بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ عنوان الزاد ( قضاء حوائج المؤمنين ) 1 السعي في قضاء حوائج المؤمنين ، أمر مطلوب : قضيت الحاجة أو لم تقض الحاجة .. إذن المؤمن عندما يسعى في قضاء حاجة أخيه المؤمن ، لا يحرز النتيجة { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } .. السعي مطلوب ، عن رسول الله - صلّى الله عليه وآله - قال : ( أوحى الله إلى داود ( عليه السلام ) : إنّ العبد من عبادي ليأتيني بالحسنة يوم القيامة ، فأحكمه في الجنّة ، قال داوُد : يا ربّ ، ما هذا العبد ؟.. قال : عبد مؤمن سعى في حاجة أخيه المسلم ، أحبّ قضاءها ، قضيت له أم لم تقض ) . من مشى لامرئ مسلم في حاجته فنصحه فيها ، كتب الله له بكل خطوة حسنة ، ومحى عنه سيئة ؛ قضيت الحاجة أولم تقض .. فإن لم ينصحه ، فقد خان الله ورسوله ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - خصمه . إن بعض الناس عندما يبلغ مبلغا إيمانيا يعتد ُ به ، أو حالة روحية راقية ؛ فإنه يعيش حالة الابتعاد عن الناس .. بينما روي في الأزمنة السابقة أن ( عابد بني إسرائيل ، كان إذا بلغ الغاية في العبادة ؛ صار مشاء في حوائج الناس ، عانيا بما يصلحهم ) ؛ أي بعد أن صار عنده علاقة متميزة مع رب العالمين . يعتقد العرفاء بوجود أربعة أسفار ، يقطعها السالك إلى الله - تعالى - حسب العناية الإلهية : السفر الأول : السير من الخلق إلى الحق ، وهو مرحلة عبور عالم الطبيعة إلى الله عز وجل . السفر الثاني : السير بالحق في الحق ، وهو مرحلة معرفة الأسماء ، والصفات الإلهية . السفر الثالث : السير من الحق إلى الخلق بالحق ، وهو مرحلة الرجوع إلى الخلق ؛ لهدايتهم وإرشادهم . السفر الرابع : السير في الخلق بالحق ، وهو مرحلة الهداية الرحيمية . السفر من الحق إلى الخلق ، حركة ارتدادية .. هو ينقطع عن الناس إلى الله عز وجل ، فإذا بلغ الذروة نزل إلى الناس .. ولكنّ هناك فرقا بين من يعاشر الناس بعد أن وصل إلى الله عز وجل ، وبين من يعاشر الناس وهو مأنوس بهم ، فرق بين الأمرين !.. السعي في قضاء حوائج المؤمنين : هناك عنوان شرعي آخر ، وهو عنوان كفالة اليتيم .. قضاء حوائج الأخوان من سبل الجنة ، وكفالة اليتيم من سبل الجنة أيضا .. البعض يخلط بين مفهوم مساعدة اليتيم ، ومفهوم كفالة اليتم .. إذن القضية فيها كفالة ، وكأن هذا اليتيم من ضمن عائلة الإنسان .. ولا مانع أن يكون هذا اليتيم من ذوي الإنسان ، مثلا : إنسان يموت أخوه ، فيكفل ابنه أو ابن عمه .. كفالة اليتيم بالمعنى الكامل هو هذا المعنى .. إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الرفق بالأيتام ، تصير كل حركة منه مشكورة : البعض عندما يرى يتيما ، بحركة غير ملفتة يمسح على رأسه ، يمر يده على كل شعر رأسه .. ( المؤمن كَيِّس ، فَطِن ) !.. عن رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) : ( أن عيسى بن مريم ( عليهِ السلام ) مر بقبر يعذب صاحبه ، ثم مر به من قابل ، فإذا هو ليس يعذب فقال : يا رب ، مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ، ثم مررت به العام ، فإذا هو ليس يعذب .. فأوحى الله - عز وجل - إليه : يا روح الله !.. أنه أدرك له ولد صالح ، فأصلح طريقاً ، وأوى يتيماً ؛ فغفرت له بما عمل ابنه ) .. هذه هي الصدقة الجارية ، فرق بين إنسان يموت وله في البنوك الملايين لا تفيده مثقال ذرة ، وبين إنسان فقير يموت وله ولد صالح ، يعمل في الحياة الدنيا ما يرفع عنه العذاب وهو في قبره .. هنيئا لهكذا والد !.. قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله ، إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) .. البعض حاز هذه الخصال الثلاث. الخلاصة : أن المؤمن يحاول أن ينوع سبل الخير : يكفل يتيما ، ويبني مسجدا ، وينشر كتابا .. لعل الله - عز وجل - يقبل منه أحد هذه الأمور ، فيكون من الفائزين !.. 27 10 2010