بسم الله الرحمن الرحيم

مكة الصغرى: مدينة لينشيا الصينية
تُعرف لينشيا (Linxia)، الواقعة في مقاطعة قانسو شمال غرب الصين، بلقب “مكة الصغرى” نظرًا لطابعها الإسلامي العميق، وكثرة المساجد فيها، وتمسك سكانها بتعاليم الإسلام منذ قرون طويلة، حتى أصبحت مركزًا رئيسيًا للحياة الدينية والثقافية للمسلمين في الصين.
الموقع الجغرافي والطبيعة
• تقع لينشيا على ضفاف نهر داتونغ، بين جبال التبت وهضبة اللوس، في منطقة ذات طبيعة خلابة ومناخ قاري قاسٍ شتاءً ومعتدل صيفًا.
• تبعد نحو 150 كيلومترًا عن مدينة لانتشو عاصمة مقاطعة قانسو.
• تشتهر بمرتفعاتها وجداولها المائية، مما جعلها مركزًا زراعيًا وتجارياً هامًا في شمال غرب الصين.
السكان والهوية
• يبلغ عدد سكان لينشيا نحو 355,000 نسمة، وتُعد مركزًا لحكم ذاتي يعرف بـ “ولاية لينشيا لقومية هوي الذاتية الحكم”.
• يشكّل المسلمون من قومية هوي غالبية السكان، إلى جانب بعض الأقليات مثل التبت والهان.
• يتميّز سكانها بالتديّن والالتزام بالشريعة الإسلامية، مع حفاظهم على اللغة الصينية في حياتهم اليومية.
الثقافة والعادات الإسلامية
• تنتشر في المدينة المظاهر الإسلامية بوضوح:
• النساء يرتدين الحجاب الأبيض أو الأخضر.
• الرجال يلبسون القبعات البيضاء التقليدية.
• أغلب المحال والمطاعم تضع لافتات “حلال”، ويُمنع بيع لحم الخنزير داخل المدينة.
• يحتفل الأهالي بالمناسبات الإسلامية مثل رمضان وعيد الفطر والأضحى في أجواء مفعمة بالروحانية والتكافل.
• تتميز المأكولات المحلية بدمج النكهة الصينية مع الأكل الحلال مثل النودلز اليدوي (لاميان) ولحم الضأن المطهو بالبخار.
المساجد والعمارة الإسلامية
• تحتوي لينشيا على أكثر من 2750 مسجدًا، وهو عدد مذهل مقارنة بحجم المدينة.
• تمتاز المساجد بتصميم يجمع بين الطراز الصيني الكلاسيكي (الأسقف المقوسة والطلاء الأحمر والأخضر) والعناصر الإسلامية (القباب والهلال والمآذن).
• من أشهر مساجدها:
• مسجد لينشيا الكبير: يتسع لآلاف المصلين، وتُقام فيه أهم الصلوات والمناسبات الدينية.
• مسجد تشونغتشوان: يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر، ويُعد أحد أقدم المساجد في الصين.
• المساجد ليست فقط أماكن للعبادة، بل مراكز للتعليم والأنشطة الاجتماعية.
التاريخ الإسلامي في لينشيا
• دخل الإسلام إلى الصين في القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، عبر طريق الحرير التجاري الذي ربط الصين بالعالم الإسلامي.
• ساهم التجار والدبلوماسيون المسلمون القادمون من العالم العربي وآسيا الوسطى في نشر الإسلام في مناطق الشمال الغربي من الصين.
• مع مرور الوقت، أصبحت لينشيا مركزًا علميًا ودينيًا، حيث أُنشئت فيها مدارس لتحفيظ القرآن ومعاهد لتعليم اللغة العربية والشريعة.
• كانت تُعد في القرون الماضية منارة للعلماء والدعاة الذين نشروا الإسلام في مناطق مجاورة مثل نينغشيا ويوننان.
قومية هوي المسلمة
• قومية هوي هي ثاني أكبر قومية مسلمة في الصين بعد الأويغور.
• يتحدثون اللغة الصينية، لكنهم يتميزون بثقافة إسلامية قوية تجمع بين العادات الصينية والتقاليد الإسلامية.
• يمتهنون التجارة والمطاعم والأعمال الحرة، ويُعرفون بالتسامح والالتزام الديني.
• رغم تشتتهم في مناطق عديدة من الصين، تُعد لينشيا موطنهم الروحي والتاريخي.
التحديات المعاصرة
• في العقود الأخيرة، فرضت الحكومة الصينية قيودًا على الأنشطة الدينية والتعليم الإسلامي، ومنعت الأذان عبر مكبرات الصوت في بعض المناطق.
• تمت إزالة قباب ومآذن من بعض المساجد ضمن سياسات توحيد الطراز المعماري.
• أُغلقت بعض المدارس القرآنية، ما أثار قلق السكان من محاولات تهميش الهوية الإسلامية.
• ومع ذلك، لا تزال المدينة تحافظ على جوها الإسلامي الواضح في اللباس، والطعام، والاحتفالات، والمناسبات الدينية.
لماذا تُسمّى “مكة الصغرى”؟
• بسبب كثرة المساجد وكثافة السكان المسلمين.
• لتمسك أهلها بالتقاليد الإسلامية الأصيلة.
• لأنها تُعتبر العاصمة الروحية للمسلمين في الصين.
• كما أن موقعها وتاريخها يجعلها رمزًا لصمود الإسلام وثقافته في الشرق الأقصى.
منقول