عرض مشاركة واحدة
قديم 10-30-2010, 09:53 PM
المشاركة 63
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ورغم أنها الأم الرءوم لإسرائيل ,
فقد أثبت التاريخ أيضا أن أهداف إسرائيل التوسعية لا تملك الولايات المتحدة عليها سلطانا فيها بدليل أن موشي ديان في حرب يونيو 67 م اعتزم نقض اتفاقه مع الرئيس الأمريكى ليندون جونسون بعدم اجتياح الضفة الغربية والقدس , ولكن موشي ديان قام بدم بارد وأعصاب هادئة بضرب سفينة المراقبة ( ليبرتى ) في البحر المتوسط حتى لا تكشف أنه اجتاح الضفة الغربية دون أن يحاول الملك حسين التدخل ابتداء في المعارك ,
وحتى لا تكشف السفينة أن القوات الإسرائيلية دخلت الضفة الغربية من تلقاء نفسها دون مبادرة هجوم من الجيش الأردنى كان قرار ديان بإغراق السفينة الأمريكية بأوامر مباشرة منه ثم قدم اعتذارا لجونسون على اعتبار أنه خطأ عسكري[1]
وفى أثناء أزمة وقف إطلاق النار أنذر هنرى كيسنجر السفير الإسرائيلي سيمحا دونتز بأن الوضع لم يعد يحتمل والمواجهة السوفياتية الأمريكية على وشك الوقوع بسبب تحدى إسرائيل للإرادة الدولية وعدم التزامها بوقف إطلاق النار ,
قامت جولدا مائير بتجاهل تحذير كيسنجر وأبلغته بحاجتها لهذا الخرق الذى استمر أياما ولم تحفل بما قاله فما كان منه إلا أن عاد لمجموعة العمل في البيت الأبيض واتخذ قراره بتصعيد المواجهة مع الإتحاد السوفياتى ولم يستمر في الضغط على جولدا مائير حتى أعلنت جولدا مائير قبولها الفعلى للقرارين 239 و240 بالوقف الفعلى لإطلاق النار

فكيف يمكن أن نتصور إسرائيل تترك الفرصة تفلت من يدها إذا كانت تملك حقا تحقيق أى انتصار من عملية الثغرة يعيد لها بعضا من الخسائر الفادحة التي تكبدتها ؟!
وكيف يمكن أن نقتنع بأن جولدا مائير قبلت سحب قواتها من غرب القناة دون تحقيق أية مكاسب من العملية على الأرض لولا أنها كانت بالفعل قوات مهددة بالإبادة كما توعدها المصريون ؟!

رابعا : الإعترافات الإسرائيلية والأمريكية بفشل إسرائيل في عملية الثغرة تسربت من بين الإدعاءات بنجاحها , فى مزيج غريب يبين كم أن حبل الكذب قصير !
فمثلا هنرى كيسنجر الذى يذكر في مذكراته أنه تدخل لدى جولدا مائير كى يقنعها بألا تحقق إنتصارا ساحقا على العرب حتى يمكن لهم قبول المفاوضات من مركز مشرف !
كان هو نفسه القائل لموشي ديان أثناء مؤتمر السلام الدولى بجنيف عام 1974 م بألا يطمح فوق ما يتصور وذلك ردا على إدعاء ديان أنهم يملكون أوراق للتفاوض والضغط بوضع القوات الإسرائيلية في غرب القناة وأنه لولا كيسنجر لتمكنت القوات من تحقيق المكاسب المطلوبة ! وهو ما نفاه كيسنجر وسخر من ديان سخرية مبطنة وقال له ما معناه أن القوات كانت معرضة للإبادة لولا تدخله الشخصي[2]
مما يشي بوضوح بحقيقة اقتناع كيسنجر ومخالفته لما قال فى مذكراته حول النصر الإسرائيلي وهو الأمر الذى اتضح فى جلاء من ممارسات كيسنجر العملية سواء بتدخله لدى السادات لمنعه من تدمير قوات الثغرة أو تعهده الشخصي للسادات أنه يضمن له استجابة إسرائيل لشروطه كلها بعد أن استجاب له السادات ومنعه من تحقيق إنتصار كامل على إسرائيل ,
وتعبير تحقيق انتصار كامل على إسرائيل كان هو تعبير كيسنجر نفسه [3]
ويضاف إلى ذلك شهادة كيسنجر الصريحة أن إسرائيل هى من توسلت لوقف إطلاق النار بغرض استغلاله وخرقه فيما بعد لمحاولة تحقيق أى مكسب وهى الشهادة التي نقلناها من مذكرات كيسنجر في الفصول السابقة عندما تحدث عن زيارته لإسرائيل يوم 22 أكتوبر واكتشف حالة الإنهيار البادية على جولدا مائير نفسها ووزرائها بل وأفراد الشعب الذين صفقوا له في الطريق انتظارا لما سيبذله من جهد لتحقيق وقف إطلاق النار [4]
فمن نصدق يا ترى ؟!
حديث كيسنجر الأول الذى كان يوحى فيه بالنصر الإسرائيلي أم حديثه الفعلى عن زيارته يوم 22 أكتوبر أى في نفس الوقت الذى يدعى فيه أن إسرائيل كادت أن تحقق مكسبا ,
فضلا على أن أشار ـ عن غير قصد ـ لحالة الإنهيار التي كانت تعيشها جولدا مائير رغم أنها في نفس الوقت كانت تطلق تصريحاتها للإعلام حول نجاح قواتها في غرب القناة ؟!

فضلا على ذلك شهادة موشي ديان نفسه والذي انتابه الرعب طيلة مراحل تنفيذ عملية الثغرة وصرح للمجلس العسكري بإلغاء العملية حتى لا يذبح المصريون رجالهم على الشاطئ الآخر , وهو الأمر الذى رفضه دافيد إليعازر وأصر على الإستمرار رغم الخسائر ولم يتدخل ديان على عادته في تلك الحرب , تهربا من مسئولية الحساب السياسي
ثم عاد ديان ووضع شهادته على الصورة المرعبة التي رآها في آثار معركة المزرعة الصينية والتى سماها له أحد ضباطه بمزرعة الموت أو وادى الموت وقال فيها ديان :
( وأنا أتأمل الأشلاء والدماء والحطام أخذت أتحسس العلامات على المعدات والأفراد لعلى لا أجد علامة الجيش الإسرائيلي غير أنى وجدت الكثير منها , ورغم أنى شاهدت أبشع مناظر الحروب من قبل إلا أننى لم أقع على مثل هذا المنظر المرعب )
وفى حديث صحفي لموشي ديان بعد الحرب قال ما نصه بالحرف :
( في الواقع كانت الأمور على غير ما نتوقعه فلم نستطع بناء الجسور على القناة وكانت الخسائر بالنسبة لنا غير متوقعة )
وشهد المفكر العسكري الأمريكى ديبويه في كتابه ( النصر المراوغ ) أن إسرائيل أوقعت نفسها في مأزق عنيف بعملية الثغرة وأنها منحت المصريين فرصة تطويل الحرب على حسابها وخاضت إسرائيل معركة خاسرة بكل المقاييس واضطرت للإنسحاب بعد أن أنقذها تدخل الولايات المتحدة الأمريكية ,


الهوامش :
[1]ـ سر ليبرتى ـ جيمس أنس ـ المعهد الدولى للأبحاث
[2]ـ محاورات هنرى كيسنجر مع وزير الخارجية المصري إسماعيل فهمى أثناء مؤتمر جنيف ـ كتاب المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ـ محمد حسنين هيكل ـ الجزء الثانى ـ دار الشروق
[3] ـ المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ـ الجزء الثانى ـ مصدر سابق
[4] ـ مذكرات هنرى كيسنجر ( سنوات الفوران ) ـ الجزء الثانى ـ الطبعة العربية