وأحوال, فالأحداث والمواقف تملأ مخيلته وهو العارف بالأيام وما تحمله, ومن قرأ واستوعب كتاب البداية والنهاية لابن كثير وغيره من كتب التاريخ كان أكثر حكمة ونضجا في التعامل مع الأحوال والظروف
.

كان – رحمه الله – تقياً عابداً قوّاماً لليل كثير التهجد والصلاة, كما قال عنه الأديب الشاعر عبدالله بن محسن آل لحيان في قصيدته


كان - رحمه الله - يحب خدمة الآخرين لاسيما الأقرباء والجيران، فكان يلبي طلباتهم ويقضي حوائجهم, ويقرض محتاجهم ويعطف على صغيرهم ومريضهم, يحب زيارة المرضى والدعاء لهم ابتغاء الأجر والثواب, كان واصلاً لرحمه, يزورهم ويتواصل معهم ويدعوهم لزيارته. ومن اهتمامه بأرحامه أنْ أخذ عمة والده لطيفة بنت الشيخ سعود بن مفلح إلى بيته آخر خمس سنوات من عمرها، وبقيت عنده إلى أن توفيت رحمها الله تعالى. كما كان قوي الصلة بخالاته وعماته وأعمامه, وكانت صلته بأخيه (والدنا رحمه الله) قوية إلى حد كبير فكان محبوباً لدى الجميع يأنسون بآرائه وحديثه ومجلسه
.

وقد كان بيته مفتوحاً طوال اليوم، وكثيراً ما تحصل خلافات بين أب وابنه أو زوجة وزوجها فيذهب أحدهما إلى الشيخ عبدالله طالباً تنفيس كربته وحل مشكلته والتدخل في أمـره. ولا نعرف أنه دخل في مشكلة أو خصومة مع أحد طيلة حياتنا معه خلال أكثر من خمسة وثلاثين عاماً
.

كان – رحمه الله – ذا منهج واضح, صادقاً مع ربه ونفسه لا يحابي أحداً، ولا يستغفله أحد، ولا يخادع ولا يكذب , ولا يغش , مرتب في دخله المالي ومصاريفه الشهرية والسنوية بحيث لا يلجأ إلى الديون التي تجعله يحتاج إلى الآخرين, لا يحب الاقتراض من أحد، بل لقد كان في شبابه يكدح ويتعب بحثاً عن لقمة العيش الحلال؛ فعمل في الاحتطاب على الجمال وعمل في الزراعة؛ فزرع في ليلى وخاصة في الحزيمي وأم أثله وزرع في أوسيلة، وباع واشترى، وكان له نخل في السيح يذهب له كل شهر , وربما أقام شهرين هناك في وقت الصيف (المقياظ)، وكان أغلب أهل ليلى ممن كان لهم نخل يفعلون ذلك في شدة القيظ
.

وحينما اشتهر بين الناس بقسمة المواريث (الفرائض)، والاهتمام بالآثار ومواسم الغرس والبذر عُرض عليه تولِّي عدد من المسؤوليات في بعض الدوائر الحكومية. فقد عَرض عليه قاضي الأفلاج الشيخ عبدالرحمن بن سحمان العمل في النظارة وقسمة الأراضي والمواريث في المحكمة, وعَرض عليه الشيخ محمد بن علي آل زنان العمل قي قسم الآثار بإدارة التعليم, وعَرض عليه مدير الزراعة العمل في فرع الزراعة لمعرفته بالمواسم ومواعيد الغرس والبذور ... ولم يرغب شيئاً من ذلك – رغم عدم تأييد بعض المقربين منه - حرصاً منه على أن يكون ما يقدمه للناس خالصاً لوجه الله، وأن يكون عمله احتسابا دون أجر إلا من الله تعالى، وأن لا يرتبط بما قد يُقيِّد خدمته لجميع فئات الناس
.
كان – رحمه الله – يعترف بعيوبه وقد يعدها هو عيوباً وربما ليست بعيوب
.
ومن ذا الذي تُرضى سجايـاه كلُّهـا كفى المـرءَ نُبـلاً أن تُعـدّ معايبُـهْ


وقد كان يتفانى في خدمة الضعفاء والمحتاجين، ولذلك فقد كُلف لسنوات طويلة من قبل المحكمة والإمارة (المحافظة) بتوزيع الزكاة والصدقات السنوية على فقراء مدينة ليلى، يتتبعهم في منازلهم ويقدم لهم نصيباً مما كلف بتوزيعه، وكثيراً ما رأيناه يطوف البيوت ويطرقها على أهلها خاصة النساء والأرامل، ومن دقته في التوزيع أنه لا يقبل أن يأتي أحد من المحتاجين إلى بيته حتى لا يشعرهم بمذلة الأخذ من الآخرين؛ لإيمانه أنها حق لهم، والحقوق يجب أن تصلهم في منازلهم لا أن يأتوا لأخذها، إضافة إلى أنه يريد أن لا يأخذ منه أحد – خاصة من النساء لإمكانية عدم معرفته بهن- أكثر من مرة.

وكان يُعْطي كلَّ ذي حقٍ حقه، ويُنزل الناسَ منازلهم, يفرح إذا احتاج إليه أحد في مال أو علم أو موقف، لا فرحاً في احتياج الناس وعوزهم وإنما الفرح لأن حاجتهم تُقضى على يديه
.

وقد كان الشيخ يتمتع بعلاقات طيبة مع جميع الناس، وله خاصته وأصدقاؤه المقربون منه، فعلاقته بجميع أعمامه وأبناء عمومته في (قصر آل مفلح) في مدينة ليلى (أو ما سمي فيما بعد بـ حارة آل فالح) علاقة مودة واحترام وتقدير ، ولسعة صدره واهتمامه بالجميع وعلمه وقدره وفضله التفَّ حوله الجذالين جميعا منذ عام 1380هـ إلى وفاته رحمه الله - وإن لم يكن هو أكبرهم في تلك الفترة - فصاروا يأنسون بمجلسه وحديثه والقرب منه، وكان هو يفرح بقربهم ورعاية صغيرهم وكبيرهم، وقد كان عمه إبراهيم بن الشيخ سعود بن مفلح يتردد على مجلسه يومياً لسماع أحداث التاريخ وعبره
.

وقد كان هناك مجلس يجتمع فيه الشيخ عبدالله مع عدد من الأقارب والأرحام يقال له (القرينة)، وممن كان يحضره الشيخ زيد بن محمد آل فالح الجذالين، والشيخ ناصر بن عبدالرحمن آل بشر، والشيخ إبراهيم بن سعد آل فالح الجذالين، والشيخ صالح بن غيث، وصالح بن سعود آل فهيد، ووالدنا محمد بن عبدالعزيز آل مفلح الجذالين.