الموضوع
:
*عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي
عرض مشاركة واحدة
اليوم, 12:00 AM
المشاركة
2
أحمد فؤاد صوفي
كاتب وأديـب
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Feb 2009
رقم العضوية :
6386
المشاركات:
1,862
رد: *عندما شــــــــــــــاء القدر* قصة قصيرة - فيلم عربي
* الفصل الثاني *
* الهجرة إلى العاصمة *
وعندما مالت الشمس للمغيب، كان القرار قد نضج ودخل مرحلة التنفيذ، وكان قراراً بسيطاً حاسماً . .
البلد التي ظلمني أهلها لا أبقى فيها أبداً، وكيف أبقى وحبيبتي ستصير لغيري ؟ . .
*ســــأبقى في العاصمة . .
أخبر أمه التي بكت وقبلت، ولم تعترض، دعت له بالتوفيق وبأنها راضية عنه، وضمته وطيبت خاطره.
في الصباح الباكر، على رصيف محطة الحافلات، راكب وحيد مع حقيبة واحدة، يتجه وليد إلى العاصمة، في جيبه مبلغ بسيط من المال، كان يجهزه لزواجه، يغوص في مقعده، ويغيب مع ذكرياته، ولا يتمكن بأي شكل من الأشكال أن ينسى الظلم الذي أحاط به، فقد صار متهماً على ذنب لم يقترفه، ومست التهمة اسم حبيبته فاتهمت معه، كيف ينسى ؟ . . وصل العاصمـة الكبيرة، وعملت مسؤولياتــه الجديدة رويداً رويداً، على إزاحــــــــــة كتــل الهـم والتعاسة عن كاهله، وجد عملاً وانتظم فيه، واستأجر شقة صغيرة وقام بفرشها، وبعد فترة بسيطة عافت نفسه أكل المطاعم فصار يجهز طعامه ليلاً، ويضعه في الثلاجة فيكفيه ليومين أو أكثر، حياة روتينية رتيبة، ولكنها أخرجته من أزمته، فبدأ يعود لحاله الطبيعية،
أما أن يزور قريته، فلم يتمكن أن يتقبل الفكرة أبداً، فما أن يمر هذا الخاطر أمام ناظريه، حتى ينتفض بدنه، ويزداد وجيب قلبه، ويحس بسيف الظلم ينتهكه ويجدد آلامه، فيهرب من ذكرياته إلى واقعه، ينشد فيه أمان نفسه، عسى أن يتمكن يوماً من السيطرة على عواطفه المستباحة.
وعلى الرغم من اشتياقه الشديد لأمه وأخوته، فلم يستطع الخروج من دائرة الظلم التي أحاطت به، كما كان من الصعوبة على أمه المريضة أن تزور العاصمة، فكان يرسل لها كل شهر رسالة مقتضبة واحدة.
ومضى الزمن سريعاً، وتحسس وليد طريقة الحياة في المدينة الكبيرة، فأتقنها، وتحسن وضعه الاجتماعي، صار له شلة من الأصدقاء، غير شقته إلى شقة أوسع، فرشها بشكل لافت وملأها بالتحف والكماليات، وأضاف إليها إنارة مخفية تعطي شعوراً بالانسجام والراحة، وفيما عدا ذلك، فقد كان لكل من أصدقائه، زوجة أو صديقة، وهو الوحيد بينهم الذي كان معتزلاً النساء، دون أن يدري أحد سبباً لذلك، لقد كان الظلم في قلبه جارحاً، كلما تذكره ينزف دماً. سمر، تلك الفتاة رائعة الجمال، زميلته في العمل، وصديقة مقربة لأحد أصدقائه، بدأت تنظر إليه بنظرات فتاكة، غير بريئة، لم يعرها في البداية اهتماماً جاداً، ولكنها لاقت في قلبه شغفاً وصدى، فتجاوب معها بابتسامة، ثم بدعوة لرشف فنجان قهوة، ثم بدعوة إلى عشاء راقص، ولم تمانع من زيارته في بيته، وكانت سعيدة لما زارها وتعرف على أهلها، ووجد منهم ترحيباً ومودة، لم يسألوه عن ماضيه، ولم يحرجوه بشيء، بل فتحوا له بيتهم وقلبهم، وهو بدوره لم يسأل عن شيء، جمال الفتاة وبريقها الأخاذ جعل على عينيه غشاوة، فلم يكلف نفسه عناء البحث و التدقيق عمن ستكون شريكة حياته، بل جرت الأحداث مسرعة، وتمت الخطبة بحفل صاخب، أغدق فيه وليد الهدايا على خطيبته، كي لا يقال بأنه دون المستوى.
ومرت الأيام، وبدأت الغشاوة بالانقشاع شيئاً فشيئاً فجميع الهدايا والحفلات والمعاملة الطيبة، لم تلقَ صدىً طيباً لدى الخطيبة الجميلة، لا شيء يرضيها، كأن شيئاً ما يأسرها وتخاف أن تفضحه، وكان من الواضح تماماً أنها لا تأخذ خطبتها من وليد مأخذ الجد، أما هو فقد غالب عواطفه، وأوهم نفسه، بأن سمر الجميلة، سليلة العز والنسب، قد أصبحت ملكه.
ولكن، مهلاً أيها المســكين، أين لمن ألـف التعاســة ان تأتيـــه الســـعادة بهذه السهولـــة، وأين لإنسان بسيطٍ من قرية صغيرة، أن يصاهر عائلــة ثريــة من العاصمــة.
بدأت سمر بالتأفف، وبدأت بالتهرب من مواعيده، وصارت تتحجج بكل الحجج الممكنة كي لا تراه، وإذا ذهب إليها ولم يجدها، يأتيـــه من أهلها جواب واحـد، إنها مع الشلـة، ويتساءل وليد، وهل هنالك بعد الخطبة شلة . .؟! ولو كان ذلك صحيحاً فكيف تذهب وحدها بدونه . . ! !
ومضى وقت قصير، قبل أن يتبرع أحد الأصدقاء المقربين بإفشاء السر.
** يتبع **
رد مع الإقتباس