الموضوع
:
[ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ " ................. ]
عرض مشاركة واحدة
12-20-2010, 06:38 AM
المشاركة
110
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 4
تاريخ الإنضمام :
Dec 2009
رقم العضوية :
8249
المشاركات:
29,962
الموائد المعنوية للمتقين
إن أمير المؤمنين (عليه السلام ) في نهج البلاغة ، يصف المتقين بصفات ، ينبغي للمؤمن بين وقت وآخر ، أن يرى نسبة انطباق هذه الصفات عليه ؛ لأن كل هذه الصفات لا تجتمع عادة في شخص واحد ..
ولكن لينظر إلى النسبة المئوية ، فبدرجة التأسي يكون موالياً لهم .
(
مُفْتَرِشُونَ لِجَبَاهِهِمْ ، وَأَكُفِّهِمْ ، وَرُكَبِهِمْ ، وَأَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ
)
إن المؤمن على المائدة المعنوية ، شأنه شأن الإنسان الجالس على المائدة المادية .. إذ أنه عندما يجلس الإنسان على المائدة المتنوعة ، يأكل ما يشتهيه .. والمائدة المعنوية أيضاً مائدة ممدودة ، والإنسان الذي يستيقظ في جوف الليل ، إذا كان يغلب عليه الميل لقراءة القرآن مثلاً ؛ يكون معظم الوقت في تلاوة القرآن ..
والذي يغلب عليه الميل لقراءة الدعاء ، يأخذ نصيبه منه ..
والذي يغلب عليه الميل لصلاة الليل ، يصلي .. ولكن صلاة الليل في الحد الأدنى ؛ لابد منها ..
البعض يستيقظ ويبقى في فراشه متأملاً في خلق السموات والأر ض، مدّعياً التعبد ؛ هذا إغواء من الشيطان الرجيم .. فصلاة الليل لها حكم خاص :
إذا كان الإنسان متعباً ، أو مريضاً ، أو كان الوقت ضيقاً ؛ فبإمكانه أن يختصر الصلاة إلى ثلاث ركعات : ركعتي الشفع وركعة الوتر ، ومن دون سورة ؛ لأن السورة في المستحبات ليست واجبة ، إذ يكفي قراءة الحمد .. وعليه ، فإن الإنسان بإمكانه أن يصلي صلاة الليل قبل آذان الفجر بخمس دقائق ، ويكتب في ديوان قائمي الليل .
إن المؤمن في جوف الليل ، له ثلاثة برامج :
صلاة الليل ، وتلاوة القرآن ، والسجود
..
وللسجود معان كثيرة :
عن النبي الأكرم ( صلى الله ُعليه و آله وسلم ):
(
أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ؛ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ
) !..
ورب العالمين يحدث عبده وهو ساجد .. أما كيف يحدثه ؛ فإن له طرقه الخاصة !.. فهذه أم موسى ( عليه السلام ) لم تكن نبياً أو إماماً ، ومع ذلك فإن رب العالمين أوحى إليها ، فالأمر بيده !..
{
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ
}
لذا ، فإن المؤمن عندما يسجد ، يطلب من رب العالمين المدد الغيبي .
(
يَطْلُبُون إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - فِي فَكَاكِ رِقَابِهِمْ
)
هؤلاء يطلبون من الله - عز وجل - في جوف الليل فكاك رقابهم.. لم يقل : فكاك رقابهم من نار جهنم ، يبدو أن هؤلاء لهم هاجس أكبر من نار جهنم !.. فالمؤمن يقضي سنوات طويلة في عبادة الله - عز وجل - ومع ذلك يخاف من نار جهنم ؛ ولكن البعض يصل إلى درجة يكون فيها مطمئناً إلى أن رب العالمين لن يدخله النار .
فإذن ، إن فكاك الرقاب الذي يطلبونه ، هو من غضب الله - عز وجل - ومن إعراض الله - عز وجل - عنهم .. مثلاً :
الإنسان الذي يسهر فيما لا يحرم وما لا يجمل - ليس حراما - ولكنه سهر على الباطل ، فبسبب هذا اللغو رب العالمين يعرض عنه ..
(
... لو ملتُ بوجهي عنه ؛ لمال بوجهه عني .. أفمن يُرى راحما بعده
) ؟!..
هذه معادلة : أي إذا أنا صرفت النظر عن ربي ؛ فإن رب العالمين يصرف النظر عني ..
بعض الناس ليسوا من أهل جهنم ، ولكن رب العالمين أيضاً لا يلتفت إليهم ؛ لأنهم مشغولون بالأباطيل ، وما لا طائل منه .
إن المؤمن بين خوفين : إما الخوف من النار في أوائل أمره ، أو الخوف من إعراض الله - عز وجل - في نهايات أمره ؛ وهذا الخوف يبقى إلى ساعة الموت ..
فالإنسان مهما بلغ يبقى خائفاً ؛ لأنه لا يعلم هل الله - عز وجل - راضٍ ٍ عنه ، أم لا !.. مثلاً :
هناك أب عنده ثلاثة أولاد : يحب أحدهم كثيراً ؛ لأنه مطيع ويرضى عنه .. وهناك ولد مشاكس ؛ فإنه يغضب عليه .. وهناك ولد ليس فيه خير، وليس فيه شر ؛ فإنه لا يلتفت إليه .
وعليه ، فإن الناس ثلاثة أصناف ، ومعظم الناس يندرج تحت الصنف الثالث .. لذا ، فإن النبي الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) كان يدعو بهذا الدعاء دائماً :
(
لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبداً
) !..
بعض الناس رب العالمين أوكل أمرهم إلى أنفسهم : لا غضب ، ولا رعاية .. وهذه أيضاً كارثة : أن يكون الإنسان مهملاً في هذه الدنيا لا ولي له ، يقول تعالى :
{
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
}
فإذا لم يكن الإنسان مؤمناً ؛ فهو لا ولي له .
__________________________________________________ _____________________________________________
20
12
2010
رد مع الإقتباس