قضاء حوائج المؤمنين
2
بالنسبة إلى قضاء حوائج المؤمنين لابد أن نلتفت إلى ثلاث نقاط : النقطة الأولى : أن هذا المؤمن منتسب إلى الإسلام وبالتالي منتسب إلى رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) .. نحن من أمة النبي المصطفى ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) ، ويوم القيامة يباهي بنا الأمم ، عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) : ( تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط ) . إن الإنسان إذا قضى حاجة مؤمن ، يكون قد أدخل السرور على النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) .. ( من أدخل السرور على مؤمن فقد أدخله على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) .. ومن أدخل على رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) فقد وصل ذلك إلى الله - عز وجل - وكذلك من أدخل عليه كربا ) .. وقال أيضا : ( تنافسوا في المعروف لإخوانكم وكونوا من أهله ، فإن للجنة بابا يقال له : المعروف لا يدخله إلا من اصطنع المعروف في الحياة الدنيا ، فإن العبد ليمشي في حاجة أخيه المؤمن فيوكل الله - عز وجل - به ملكان : واحدا عن يمينه وآخر عن شماله ، يستغفران له ربه ، ويدعوان بقضاء حاجته .. ثم قال: والله !.. لرسول الله - صلى الله عليه وآله - أسر بقضاء حاجة المؤمن إذا وصلت إليه من صاحب الحاجة ) . النقطة الثانية : البعض يظن أن قضاء الحاجة ، هو في إنقاذه من ميتة ، أو من ورطة عظيمة .. ليس الأمر كذلك ، بل قد يكون قضاء الحاجة بأمر بسيط جدا .. يوم القيامة تتعادل الحسنات مع السيئات وفي بعض الأوقات - مع الأسف - يأتي وله من الحسنات كجبال تهامة ، ولكن يعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته إلى أن يصبح مفلسا ، عن النبي الأكرم ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) : ( يأتي يوم القيامة أناس من جلدتكم ، أعمالهم كجبال تهامة ، سيجعلها الله - تعالى- هباء منثورا ) .. وسأل رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) مرة أصحابه : ( أتدرون ما المفلس ) ؟.. قالوا: المفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع .. فقال : ( إنّ المفلس من أمّتي ، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام .. ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا .. فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته .. فإن فنيت حسناتُه قبل أن يقضي ما عليه ؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثمّ طرح في النار ) . هنا لو أن الله - عز وجل - وجد في ديوان عمل العبد حسنة واحدة ، - تساوت الحسنات مع السيئات ، أو لا سيئات له ولا حسنات - هذه الحسنة كافية ؛ لأن يدخل بها الجنة .. ( يُؤتى بعبدٍ يوم القيامة ليست له حسنة ، فيُقال له : اذكر وتذكّر هل لك حسنةٌ ؟.. فيذكر فيقول : يا ربّ !.. ما لي من حسنة ، إلا أنّ عبدك فلاناً المؤمن مرّ بي ، فطلب مني ماءً يتوضأ به فيصلّي به ؛ فأعطيته .. فيقول الله - تبارك وتعالى - أدخلوا عبدي الجنة ) !.. وهناك شاهدان في القرآن الكريمر ، على أن العمل القليل قد يكتب له الخلود والعظمة : الشاهد الأول : في بدء الخليفة ، { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ } .. هذا قربان قبله الله - عز وجل - فذكره في كتابه . الشاهد الثاني : في سورة الدهر { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } .. أقراص من الخبز قدمها علي وفاطمة : لليتيم ، والأسير ، والمسكين ؛ ولكن سر الخلود يكمن في { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } .. رب العالمين تقبل منهم ، وأنزل سورة في القرآن الكريم ، محورها هذا العمل . النقطة الثالثة : البعض يعمل لوجه الله تعالى ، ولكن إذا جاءه شكر أو ثناء ؛ يفرح .. والحال أن المؤمن لا ينتظر مكافأة ممن أحسن إليه ، ولا يأبه بالنتائج ؛ لأن غايته شيء واحد ، وهو طلب الأجر والثواب من الله - عز وجل - وحده { لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا } .
28 10 2010