عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2010, 03:09 PM
المشاركة 48
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بداية الثغرة وتطورها :[1]
بعد المعارضة الشديدة التي كانت تلقاها خطة الثغرة من القيادات الإسرائيلية مثل ديان نفسه ونائب رئيس الأركان إسرائيل تال اتخذ مجلس الوزراء الإسرائيلي قراره بالتنفيذ على تردد ,
وكانت الخطة المعدة للتنفيذ كالتالى ,
* فرقة الجنرال شارون والتى يطلق عليها اسم المجموعة 139 المدرعة وتتكون من ثلاثة ألوية مدرعة ومهمتها إنشاء رأس كوبري في منطقة الدفرسوار ليلة 15 /16 أكتوبر وجسرين للعبور أحدهما من الكباري السابقة التجهيز والآخر يتكون من المعديات المتلاحمة على أن يكون أحدهما على الأقل جاهزا للإستخدام صباح 16 أكتوبر ,
والمهمة الثانية هى تأمين قوات العبور من الجانب الأيمن حيث أن الجانب الأيسر مؤمن بمياه البحيرات المرة أما مهمة التأمين غرب القناة فقد تم إسنادها إلى لواء مظلات معزز بكتيبة دبابات
* فرقة الجنرال إبراهام أدان وهى المجموعة رقم 162 المدرعة ومهمتها تدمير القوات المصرية بين ترعة الإسماعيلية وقناة السوس شرقا وتدمير كتائب الصواريخ المصرية لإتاحة الفرصة أمام الطيران الإسرائيلي للتدخل بحرية في العمليات ثم حصار وعزل الجيش الثالث المصري من الخلف وتدميره وإبادته
* فرقة الجنرال كلمان ماجن وهى مجموعة العمليات رقم 252 وكانت مهمتها التعضيد والحماية للفرقتين السابقتين ,

وبمجرد نجاح العمليات الأولى يتم اختراق مدينتى الإسماعيلية والسويس واحتلالهما والسيطرة على مؤخرة الجيش الثالث وإبادته وبهذا يتمكن الإسرائيليون من قلب المعركة لصالحهم في الأيام الأخيرة ,

غير أن التخطيط على الورق لم يكن بنفس السهولة واليسر الذى توقعه الإسرائيليون فقد تعثرت مراحل تنفيذ الخطة من البداية واختلت التوقيتات المحددة لكل فرقة وبدلا من أن تواجه مقاومة ضعيفة ـ كما كانوا يتصورون ـ واجهوا مقاومة شرسة عنيدة وخسائر كبيرة دعتهم للتفكير في مساء 16 أكتوبر لإلغاء العملية برمتها وإصدار الأوامر لقوات المظلات التي عبرت للضفة الغربية أن تخلى مواقعها وتنسحب لشرق القناة مرة أخرى
فقد انعزلت هذه القوة كجيب محاصر حتى مساء 16 أكتوبر ولم تقم فرقة شارون بمهمتها في إنشاء رأس الكوبري وإنشاء الجسور في صباح ذلك اليوم كما كان مخططا ولا حتى بعد مرور 24 ساعة من الموعد مما جعل قوات المظلات الإسرائيلية رهن الكشف في أية لحظة ,
وما يهمنا في تلك النقطة أن نلفت النظر إلى نظرة القيادة الإسرائيلية لعملية الثغرة على أنها باب للدعاية والتأثير النفسي , فقد كانت الفرق الإسرائيلية الثلاث يوم 16 أكتوبر لم تنجح في إبرار أية قوة مدرعة شرق القناة كما كان مخططا ولم تفلح أيضا في إقامة أى جسر للعبور فضلا على أن لواء المظلات الإسرائيلي العابر كان مختبئا بين الأشجار والمزروعات لحين إتمام عملية العبور المتوقعة ,
ورغم ذلك فإن جولدا مائير في خطابها مساء يوم 16 أكتوبر أعلنت أن لها قوات تقاتل بشجاعة على الضفة الغربية للقناة ! وهذا في محاولة منها لإبطال تأثير خطاب الرئيس السادات التي أذيع في نفس اليوم سابقا على خطاب جولدا مائير ولم يكن هناك أثر واقعى لما أعلنته أو تاجرت به , في أول ظهور إعلامى لها منذ بدء الحرب
بل ساهم خطابها في انتباه القيادة المصرية بشكل نسبي إلى محاولة الإختراق وإن لم تستوعب القيادة المصرية أبعاد العملية برمتها وأنها عملية إختراق واسعة النطاق وظنت أنها عملية تخريب تقوم بها مجموعة صغيرة , وهو ما تسبب في تأخير تصرفها بشأنها إلى يوم 18 أكتوبر حيث أدركت أبعادها كاملة

أما ظروف عبور لواء المظلات الإسرائيلي المعاون بكتيبة دبابات فقد خرج بقيادة دانى مات التابع لفرقة شارون لاختيار الموقع الأول للعبور في منطقة تم انتخابها على اعتبار خلوها من القوات المصرية ,
وأرسل قائد اللواء سرية دبابات لتكون بمثابة حاجز أمام أى تدخل للقوات المصرية من الشمال والشرق , ولكن هذه القوة دخلت في فخ محكم أعدته قوة تابعة للواء المصري 16 مشاة وتم إبادتها بالكامل ,
ووصل بقية اللواء المدرع الإسرائيلي إلى منطقتى الإنزال المنتخبتين وفوجئ اللواء بأن إحدى النقاط طينية لزجة مما أعاق استخدامها فاقتصر العبور على نقطة واحدة فقط ,
وقبل عملية الإنزال مباشرة أمر قائد اللواء بفتح المدفعية على المنطقة المنتخبة في الضفة الغربية لتطهيرها من أى قوة مصرية قد توجد بها , وصبت المدفعية الإسرائيلية 70 طنا من المتفجرات والقنابل كلها ذهبت هباء لخلو الموقع من أى قوة مصرية !
ووصل اللواء أخيرا إلى الضفة الغربية في منطقة خالية من القوات المصرية وعلى الفور بدأت وحدات اللواء في تنظيف المنطقة وتعرض بعض أفراد القوات المصرية المتحركين على أبعاد مختلفة لنيران غير متوقعة لهم من هذا اللواء نظرا لأن العبور الإسرائيلي كان حتى هذه اللحظة غير معلوم بالنسبة للقيادة المصرية ,
وبدأ الإعداد صباح 16 أكتوبر للعبور المنتظر للمدرعات ووصلت معدات العبور للمنطقة ,
وأصبح للإسرائيليين قوة لواء مظلات على الضفة الغربية مدعم بقوة 30 دبابة ولكن بدون أى اتصال بينها وبينها قيادتها في الشرق ولم يتم حتى تلك اللحظة تأمين رأس الكوبري على الضفة الشرقية أو إنشاء أى جسر مما جعل قوة المظلات معزولة عن قيادتها ومعرضة للكشف المبكر وهنا كادت عملية العبور تفشل نظرا لتأخر معدات العبور وتجاوز المدة الزمنية المقررة لعبور فرق المدرعات ,

وكانت المنطقة المختارة للإنزال غرب القناة هى منطقة حصن مستميد الذى كان أحد النقط الحصينة لخط بارليف ووقع في يد القوات المصرية ,
وكان هذا الموقع خاليا بعد تطهيره ولم تضع فيه القوات المصرية أى نوع من الحماية وتركته خاليا مما جعله نقطة اختيار مثلي للتحرك الإسرائيلي ,
ولكى تصرف القيادة الإسرائيلية أنظار المصريين عما يجرى غرب القناة قامت القوات الإسرائيلية بهجوم مركز عن طريق الغارات الجوية المكثفة على رءوس كباري الجيش الثانى الميدانى بالإضافة للهجوم المدرع على الفرقة 16 مشاة والفرقة 21 مدرعة
حتى يعتقد المصريون أن الهدف الرئيسي للهجوم الإسرائيلي هو طى جناح الجيش الثانى المصري ,
ونجحت خطة الخداع لمدة 24 ساعة وتمكن الإسرائيليون من السيطرة على نقطة الإنزال في حصن مستميد السابق ذكره وكذلك حصن تل سلام وكلاهما كان قد سقط في يد الجيش المصري في بداية الحرب وغفلت القيادة المصرية عن وضع مراقبة في هذه الحصون أو حتى القيام بتدميرها ,
وعلى إثر النجاح الإسرائيلي في الإستيلاء على الحصنين سادت بعض أجواء التفاؤل في القيادة الإسرائيلية كما كان لتقدم أحد الألوية المدرعة بقيادة آمنون دون مواجهة مقاومة تذكر أثر في زيادة مساحة هذا التفاؤل ,
وتقدم لواء آمنون أكثر وأرسل كتيبتى دبابات في طلائعه لكنها واجهت مقاومة عنيفة ونيران مكثفة عند منطقة تقاطع الطرق التي دارت فيها معركة مدرعة عرفت بنفس الإسم ( تقاطع الطرق ) عندما فتحت قوات اللواء 16 مشاة نيرانها على الكتيبتين فتم تدمير 27 دبابة إسرائيلية في أول فاتحة خسائر للمدرعات الإسرائيلية ,
فاضطر لواء آمنون إلى محاولة الفرار من الإشتباك مع لواء 16 مشاة واندفع نحو الشمال وهناك وجد آمنون نفسه بمحض الصدفة في قلب الوحدات الإدارية الخلفية التابعة للجيش الثانى ,


الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق