عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2010, 03:05 PM
المشاركة 44
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

قــصة الــثــغــرة




ونأتى لواحدة من أهم معارك حرب أكتوبر والتى بدأت كفرصة إسرائيلية وانتهت كفرصة مصرية للإطاحة بنصف الجيش الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية .. وفى ضربة واحدة !
لولا أن سريان وقف إطلاق النار وعدم تصعيد الموقف بين الدولتين العظميين هو الذى أنقذ الفرق الثلاث الإسرائيلية التي نفذت الثغرة على مراحل , بعد أن قررت القيادة المصرية بالفعل تنفيذ الخطة ( شامل ) لإبادة الثغرة أيا كانت الخسائر
ولكى نفهم الثغرة وأحداثها وما أثير حولها من انتقادات للجانب المصري كانت أغلبها في الواقع آثار اختلاف القيادات وبالتحديد الخلاف الواسع الذى وقع بين السادات والفريق الشاذلى وتطور إلى عداء مستحكم ونجم عنه الكثير من الإتهامات المتبادلة بين الطرفين كان أغلبها لا علاقة له بالواقع ,
فتحول اختلاف الرأى إلى تراشق بالإتهامات وكان السادات هو البادئ بهذا العدوان وهو ما دفع الشاذلى إلى تصعيد الخلاف ودخل في منعطف خطير دون أن يدرى ,
لأنه في غمرة هجومه على السادات وفى محاولة بيان صحة رأيه انزلق إلى محاولة تضخيم حجم النجاح الإسرائيلي رغم أن هذا النجاح المزعوم لم يكن له أثر من الواقع الفعلى ولم تستفد إسرائيل شيئا في موقفها واضطرت لتنفيذ الإنسحاب على المراحل التالية لوقف إطلاق النار بعد أن خرقته مرارا للوصول إلى أهدافها دون نجاح
هذا مع الإحتفاظ الكامل بتقديرنا العظيم لأسد حرب أكتوبر سعد الشاذلى واعتراف الجميع أن السادات ترصد له واتهمه بما لم يكن فيه لمجرد إبداء رأى مخالف له في كيفية معالجة الثغرة

فلكى نفهم أحداث الثغرة يجب النظر إليها بعيدا عن وجهات نظر الأشخاص والإعتداد بالحقائق الواقعية على الأرض ونتائج المعارك وآراء المحللين المحايدين وآراء الإسرائيليين أيضا
وكل تلك الآراء جزمت بأن الثغرة تحولت من فخ دبره الجيش الإسرائيلي إلى فخ وقع فيه هذا الأخير وكانت خسائره الضخمة علامة أخرى إضافية على سلسلة الفشل التي منى بها في تلك الحرب ,
فضلا على أن تحديد الهزيمة والنصر في أى معركة مرهون بتحقيق الأهداف , وقد حددت القيادة الإسرائيلية أهدافها من الثغرة ولم تنجح ـ رغم اختراقها وقف إطلاق النار ثلاث مرات ـ في تنفيذ أى هدف من هذه الأهداف
يقول ديان عن معركة المزرعة الصينية إحدى معارك الثغرة :
( إن الخسائر التي تكبدناها في الثغرة لم تكن متوقعة على الإطلاق ولما تفقدت منطقة المزرعة الصينية رأيت ما لم أشاهده في حياتى كلها مئات الدبابات المحطمة تتناثر في كل مكان وعشرات الجثث الممزقة من التي ترتدى زى جنود جيش الدفاع )
وديان تفقد المعركة في صحبة أحد القادة المشاركين فيها الذى لفت نظره أثر المنظر على ديان فقال له
( هل تأملت وادى الموت هذا ! ) [1]
وخسرت إسرائيل فى الثغرة 127 طائرة وخسرت 400 دبابة على مراحل أيام القتال فيها أمام قوات صاعقة ومظلات فقط بدون قوات مدرعة ليتكرر للمرة الثانية مسلسل السقوط المدرع الإسرائيلي أمام المشاة المصريين وحرب العصابات التى نفذتها قوات الصاعقة بجدارة ,
وإذا كانت القيادة الإسرائيلية لديها الإستعداد لخسارة المعدات بلا حدود , فقد قابلت الجانب المصري الذى لديه استعداد أكبر لتحمل الخسائر البشرية وفى المعدات نظير منعها من الوصول إلى هدفها باحتلال السويس والإسماعيلية

ويقول الخبير الإستراتيجى الأمريكى ( ديوبويه ) فى كتابه ( النصر المراوغ ـ وهى تسمية تعبر عن المحتوى ) :
( إن ما فعلته إسرائيل بنفسها من خلال هذه العملية التليفزيونية أنها وضعت نفسها فى موضع من يحقق غرض المصريين بتطويل الحرب وزادت خسائرها لدرجة مروعة ولم ينقذها إلا الولايات المتحدة عن طريق اتفاقية فض الإشتباك )
وكان هذا المحلل هو الذى أطلق على معركة الثغرة اسم المعركة التليفزيونية وهو الإسم الذى اشتهر فيما بعد وظن البعض أن المصريين هم من أطلقوه ,
وانتقد بعض المحللين المصريين هذا المسمى دون أن يعلموا أنها شهادة من خبير أمريكى


الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق