الموضوع: مُهاجر
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2025, 10:00 AM
المشاركة 353
مُهاجر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • موجود
افتراضي رد: مُهاجر
سيبقى ذِكركم نبعَ مناي، وعطرَ رجاي، وزهرَ صباي،
فما ذبلت أرواحُنا من بعدكم، ولا جفّت ينابيع الهوى في قلوبِنا منذ غيابكم.
وفي قلبي جمرةُ اشتياقٍ لا تنطفئ، ولهيبُ حنينٍ لا يهدأ،
وصدى رجاءٍ يتردّد في أروقة العمر، بين سكون القلب وجناح الأمل.

رحلتم... لكن الفصولَ لا تزال تهمسُ بأسمائكم،
وتخبّئ في طيّاتها عبيرَ ذكراكم، وكأنها أقسمت ألّا تنساكم.
وفي فصول عمري ظلّ وجدٍ لا يذبل، ووهجُ ذكرى لا يخبو،
كأنّ الأيام تخبّئكم في طيّاتها، وكأنّ الزمان يأبى أن يُسدلَ عليكم ستارَ النسيان.

يا مهجة القلب، رِفقًا بعاشقٍ ما عادت تُطرَق أبوابُ فرحِه،
ولا بقي له من البهجة إلا ظلّها، ومن السرور إلا شبحه،
فقد عانقه الأنين، وصادقه الحنين، وتوسّد الشوقَ في ليالي السهاد والأنين.

كتبتُ الحزنَ على صفحات الصمت،
وأوقدتُ لواعج القلب في أتونِ الانتظار،
وسهرتُ على لهفتي، حتى سهر الليلُ معي، وباح لي بالأسرار.

غريبًا أمشي في دروب الشوق، أفتّش عن ظلّكم بين زوايا الطريق،
أسأل عنكم العابرين، والعاشقين، وحتى الأرصفةَ والرياحين،
وإن مرّت نسائمكم عليّ، تنفّس الليلُ عبيرًا،
واهتزّ القلبُ فرحًا، كأنّ أرواحكم لامست وجداني،
فأزهرت في داخلي مواسمُ اللقاء من جديد.

أُطيل البوح في صمت القصائد، وأرسمكم بين الأوراق،
كأنّ الحروف لا تنطق إلا بكم، والمعاني لا تُولد إلا من أرواحكم،
فأنتم في دمي نبضُ حياة، وفي قلبي حنينٌ لا يُطفأ،
وفي وجداني سكنٌ لا يزول، أنتم الحكاية، أنتم المبتدأ والختام.



وهكذا هي الأرواحُ إذا تعلّقت، لا يقطعها غياب، ولا يُنسيها مآب،
فالشوقُ إذا سكن القلب، أقام، وإن طال السفر، ما غاب،
والمحبّةُ الصادقة، لا يُطفئها فِراق، ولا يُبليها احتراق،
فمن سكن الوجدان، لا يُزاح، ومن عاش في القلب، لا يُنسى،
مهما جار الزمان، واشتدّت الرّياح.

فاحفظوا من تُحبّون في دعائكم،
فالأرواح تلتقي وإن باعدت بينها المسافات،
والذكرى الطيبةُ زادُ القلوب، إن غابت الوجوه وانقطعت الأصوات.

فما كل وداعٍ يُمحى،
وما كل غيابٍ يُنسى،
ومن نقش اسمه في القلب،
ظلّ حيًّا فيه... ولو فارق الحياة