عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2010, 03:10 PM
المشاركة 49
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وكانت مواضع الوحدات الإدارية الخلفية موضوعة في هذا المكان على اعتبار أمانها الكامل من قوات العدو وكانت بها الوحدات الإدارية بالإضافة إلى اللوريات والمركبات ومنصات الإطلاق لصواريخ الدفاع الجوى ,
ورغم الفرصة التي سنحت للواء المدرع الإسرائيلي باعتبار أن نقطة هجومه كانت في أضعف المناطق الدفاعية بالنسبة للجيش الثانى بالإضافة إلى أن هجومها كان سيستهدف المناطق الحساسة إلا أن النيران التي فتحتها كتيبتى المدرعات التابعتان للفرقة 21 المدرعة على اللواء الإسرائيلي نجحت في رد القوات الإسرائيلية إلى الجنوب بعد تكبدها خسائر فادحة ,

ولكن كل هذه الخسائر الإسرائيلية في المعركتين السابقتين كانت أقل كثيرا من المعركة الكبري التي جرت بعد ارتداد اللواء المدرع الإسرائيلي أمام دفاعات كتائب الفرقة 21 وهى المعركة المعروفة باسم ( معركة المزرعة الصينية ) وقد أوضح المؤرخ العسكري جماد حماد في كتابه ( المعارك الحربية على الجبهة المصرية ) أن مسمى المزرعة الصينية هو المسمى للإسرائيلي لمنطقة قرية الجلاء ,
ونظرا لأن المعركة تعتبر من عيون الإنتصارات المصرية فقد نقل المؤرخ جماد حماد وصف المعركة من المراجع الإسرائيلية والذي ننقله بدورنا هنا منعا لأى تحيز أو مبالغة ,
فعقب فشل لواء آمنون المدرع في مهمته وهى تأمين نقطة العبور بالإستيلاء على النقطة الحيوية ( تقاطع طريق طرطور مع الطريق العرضي رقم 1 )
صدر الأمر إلى الماجور ناثان قائد كتيبة مشاة ميكانيكى مدعمة بسرية دبابات لمهاجمة نقطة تقاطع الطرق ,
وتقدمت سرية الدبابات في المقدمة كمفرزة أمامية وتبعتها العربات المدرعة , ولم تلبث العربات أن فوجئت بأن سرية الدبابات تم تدميرها عن آخرها وحطامها تملأ الطريق ,
وقبل أن يفيق رتل العربات المدرعة من المفاجأة انهالت عليه النيران من حيث لا يدرى مما أرغمها على التوقف وأفاد قائدها هاليفي أنه لا يستطيع التحرك وأنه أصيب بخسائر جسيمة ,
وعندما تقدمت باقي العربات المدرعة لنجدة هاليفي تعرضت لنفس التدمير بعد أن باتت المنطقة مركزا لضربات النيران المصرية شديدة التأثير ,
وهكذا سقطت كتيبة المشاة الميكانيكى المدعمة بسرية دبابات في فخ محكم في قطاع اللواء 16 مشاة واضطر الجنود إلى الفرار من عرباتهم تاركينها لمصيرها وهرب قائد الكتيبة بنفسه وتم إنقاذه بأعجوبة

وبعد هذه النتيجة المخزية فكر آمنون قائد اللواء المدرع في وسيلة لإنقاذ العربات المدرعة المتورطة في الأمام وهكذا خصص سرية دبابات أخرى اندفعت تجاه العربات المدرعة المتورطة عند قرية الجلاء ولم تكد الدبابات الإسرائيلية تتقدم إلىالمنطقة حتى انهالت عليها قذائف البازوكا والآر بي جى 7 مما أرغمها على الإنسحاب دون أن تنجح في إنقاذ أحد , رغم أن ناثان قائد الكتيبة المشاة الميكانيكية أخذ يناشد قائده آمنون التدخل لإنقاذ باقي كتيبته ,
ولم يكن ناثان يدرك أن قائده آمنون نفسه قد تورط في فخ آخر وأنه يصارع الموت مع بقية وحدات لوائه الذى مُنى بخسائر فادحة ,
وعندما شعر قائد الكتيبة باليأس قرر حمل جرحاه والفرار بنفسه بعيدا عن المعركة وعندما أخذ في التحرك البطيئ وراء خطوطهم فوجئ بقوة من الفرقة 21 المدرعة أمامهم ولم تلبث تلك القوة أن أبادتهم جميعا عن آخرهم ,
ورغم الخسائر العنيفة التي حاقت بالقوات الإسرائيلية
فإن آمنون حاول مجددا الإستيلاء على موقع تقاطع الطرق وأمر أحد ضباطه بأن يقوم بتكرار الهجوم باستخدام كتيبة دبابات من ناحية الغرب لعله يفلت من المقاومة المصرية العنيفة ,
ولكن قائد الكتيبة الجديدة نفسه الماجور بروم قتل على مسافة 30 مترا من المواقع المصرية ومنيت دباباته بخسائر جسيمة فقام آمنون بإرسال سرية دبابات أخرى بقيادة الماجور إيتان للهجوم من ناحية الجنوب فلم تلبث أن لحقت هذه السرية بمن سبقها
وفشل الهجوم للمرة الثالثة
هذا الوصف السابق كله لمعركة المزرعة الصينية هو وصف إسرائيلي صرف لأحداث المعركة وهو يكفي فخرا لوحدات الفرقة 21 المدرعة واللواء 16 مشاة ,

وهكذا فشل شارون الذى يتبعه اللواء المدرع بقيادة آمنون في مهمته الرئيسية لتأمين معبر الدفرسوار ,
وكان ثمن الفشل باهظا بكل المقاييس حتى أن آمنون نفسه قائد اللواء عندما صعد إلى تبة مرتفعة تطل على أرض المعركة أفزعه منظر الأرض وهى مغطاة بأشلاء الدبابات والعربات المدرعة وجثث القتلى من جنوده ,
وعندما وصلت الأنباء للقيادة الإسرائيلية كادت تلغي العملية كلها للمرة الثانية واقترح موشي ديان أن يسحبوا لواء المظلات العابر قبل أن يذبحه المصريون إذا اكتشفوا موقعه غير أن جونين وإليعازر ـ رغم الخسائر ـ أصروا على الإستمرار ,
ولما كان الإستمرار لا يعنى شيئا دون الإستيلاء على موقع تقاطر الطرق فقد أصدر شارون أوامره لآمنون بتكرار الهجوم بطريقة جديدة على نفس المنطقة بعد أن قام بدعمه بكتيبتى دبابات عقب الخسائر التي دمرت لواء آمنون ولم يتبق له إلا 27 دبابة بعد القتال البطولى الذى قامت به الوحدات المصرية المتمركزة في منطقة تقاطع الطرق ,
وآثر آمنون ألا يتقدم للهجوم مباشرة كما في المرات الثلاث السابقة والتى خسر فيها معظم دباباته والنسبة الأكبر من ضباطه وجنوده ولهذا لجأ إلى معركة استنزاف عن طريق الضرب المباشر من بعيد مستغلا التعب الذى حاق بالقوة المصرية المدافعة ونقص الذخيرة الفادح بها ,
فانسحبت القوة المصرية من أماكنها بعد وصول تعزيزات آمنون للمعركة غير المتكافئة وبعد أن نجحت في الليلة السابقة في إبطال هدف آمنون بفتح طريق طرطور , ولم ينجح آمنون في الإستيلاء على موقع تقاطع الطرق ـ رغم إخلاء القوات المصرية ودخول آمنون إليه ـ فلم يلبث أن انسحب أيضا منه بعد أن اضطر لذلك نظرا لحاجته الشديدة لإعادة تنظيم اللواء عقب الخسائر الكارثية التي حلت به , وعدم كفاية التعزيزات ..