الصفات المتناقضة في المتقين إن علياً ( عليه السلام ) يذكر الصفات المتناقضة في نفوس المتقين .. يقول (عليه السلام ) مثلاً : ( وَحَزْماً فِي لِينٍ ) ؛ الحزم لا يتناسب مع اللين : فالإنسان اللين ليس بحازم ، والإنسان الحازم ليس بلين .. ولكن المتقي يجمع بين هاتين الصفتين. إن الشيطان ماكر ، يشغل الإنسان بعدة طرق: أولاً : يشغله بالحرام عن الواجب .. مثلاً : بدل أن يصلي ، يستمع للغناء . ثانياً : إذا صار قوياً ، يشغله بالمكروه عن المستحب .. مثلاً : المستحب أن يصلي النوافل بين الطلوعين، فيشغله بالمكروهات وهو النوم بين الطلوعين . ثالثاً : وإذا لم يقدر عليه ، فإنه يشغله بالمباحات عن المستحبات .. مثلاً : بدل أن يقرأ القرآن ؛ يقرأ مقالاً لا ينفعه لا دنيا ولا آخرة . رابعاً : إذا يأس من ذلك كله ، فإنه يشغله بالمستحب عن المستحب .. مثلاً : هذا الوقت يستحب فيه عيادة مريض من أصدقائه أو أرحامه ؛ فيقول له : اقرأ القرآن الآن !.. فإذن ، إن الشيطان له طرقه في شغل الإنسان ، لهذا يجب أن يكون الإنسان حذراً في هذا المجال !.. ( إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيمَا تَكْرَهُ ، لَمْ يُعْطِهَا سُؤْلَهَا فِيمَا تُحِبُّ ) .. هنا إشارة إلى قانون المعاقبة عند علي ( عليه السلام ) ، ففي المدارس وغير المدارس : دائماً العمل الجيد فيه مكافأة ، والعمل السيئ أيضاً فيه حرمان ، ولو من الدرجات التشويقية .. فالذي يشتكي من فوات صلاة الفجر ، لو وضع قانوناً وقام بتنفيذه ، فإنه سيقضي على هذه المشكلة .. مثلاً : إذا عاهد نفسه أنه إذا لم يستيقظ لصلاة الفجر ؛ سيصوم في ذلك اليوم ؛ فإن هذا من الصعب جداً أن لا يستيقظ للصلاة مرة أخرى ؛ لأنه يعرف أن هناك حرماناً !.. هذا قانون جيد ، ولكن ينبغي تطبيقه بحذر !.. لأن البعض يطبق قانون المعاقبة ، فينفر من الدين ، وخاصة الصغار في السن . ( إِنْ كَانَ فِي الْغَافِلِينَ ؛ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ ) .. إنها صفة جداً جميلة !.. فالمتقي أينما كان ، حتى لو كان في مواطن الغفلة : الأسواق ، أو الأعراس ، أو الدواوين اللاهية ؛ هو بين الغافلين ، ولكنه لا يكتب في الغافلين ؛ بل يُكتب في الذاكرين .. تارة يكون من الذاكرين وهو في الطواف ، فهنا الجو العام يساعد على ذلك ، وكذلك في شهر رمضان .. ولكن في الأعراس الناس في صخب ، ولعلهم في حال حرام ؛ بينما هو يعيش في ذكر دائم . ( وَإِنْ كَانَ فِي الذَّاكِرِينَ ؛ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ ) .. قد يكون الإنسان في الذاكرين ، ولكنه يُكتب من الغافلين ، مثلاً : البعض يحمل بيده السبحة ، ويذكر الله - عز وجل - ولكن عينه على مباراة في التلفاز ؛ فهذا إنسان : لسانه ذاكر ، ولكن قلبه غافل .. بينما المتقي قلبه مطابق للسانه ؛ وهذا هو عماد الذكر. *************************************** 23 12 2010