عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2010, 01:28 AM
المشاركة 42
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وتلخصت اعتراضات قائدى الجيشين في نفس المبررات التي سبق أن اعترض بها الشاذلى وأضافوا إليها صورة الموقف الميدانى المتمثلة فيما يلي :
أولا : العدو حشد ثمانية ألوية مدرعة بقوة 800 دبابة في مواجهة أربعة ألوية مصرية 400 دبابة فقط
ثانيا : الإفتقار الشديد للمعلومات حول مواقع العدو والتى لا غنى عنها لتنفيذ أى هجوم ناجح حيث أن عناصر الإستطلاع المصرية التي كان لها دور كبير في عمليات صد الهجوم قام الإسرائيليون باكتشاف أماكنهم والتخلص منهم بعد أن رصدوا وجودهم نتيجة دقة المدفعية المصرية في إصابة أهدافها مما استنتج معه العدو ضرورة وجود عناصر توجيه
ثالثا : لدى العدو رصد كامل وصور دقيقة عن أوضاع القوات المصرية بسبب طائرات التجسس التي عبرت فوق الجبهة واستكمل بها العدو معلوماته
رابعا : عدم جاهزية سلاح الطيران المصري لحماية القوات المتقدمة والتى ستخرج من نطاق حائط الصواريخ المصري والذي وقف سابقا خلف نجاح قواتنا خلال الفترة السابقة بعد أن تم تحييد الطيران الإسرائيلي ,
خامسا : عدم جاهزية كتائب الدفاع الجوى المحمولة لأخذ أماكنها لتحل محل حائط الصواريخ لأن هذه الكتائب في حاجة لمزيد من الوقت كى يتم تنظيمها ودفعها , وطلب تطوير الهجوم في التوقيت الحالى لا يفي أبدا بالوقت المناسب ,

وأصر السادات على موقفه ولم يستجب للقادة إلا بشكل جزئي عندما قام بتأجيل الهجوم من 13 أكتوبر إلى 14 أكتوبر أى لمدة أربع وعشرين ساعة فقط في أول تدخل سياسي في سير المعارك الحربية مما كان له الأثر السلبي بكل تأكيد على التفوق الكاسح الذى تمت به مراحل الحرب الأولى دون تدخل ,

وكانت الخطة التي تم إعدادها بغرض جذب المجهود الجوى للعدو إلى الجبهة المصرية تتمثل في أن يتم التطوير اعتبارا من أول ضوء يوم 14 أكتوبر ( أول ضوء وآخر ضوء تعبيرات عسكرية تفيد الغروب والشروق وتحديد القتال النهارى والليلي ) على أن يسبقه تمهيد بالمدفعية لمدة 15 دقيقة مع ضربة جوية مركزة ضد الأهداف المعادية في العمق ,[1]
بينما تركز قوات الدفاع الجوى مجهودها في تأمين قوات الإشتباك في اندفاعها إلى المحاور الأربع الرئيسية للهجوم , وهى :
محور ممر متلا : لواء مدرع من الفرقة 4 المدرعة للإستيلاء على الممر الغربي وتأمينه , وتعاونه كتيبة مشاة ميكانيكى من الفرقة 6 مشاة ميكانيكى تعمل كمفرزة أمامية ( المفرزة هى قوات متقدمة كدفعة أولى للهجوم )
محور ممر الجدى : لواء مشاة ميكانيكى من الفرقة 7 مشاة يتقدم شرقا بمعاونة اللواء 25 مدرع مستقل ( اللواء المستقل هو اللواء الذى لا يتبع فى قيادته فرقة معينة بل يتم تكليفه بمهام منفردا أو ملحقا بإحدى الفرق عند الحاجة )
محور الطاسة : ونظرا لخطورة هذا المحور باعتباره أكثر المحاور حيوية بالنسبة لقوات العدو فقد تقرر له فرقة كاملة مدرعة هى الفرقة 21 مدرعة
محور بالوظة : اللواء 15 مدرع المستقل

غير أن تطبيق الخطة شابه بعض القصور نتيجة العجلة ,
وسنتعرض لإحدى معارك التطوير كمثال على بقية المعارك وهى معركة اللواء 3 المدرع , فقد تمت جميعها بنفس الكيفية من الهجوم وجذب المجهود ثم الإرتداد لرءوس الكباري
ففي البداية لم يتمكن اللواء من الإستفادة بالضربة الجوية المعاونة له لعدم جاهزية الطيران
فضلا على ذلك أن اللواء 3 المدرع لم يستطع أن يحصل على وحدات الدعم المخصصة له مثل سرية المقذوفات المضادة للدبابات وسرية مدفعية 57 مم مضادة للطائرات وفصيلة مهندسين عسكريين ,
مما اضطره إلى أن يقوم بالهجوم بدون هذه الوحدات , واكتفي بالتمهيد النيرانى بالمدفعية لمدة 15 دقيقة , لم يكن لها أثر كاف أو قوى نتيجة لأن ضرب المدفعية تم بطريقة الضرب الحسابي لعدم وجود عناصر توجيه فى المقدمة تكفل للمدفعية تصحيح أهدافها لتدخل فى نطاق التأثير ,
ورغم هذا فقد نجح اللواء 3 المدرع فى تحقيق المفاجأة الوحيدة فى خطة تطوير الهجوم ـ حيث أن الخطة بأكملها كانت مكشوفة للعدو كما سبق القول ـ وذلك أنه عندما بدأ اللواء المدرع طريقه إلى هدفه لم يأت بالطريق المتوقع للعدو وقام بحركة التفاف للإفلات من الستائر المضادة للدبابات التى نشرها العدو أمام مواقعه ,
فاتجه اللواء المدرع محاذيا للجناح الأيسر للعدو من خلال وادى مبعوق ووادى المر ووصل إلى أبعد عمق بلغته وحدة مصرية فى حرب أكتوبر حيث وصل إلى الكيلو 25 فى عمق سيناء ,
وقد اعترفت المراجع الإسرائيلية أن المفاجأة الوحيدة التى جرت فى تطوير الهجوم المصري كانت طريقة الهجوم التى اتبعها اللواء 3 المدرع

وبدأت اشتباكات اللواء عندما تعرض لقصف الطيران المكثف بالإضافة لصواريخ إس إس 11 المضادة للدبابات ورغم الخسائر التى منى بها اللواء فقد استطاع الصمود واحتلال خطوط فتح مناسبة واشتبك بشدة مع قوات العدو ودمر له 13 دبابة , وخسر اللواء مجموعة مدفعيته نتيجة للقصف الجوى واستشهد فى المعركة قائد اللواء العقيد نور الدين عبد العزيز وتولى رئيس أركان اللواء المسئولية ونجح اللواء فى تأمين الخط المكتسب وطلب تدعيمه لاستكمال الهجوم نحو ممر متلا
وبعد أن أتم اللواء مهمته ونظرا للسيطرة الجوية للعدو وعدم وجود مدفعية مضادة صدر أمر قائد الجيش الثالث بارتداد اللواء إلى منطقة رأس الكوبري وتم ارتدادها إلى رأس كوبري الفرقة 19 مشاة دون خسائر إضافية , لتتم عملية إعادة كفاءة اللواء وتجديد خسائره بسرعة ,
وبمثل هذا النسق من الهجوم واستنزاف قوات العدو والإرتداد إلى رءوس الكباري تمت عملية التطوير على بقية نطاق الجيش الثالث ثم الجيش الثانى وساعدتها هذه المرة طلعات الطيران المركزة بعد إتمام استعدادها بالإضافة إلى قوة المدفعية المتمثلة فى 500 مدفع ضد أهداف العمق للعدو[2]



الهوامش :
[1]ـ المعارك الحربية على الجبهة المصرية ـ جمال حماد ـ مصدر سابق
[2]ـ حرب رمضان ـ اللواء حسن البدرى وآخرون ـ مصدر سابق