عرض مشاركة واحدة
قديم 10-26-2010, 06:17 AM
المشاركة 87
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( محطات السفر الروحي )

إن الإنسان عندما يريد أن يسافر ، يعد العدة لذلك السفر قبل مدة طويلة ، ويبرمج نفسه :
إلى أين يذهب ، ومتى يذهب ، وكيف يذهب ؟.. في السفر المادي هكذا يعد له العدة ، ونحن طوال السنة لدينا محطات للسفر الروحي :
في ليالي القدر هناك سفرة روحية، وفي ليلة عرفة ويوم عرفة هناك سفر روحي ، وفي الليالي البيض من شهر رجب وشعبان ورمضان كذلك هناك سفر روحي ..
الشارع المقدس جعل لنا سفرا روحيا في مناسبات مختلفة خلال السنة ..
كما في السفرات الدنيوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ؛ أيضا في السفرات المعنوية :
نستمتع ، ونستلذ ، ونربح ..
ومن هنا كما أن سفر الدنيا يحتاج إلى إعداد ، كذلك سفر الآخرة يحتاج إلى إعداد ..
قبل ليالي الطاعة ، وقبل أيام الطاعة ، وقبل مواسم الطاعة ؛ لا بد من الالتفات إلى عدة أمور :

أولاً :
الشوق .. حيث أن هناك فرقا بين إنسان يشتاق لشهر رمضان المبارك ، وبين إنسان يتمنى لو أنه يتأخر لأيام !..
ثانياً :
معرفة الأعمال ..
بعض الناس يتفاجأ أن اليوم انتهى ، ولم يعمل بمستحبات ذلك اليوم .. قد يقول قائل:
ما قيمة الغسل والصلاة في ذلك اليوم ؟..
الجواب :
هو أن الله - عز وجل - له عطايا ، وهذه العطايا متوقفة على أمر بسيط ..
ما قيمة الغسل يوم الجمعة ؟.. عادة الناس يوم الجمعة يستحمون ، ولكن من يغتسل يوم الجمعة ، عن الصّادق
( عليه ِ السلام ) قال : ( من اغتسل يوم الجُمعة فقال : " أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَاَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .. اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد ، وَاجْعَلْني مِنَ التَّوّابينَ ، واجْعَلْني مِنَ المُتَطَهِّرينَ " ؛ كان طهراً من الجمعة إلى الجُمعة ) ..
رب العالمين يريد أن يغفر ، ولكن يريد مبررا .. كالذي يقيم حفلا ولديه جوائز مكدسة ، فيطرح أسئلة بسيطة ؛ كي يوزع تلك الجوائز والهدايا .. رب العالمين عنده جوائز وعطايا ، - نحن كل يوم نقول : ( إلهي !.. تعرض لك في هذا الليل المتعرضون ، وقصدك فيه القاصدون ، وأمل فضلك ومعروفك الطالبون .. ولك في هذا الليل نفحات وجوائز وعطايا ومواهب ، تمن بها على من تشاء من عبادك ، وتمنها من لم تسبق له العناية منك ) يريد أن يوزع الجوائز ، بأي عذر يوزع ؟..
إذن علينا أن نعلم الآداب والمستحبات في تلك المناسبة .

ثالثاً :
الخشوع .. هناك ثلاث درجات من الخشوع :
1- خشوع الأبدان : أي أن المصلي فكره يذهب يمينا وشمالا ، ولكن هيئته مؤدبة : واقف ، متطيب ، عينه تطرق إلى الأرض ، هيئته هيئة إنسان مؤدب بين يدي الله عز وجل .. هذا خير من ذلك الذي يعبث بلحيته مثلا .. وخشوع الأبدان ؛ هو أضعف الإيمان .
2- خشوع الأفكار : أي أن المصلي يعلم ما يقول ، يقرأ الحمد { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وهو يعلم أنه يقول : أي يا رب !.. أعبدك حصرا .. إذ أن هناك فرقا بين نعبدك ونستعينك، وبين { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } كلاهم يفهمان الاستعانة والعبادة ، ولكن هذا بنحو الحصر .. أما نعبدك ونستعينك ؛ أي نعبدك ونعبد غيرك ، لا مانع !.. فرق بين إنسان يقرأ المعوذتين في الصلاة وغير الصلاة ، وهو لا يعلم ما معنى { النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } ،
و{ الْفَلَقِ } و{ غَاسِقٍ }، و{ وَقَبَ } .. وبين إنسان يعلم معنى ما يقر أ..
معظم المصلين والمسلمين والناطقين بالعربية ، لا يعرفون معنى { الصَّمَدُ } .. إذن ، هناك خشوع ذهني ، وهذا أرقى من الخشوع البدني .
3- الخشوع القلبي .. أي أن المصلي عندما يدعو ، يشعر أن هناك مخاطبا ، وأي مخاطب ؟.. إنه رب الأرباب !.. ولهذا بعض المؤمنين ، رب العالمين منّ عليه بسخاء الدمعة ، يقول : يا الله ؛ مرة واحدة ودمعته تجري .. يقرأ : ( اِلـهي !.. وَرَبّي مَنْ لي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرّي ) ؛ يبكي بكاء حارا .. هذا الإنسان وصل إلى لب الدعاء ، وإلى جوهر الدعاء .. والمرء إذا وصل إلى مرحلة البكاء أو التباكي ؛ هذا لا ترد له دعوة .. رب العالمين يستحي من عبده المؤمن ، أن يرد يديه صفرا إذا مدت إليه .. يد تمد إلى رب الأرباب ، والدموع تجري ، والقلب يخفق .. أكرم الأكرمين يهمل حاجة العبد ، وهو في بيته ، وبعد الصلاة الواجبة ، في جماعة المسلمين ، وفي سجدة ؟.. أي بعد هذه المقدمات لسان حاله يقول :
( وليس من صفاتك - يا سيّدي - أن تأمر بالسؤال ، وتمنع العطيّة ) ..
هذه عقيدة المؤمن !..
26
10
2010