عرض مشاركة واحدة
قديم 10-19-2010, 06:24 PM
المشاركة 19
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


* التغيرات الكونية في آخر الزمان
بقلم فضيلة العلامة : محمد بن صالح المنجد
* الأحداث والتغيرات قبل قيام الساعة
إن الله -عز وجل- إذا أذن بخراب العالم والنفخ في الصور، فإنه يجري قبل ذلك أحداثاً عظيمة في الأرض وفي السماء، وتغيرات رهيبة، تصيب أهل الأرض، في أشراط الساعة وإنذاراتها، وعلاماتها وأمارتها، ما الذي سيكون قبيل خراب العالم، وكلما اقترب الزمن من قيام الساعة حصل في الأرض أحداث مؤذنة بذلك، ولذلك أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أمور من الاضطراب والفوضى التي تصيب الناس من كثر الهرج والقتل، وكذلك ما يصيب العالم العلوي والسفلي، ما يصيب الأرض في جوها، ما يصيبها في قرارها، وما يصيبها في هوائها ومائها ومطرها وشمسها، ستحدث في آخر الزمان من الأقدار العظيمة التي يجريها الله تعالى زلازل وهزات، فتن وحروب وقتل وموتان عام، والله -عز وجل- يوقظ بهذه الأحداث الغافلين، وينبّه العاصين، ونحن نرى في الأرض اليوم تغيرات، تارة بغبارٍ عارم، وتارة بسيلٍ جارف، وتارة بزلازل، تغيرت الأجواء، هذا يلمسه الكبير والصغير، تغير الأجواء، وهذا التغير ونحن في آخر الزمن، ولا شك أنه نذير بقرب تغيرات أخرى أكبر وأشمل، أعظم وقعاً وأخطر.
* ذكر بعض الأحداث والأشراط
فماذا أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من العلامات والأمارات التي تكون قبل أشراط الساعة مما يتعلق بالأرض وجوها وبالسماء وشمسها، قال -صلى الله عليه وسلم- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى)) البخاري (7118) ومسلم.
وقد ظهرت هذه النار في منتصف القرن السابع في عام 654 هـ،وكانت نار عظيمة، وأفاض العلماء ممن عاصروا ظهورها ومن بعدهم في وصفها،
وَقَالَ النَّوَوِيّ: تَوَاتَرَ الْعِلْم بِخُرُوجِ هَذِهِ النَّار عِنْدَ جَمِيع أَهْل الشَّام. فتح الباري
وقال ابن حجر: " وهي النَّار الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَة ". فتح الباري
ونقل ابن كثير أن غير واحد من الأعراب ممن كان بحاضرة بصرى شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز.
قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي "التَّذْكِرَة": قَدْ خَرَجَتْ نَار بِالْحِجَازِ بِالْمَدِينَةِ, وَكَانَ بَدْؤُهَا زَلْزَلَة عَظِيمَة فِي لَيْلَة الْأَرْبِعَاء بَعْدَ الْعَتَمَة الثَّالِث مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاسْتَمَرَّتْ إِلَى ضُحَى النَّهَار يَوْمَ الْجُمُعَة فَسَكَنَتْ....". فتح الباري.
قال ابن حجر رحمه الله : "وَقَالَ لِي بَعْض أَصْحَابنَا: رَأَيْتهَا صَاعِدَة فِي الْهَوَاء مِنْ نَحْو خَمْسَة أَيَّام, وَسَمِعْت أَنَّهَا رُؤِيَتْ مِنْ مَكَّة وَمِنْ جِبَال بُصْرَى". فتح الباري
وذكر ابن حجر عن حدثين : "إنَّ إِحْدَاهُمَا تَقَع قَبْلَ قِيَام السَّاعَة مَعَ جُمْلَة الْأُمُور الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا الصَّادِق صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; وَالْأُخْرَى هِيَ الَّتِي يَعْقُبهَا قِيَام السَّاعَة بِغَيْرِ تَخَلُّل شَيْء آخَر". فتح الباري.
ومن الآيات التي أخبر -عليه الصلاة والسلام- عنها قبيل قيام الساعة ما جاء في قوله : ((بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ)) ابن ماجه (4059) وصححه الألباني.
وفي رواية : ((يَكُونُ فِي آخِرِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ، وَمَسْخٌ، وَقَذْفٌ))
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟
قَالَ: ((نَعَمْ إِذَا ظَهَرَ الْخُبْثُ [أي: الْمَعَاصِي])) الترمذي (2185) وصححه الألباني.
فأما الخسف : فهو ذهاب الشيء في الأرض، وأما المسخ : فهو تغيير الخلقة إلى أخرى أقبح . وأما القذف : فهو الرمي بالحجارة .
فإذا كثرت المعاصي في الأرض، وعم الفساد يبدأ الهلاك العام بالحصول، ويبدأ الموت الكبير بالوقوع، ولو كان هنالك صالحون يعمهم العذاب لأنهم لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، فإذا صاروا مصلحين استثناهم الله من العذاب، وقد جاء هذا الوعيد أي الخسف والمسخ والقذف لأناسٍ من أهل المعازف والغناء وشُرّاب الخمور، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الراعي لديهم يعود إليهم وقد باتوا على لهوٍ ولعبٍ وقيانٍ يعني مغنيات، فيجدهم قد مسخوا، وبدل الله صورهم صور القردة والخنازير، وهذا الاسترسال في الحرام قد وقع منه الآن أشياء كثيرة جداً، فأما الزلازل فقد قال أهل العلم : أنها قد وقع منها الشيء كثير فيما تقدم، وهلك بسببها خلق كثير، وقال القرطبي: وقع بعضها بعراق العجم والمغرب. وهلك، بسببها خلق كثير. عون المعبود.
وفي شعبان سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وقعت زلزلة بغرناطة وخسف بعدة أماكن.
وفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة وقع بالري ونواحيها زلازل عظيمة، وخسف ببلد طالَقان ولم يفلت من أهلها إلا نحو ثلاثين نفساً.
" وخُسف بمائة وخمسين قرية من قرى الري، واتصل الأمر إلى حلوان فخسف بأكثرها، وقذفت الأرض عظام الموتى، وتفجرت فيها المياه وتقطع بالري جبل، وخسف بقرية أخرى، فانخرقت الأرض خروقا عظيمة، وخرج منها مياه منتنة ودخان عظيم. اهـ. البرزنجي في "الإشاعة في أشراط الساعة" (ص 78) .
وقد توعد الله تعالى من خالف أمره بالخسف، فقال -عز وجل- : { أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ} (النحل:45) .
وقال -عز وجل- : { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } (الإسراء: من الآية68).{أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (الملك:16) .
وهذه الخسوف والزلازل تكثر في آخر الزمان، فأما من أشراط الساعة الكبرى فهنالك ثلاثة خسوف عظيمةٍ جداً، وهي أعظم ما يصيب الأرض من الخسف على الإطلاق، ولذلك صارت من أشراط الساعة الكبرى، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك بقوله : ((إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ..)) مسلم (5163).
والله -سبحانه وتعالى- يحدث ما يشاء.
قال الحافظ رحمه الله : وقد وُجِدَ الخسف في مواضع -يعني ذهاب الشيء في الأرض يكون على سطح الأرض، ثم يذهب فيها فتنشق الأرض وتبتلعه هذا قد حدث فيما مضى-، ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدراً زائداً على ما وجد كأن يكون أعظم منه مكاناً وقدراً. فتح الباري.
فهو يتميز عما حصل قبله بشدته واتساعه .
ومن تلك الآيات التي تجري في الأرض في آخر الزمان وتكثر، الزلازل كما قال -عليه الصلاة والسلام- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى.. تَكْثُرَ الزَّلَازِلُ...)) البخاري (1036).
وفي رواية: ((وَبَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ.. سَنَوَاتُ الزَّلَازِلِ)) أحمد (16516) وصحح سنده شعيب وأغرب متنه. قال الهيثمي: "ورجاله ثقات". مجمع الزوائد.
وفي رواية لأبي داود في حديثٍ صحيحٍ : ((وتدنو الزَّلَازِلُ وَالْبَلَابِلُ وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ)). أبو داود (2535) وصححه الألباني.
قال العلماء هي: الهموم والأحزان .
وهي مقدمات لزلزلة الساعة التي هي شيء عظيم. مرقاة المفاتيح (15/443)
وقد استمرت الزلزلة في بلدة من بلاد الروم التي هي للمسلمين ثلاثة عشر شهراً. عمدة القاري.
قال المهلب: "ظهور الزلازل والآيات وعيد من الله تعالى لأهل الأرض قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (الإسراء:59).
وماذا أيضاً من التغيرات التي تكون في الأرض في آخر الزمان، هنالك تغيرات تصيب الوقت، فقال -صلى الله عليه وسلم- : ((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ وَيَكُونُ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ)) البخاري (1036) وأحمد (10560) والترمذي (2332) واللفظ له، وصححه الألباني.
والضَّرْمَةُ: غُصْنُ النَّخْلِ فَإِنَّهَا إِذْ اِشْتَعَلَتْ تُحْرَقُ سَرِيعًا اِنْتَهَى. تحفة الأحوذي والأزهار.
وهو –هذا التعبير- كناية عن قصر مدة الأزمنة عما جرت به العادة.
وقيل المراد : قصر الأعمار بقلة البركة فيها..". عمدة القاري شرح البخاري (10/482)
" ويُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى قِلَّةِ بَرَكَةِ الزَّمَانِ ونَزْعها مِنْ لَيْله وَنَهَاره، وَذَهَابِ فَائِدَتِهِ فِي كُلِّ مكان". تحفة الأحوذي.
قال ابن حجر رحمه الله :"وقَدْ وُجِدَ فِي زَمَاننَا هَذَا فَإِنَّا نَجِد مِنْ سُرْعَة مَرَّ الْأَيَّام مَا لَمْ نَكُنْ نَجِدهُ فِي الْعَصْر الَّذِي قَبْلَ عَصْرنَا هَذَا". الفتح.
فإذا قالها رحمه الله على القرن التاسع، فماذا نقول نحن اليوم في هذا القرن .
قَالَ النَّوَوِيّ: " فيَصِير الِانْتِفَاع بالْيَوْمِ مثلاً بِقَدْرِ الِانْتِفَاع بِالسَّاعَةِ الْوَاحِدَة. فتح الباري.
( يتبع )