عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
0

المشاهدات
18
 
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


مُهاجر is on a distinguished road

    موجود

المشاركات
560

+التقييم
0.41

تاريخ التسجيل
Feb 2022

الاقامة
مسقط

رقم العضوية
16905
يوم أمس, 09:30 PM
المشاركة 1
يوم أمس, 09:30 PM
المشاركة 1
افتراضي مداخل ومخارج الحياة
قال المعلم:


---

🔹 المدخل

وأنت تقود سيارتك، تصادف أمامك لوحاتٍ تشير إلى مداخل ومخارج كثيرة.
وذاتُ الأمر يحصل عندما تتواجد في الكثير من المراكز التجارية أو المؤسسات الحكومية والخاصة وغيرها من البنايات المختلفة، فإن هذا الأمر تجده ماثلًا أمامك.

إن الهدف من وجود تلك اللوحات هو توجيه وإرشاد الناس إلى اتخاذ المسالك الملائمة لهم للوصول إلى مبتغاهم،
وأيضًا الحرص على الحركة الانسيابية سواء في الحالات المعتادة الطبيعية، أو في الحالات الخطِرة؛ كنشوب حريق أو حدوث زلزال أو ما شابه ذلك.

ولأهمية انسيابية هذه الحركة في معالم ومعمَرات الحياة المادية، غدت ضرورةً ملحَّةً لإسقاطها وتطبيقها على الحالات النفسية، والأحوال الاجتماعية والسلوكية؛
وذلك للحد من تفاقم المشاكل وتفادي الصعوبات، ولإيجاد حلول مناسبة ومنطقية، ولإراحة النفس وتجديد نشاطها بين الحين والآخر،
ورفع معنوياتها لاستئناف المسير، وإيجاد نمط حياة جديدة مغايرة لما كان من قبل.

إن مداخل ومخارج الحياة – بنوعيها – لها دلالات كثيرة قائمة أصلًا على التعاطي الجيد والتعامل الحسن معها، مستندةً إلى قواعد وأصول جلية وواضحة،
وهي النهج الإسلامي.

إلا أن الإنسان في أحايين كثيرة يحيد عنها، ويُسيء التعامل معها، ويرمي نفسه في متاهاتٍ كثيرة لسببٍ أو لآخر،
استجابةً لرغباته وأهوائه دون وصلها بقواعد متينة ومبادئ صحيحة،
مما يؤدي إلى تَهانٍ وضياعٍ للنفس والجهد والفكر والوقت والمال،
وهي من المفترض أن تُستغل في الأمر النافع المفيد.

والإنسان ذاته بُنية من المداخل والمخارج، يَدخُل من هنا ويَخرُج من هناك، وتَدخُل فيه أمور وتخرج منه أخرى؛
فقد يُصيب في بعضها وقد يُخيب في الأخرى، وقد تُنجيه بعضها وقد تُرديه أخرى.

فأعضاء الإنسان مثلًا: كاللسان، والأذن، والعين، والرِّجل، واليد، مصادرُ للمدخل والمخرج؛
فإن أدخل فيهنَّ خيرًا أخرج خيرًا وأصاب، وإن أدخل فيهنَّ شرًّا أخرج شرًّا ثم خسر وخاب.

والبيوت سكنٌ ومأوى، لها أسرارها وخصائصها، وينبغي الاحتفاظ بها وعدم بوحها،
فإذا ما خرجت تلك الأسرار إلى الخارج دخل فيها الانكشاف والانشطار.

والزواج مرحلةُ خروجٍ من حياةٍ اعتيادية ودخولٌ إلى حياةٍ خصوصية فيها بناءٌ لأسرةٍ جديدة وكيانٍ جديد،
فلا بدَّ للزوجين أن يحفظا هذا الكيان، ويزرعاه حبًّا وحنانًا وطاعةً؛
ليتلقَّفه بعد ذلك أبناؤهما ويستمروا على النهج نفسه.


---

🔹 وصية أمامة بنت الحارث

تلك الوصية التي تعتبر من أبلغ النصائح وأجمل ما قيل في شأن الزواج،
وقد أوصت بها ابنتها ليلة زفافها، فقالت:

> "أي بُنيّة، لو كانت المرأةُ تغني عن الرجل، لما خُلق اللهُ آدمَ، ولكنهنّ خُلقن للرجال كما خُلق الرجال لهنّ.
أي بُنيّة، إنكِ خرجتِ من العش الذي فيه درجتِ، وصرتِ إلى فراشٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فكوني له أمةً يكن لك عبدًا، وكوني له أرضًا يكن لك سماءً.
احفظي له خصالًا عشرًا، يكن لك ذخرًا:
أما الأولى والثانية، فالصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة، فالتفقد لمواضع عينيه وأنفه؛ فلا تقع عينه منكِ على قبيح، ولا يشم منكِ إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة، فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة، فالاحتفاظ بماله والإرعاء على حشمه وعياله، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة، فلا تعصين له أمرًا، ولا تفشين له سرًّا، فإنك إن خالفتِ أمره أوغرتِ صدره، وإن أفشيتِ سره لم تأمني غدره.
ثم إيّاكِ والفرح إن كان ترحًا، والكآبة إن كان فرحًا، فالأولى من التقصير، والثانية من التكدير."




---

🔹 قلتُ

تلك اللوحات الإرشادية ما هي إلا خارطةُ طريقٍ يسلك منها السالكون طريقهم للوصول إلى مبتغاهم،
وهكذا هي في أصلها، إذا ما كانت في معناها الحقيقي.

ولا أجد في ذلك التقيُّد من الكثير من البشر إلا في الأماكن التي لا مَناص من اتباع تعاليمها ودلالاتها من أجل الخروج الآمن والرجوع إلى موطن عيشهم.

غير أنهم في الأمور التي شرعها الله تعالى وأوجبها، وحبَّب ورغَّب في إتيانها،
هجروا مواطنها وناقضوا ما جاء فيها، تثاقلًا واستبدالًا للخير بما هو دونه، ليعيشوا حياة الكدر وضيق الحال.

هنالك العديد من العلاجات التي تنتشل ذلك الإنسان المُنهك من أدواء الحياة،
ومن تلك المقامع من الظروف التي تُنهك كاهل الماشي على ظهر هذه الحياة،
لتسلب منه التفكير، وينقبض منها الفؤاد بسبب الأسباب التي يسوقها حادي الحياة.

الحلول التي تُخفف من آلام ذلك الإنسان ماثلةٌ للعيان لمن أرادها حقًّا لا لقلقةَ لسان،
ولا سباحةً في بحر الأماني والأحلام، حين ينقطع القول إذا ما الفعل ظهر وبان.

في تلك المعالم التي في الطريق:
هي المحفزة المسكنة، والرافعة للهمة، الخافضة للمعاناة.

وعن تلك المداخل والمخارج في الحياة:
من يستمدُّ نمط حياته مما جاء به الشرع الحنيف فاز بطيب العيش واستقرار السعادة،
مهما توافدت على قلبه وواقعه عظائم المصائب والبلايا،
لكونه يسير وفق ما خَطَّه القلم في اللوح المحفوظ،
ليكون القضاء والقدر اللذين فيهما، وعلى أعتابهما، نُسلِّم الروح والجسد لما كُتب علينا حين رأيناه بعين الأثر.

ولو أن الواحد منا يعيش حياته مع الله وقد اطّلع على القوانين والأنظمة التي جاءت منه،
لكانت له كـ"الكتالوج" الذي يُعرِّف الإنسان ماهيّته وكنهه وطريقة العيش التي يجب أن يسير عليها ليضمن لنفسه البقاء في الحياة وهو خالي البال من المنغصات.

ومن تأمل واقع الناس يرى تلك الكومة من:
الإحباط، التذمر، اليأس، الكره، الكدر، الحقد، الحسد، الغرور، السذاجة، التهور...
وكل ذلك لم يأتِ من فراغ، لأنه نتيجةٌ طبيعية حين يُبعد الدين عن سياق الحياة.


---

🔹 ومضة من وصية أمامة

نستقي منها التطبيق العملي لذاك الامتثال لمنهج الله، حين يسيل زلالًا ليُحوِّل الحياة يانعةً قطوفها زاهيةً بزهور الجمال،
تتنفس الحياة من رئة الشريعة الغراء.


---

🔹 خلاصة القول

لو التزم الإنسان بما شرع الله له من مداخل ومخارج،
لأصبح في دنياه سعيدًا، وفي آخرته ناجيًا،
ولما تاه في دروبٍ رسمها الهوى، وأضلها الغرور، وطمسها البعد عن منهج النور.