إلى يومنا لا نستطيع الإجماع على تعريف لكلمة (أدب)، تلك الكلمة التي رافقت مسيرة البشريّة منذ الأزل، وكانت نافذة نطلّ منها على عصور غابرة، فنعيشها بكلّ تفاصيلها اللاتي أبدعها أدباؤها حسيًّا ومعنويًّا.. وها هي اليوم تواصل حضورها في واقعنا، تارة تعكس أحواله، وتارة تحاول أن تشقّ طريقًا إلى فهمه وإدراكه، وتارة تعرض عنه لتخلق عالمـًا مختلفًا ينفتح على كلّ الاحتمالات، ويشرع دنياه مدّ الحلم والخيالات..
(الأدب) ذلك الذي لم يعرف القرار، كما لم يعرفه الإنسان، ولم يقنع إلا بحقيقة واحدة هي أنّ الثبات وهمٌ في حياة لم يرتض لها خالقها إلا التقلّب والتبدّل طلبًا للأصلح والأجدر والأفضل.. بحث دائب يضجّ بنتائج متواترة ومتغيّرة..
متكاملة حينًا..
ومتداخلة حينًا آخرًا..
وقد تكون متناقضة حينًا ثالثًا.. وتستمرّ المحاولات بين عثرة ومضاء.. إلى ما لا وصول، لأنّ الوصول قطعًا يعني النهاية..
ولا نهاية إلا الموت..!
/
\
/
بهذه المقدّمة الصغيرة التي تحاول-أيضًا- أن تفهم (الأدب)، أحببت أن أمهّد لملخّصٍ، أو ليكن نقاطًا استعراضيّة لكتاب قيّم، قرأته وخضت معه تجربة وصفيّة وتحليليّة تكشف للقارئ عن جوانب من الأدب والنقد في الغرب، يتتبّع مسيرته من التاريخ اليوناني القديم حتّى القرن العشرين في قراءة موجزة تقارب منجزًا شاسع الأطراف، ثرّ الإنتاج، متباين الملامح والأشكال..
وإنّ من يدرك (الأدب) ويقدّره حقّ قدره يعرف تمًامًا أنّه ليس بمعزلٍ –خصوصًا في عصرنا الحالي- عن تلك العولمة وما أسهمت فيه من ثورة فكرية وثقافية إن سلبًا وإن إيجابًا، وما دمنا جزءًا منها فإنّ الوعي بها لازم، ولا يكون إلا بالوقوف عليها في سياقها، وإنزالها موقعها لا باقتلاعها وصبغتها بتأويلاتٍ وقراءات مفتعلة.. وجافية.
عنوان هذا الكتاب: (جوانب من الأدب والنقد في الغرب)، تأليف: د. حسام الخطيب، ط4، دار الكتاب/دمشق، 1990-1991م.
وفي يلي تلخيص استعراضي لتلك الجوانب، وسأبدأ بالقسم الأوّل من الكتاب: جوانب من الأدب.
.
.
.
خالدة..