الموضوع: فقه العروض
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2024, 11:42 AM
المشاركة 10
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: فقه العروض
[حول الترفيل في الكامل]
لا يوجد ترفيل في الكامل، والترفيل من علل الزيادة في مجزوئه.
والمجزوء ما سقط من بيته جزءان _تفعيلتان_ فجعلت تلك الزيادة تعويضا لما حذف منه.
وقد منعوا الترفيل _وهو زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع في_ في الكامل التَّامِّ؛ لأنه زيادة عن الحد الذي تأخذه الكلمة العربية من حروف، فأطول كلمة في العربية هي التي تتألف من ثمانية أحرف، وقد صنَّف الدكتور/ عبدالعزيز بن علي الحربي، كتابا في الصرف أسماه (القرعبلانة في فن الصرف) واتخذ هذا الاسم (قرعبلانة)؛ لطرافته، وللتنبيه على أنه ليس في كلام العرب كلمة تفوق الثمانية أحرف.
فإذا عرفت هذا فتأمَّل (متفاعلاتن) وهي (متفاعلن) بعد ترفيلها بإضافة السبب الخفيف إليها، ستجدها بلغت تسعة أحرف، وهذا ممنوع في اللغة، والصرف والعروض صنوان، ولا حظَّ في العروض لمن لم يتقن أسياسيات الصرف.
قد يسأل سائل ويقول: كيف أجازوا الترفيل في المجزوء ومنعوه التامَّ، وعلة الزيادة عن تسعة حروف قائمة؟
قلنا له التامُّ ليس كالمجزوء، فالتامًّ وزنه:
متفاعلن متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلن متفاعلن
وعدد حروف كلمات شطر البيت تساوي: 21 حرفا، أي 42 حرفا في البيت،
بينما المجزوء هو:
متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلن
أي أن عدد حروفه في كل شطر تساوي: 14 ، وفي البيت 28
فلما أن نقص عدد الحروف أثناء الإنشاد، جاز لهم أن يزيدوا كما شاؤوا، فزيادة الحرفين في آخر البيت حيث الترفيل يلحق الضرب، لن يبلغ به مجموع التامّ، وبعيدا عن التسمية فهما حرفان يضافان عند الإلقاء، فقط هكذا:
متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلن + تن
وتكتب:
متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلا تن
والعرب تزيد قبل الوقوف في الغناء والكلام بعض الزيادات، سواء بالأحرف أو بالمدود.
وتستطيع أن تكتبهما هكذا:
متفاعلن متفاعلن = متفاعلن متفاعلن مسْـ
فالزيادة (مسْـ) كأنها السبب الأول من متفاعلن _التي حذفت من شطر البيت_بعد إضمارها،
ولتفسير هذه الزيادة عروضيا أقول: دخل الحذذ على (متفاعلن) فصارت (متَفا) ثم أضمرت (متْفا) أي (مستف = فعْلنْ) ثم حذفت فصارت (فعْ = مسْـ).
فهم حتى فيما زادوه لم يأتوا بشيء خارجٍ عن حدود سعة الشطر في البحر الكامل.
وقد وجدت من يستشهد لترفيل الكامل بأبيات لأبي العتاهية أوردها هكذا، بكسر التاء:
للهِ درّ ذوي العقول المُشْعِباتِ=أخذوا جميعاً في حديثِ الترّهاتِ
وأما وربِّ المسجدَينِ كلاهما=وأما وربّ مِنى وربّ الراقصاتِ
إنّ الذي خُلِقتْ له الدنيا وما=فيها لنا ذُلٌّ يجلّ عن الصفاتِ
ولا أدري من أين جاء بهذه التاء المكسورة، فالتاء في نسخ الديوان ساكنة، فقد راجعت طبعتين مختلفتين من الديوان، والذي وجدته أن التاء ساكنة، أي أن القافية مقيدة، والضرب مذال _مذيل_ لا مرفَّل.
ثم ذكر ابياتا للشاعر الششتري من مشطور الرجز:
قد لاحَ نورُ الحَقِّ مِنْ سِرِّ الجَلالِ
وأشرقَتْ شمسُ المَعالي والكمالِ
ودارَ كأسُ الأنْـسِ ما بينَ الرجالِ
وهي كحال أبيات العتاهية، ساكنة الروي، مقيدة القافية، مذالة الضرب، لا مرفلته.

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا