الموضوع
:
فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
عرض مشاركة واحدة
03-26-2023, 04:16 PM
المشاركة
696
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 6
تاريخ الإنضمام :
May 2010
رقم العضوية :
9229
المشاركات:
9,393
رد: فقه اللغة وسرُّ العربية / الثعالبي
الفصلُ التّسعونَ
في زِيَادَةِ المَعْنَى حُسْنًا بِزِيَادَةِ لَفْظٍ
هِيَ مِنْ سُنَنِ العَرَبِ، كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ لَيْثٌ، إنَّما شَبَّهْتَهُ
بِلَيْثٍ في شَجَاعَتِهِ، فإذَا قَالَ: زَيدٌ كَاللَّيثِ الغَضْبَانِ فَقَدْ
زَادَ المَعْنَى حُسْنًا، وكَسَا الكَلَامَ رَوْنَقًا، كما قال الشَّاعِرُ:
شَدَدْنَا شَدَّةَ اللَّيثِ
عَدَا، واللَّيْثُ غَضْبَانُ
وكَمَا قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ:
*تَرائِبُها مَصْقولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ*
فَلَمْ يَزِدْ عَلى تَشْبِيهِهَا بالمِرْآةِ. وذَكَرَ ذُو الرُّمَّةِ أُخْرَى، فَزَادَ
في المَعْنَى حَيْثُ قَالَ:
*وَوَجْهٌ كِمِرآةِ الغَريبةِ أسْجَحِ*
لأنَّ الغَريْبَةَ لَا يَكونُ لَهَا مَنْ يُعْلِمُهَا مَحَاسِنَهَا مِنْ مَسَاوِيهَا،
فَهِيَ تَحْتَاجُ إلى أنْ تَكُونَ مِرْآتُهَا أَصْفَى وأَنْقَى لِتُرِيَهَا مَا تَحْتَاجُ
إلى رُؤْيَتِهِ مِنْ مَحَاسِنِ وَجْهِهَا وَمَسَاوِيهِ. ومِنْ هَذَا المَعْنَى
قَوْلُ الأعْشَى:
تَرُوحُ عَلَى آلِ المُحَلِّقِ جَفْنَةٌ
كَجابِيَةِ الشَّيخ العِراقيِّ تَفْهَقُ
فَشَبَّهَ الجَفْنَةَ بِالجَابِيَةِ وهِيَ الحَوْضُ، وقَيَّدَهَا بِذِكْرِ العِراقيِّ
لأنَّ العِراقيَّ إذَا كَانَ بالبَرِّ ولَمْ يَعرِفْ مَوَاضِعَ المَاءِ وَمَوَاقِعَ
الغَيْثِ فَهُوَ عَلَى جَمْعِ المَاءِ الكَثِيرِ أَحْرصُ مِنْ البَدَوِيِّ العَارِفِ
بالمَنَاقِعِ والأحْسَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الرُّوميِّ:
مِنْ مُدامٍ كأنَّها دَمْعَةُ المَهـ ـجُورِ يَبْكي وعَيْنُهُ مَرْهاءُ
فَشَبَّهَهَا بِدَمْعَةِ المَهْجُورِ في الرِّقَّةِ، وزَادَ في الرِّقَّةِ بِأنْ وَصْفَ
عَينَهُ بالمَرَهِ، وهُوَ طُولُ العَهْدِ بِالكُحْلِ، لِيَكُونَ الدَّمْعُ مَعَ
رِقَّتِهِ أصْفَى وأسْلَمَ مِمَّا يَشُوبُهُ، وهَذا مِنْ لَطَائِفِ الشُّعَرَاءِ.
رد مع الإقتباس