عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2010, 11:17 AM
المشاركة 51
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
البلبل السجين
( إيليا أبو ماضي )


يا ربّ بلا سناء
كأنّما بدره يتيم
مشى به اليأس في الرّخاء
كأنّه النار و الهشيم
*
ليت الدّجى رقّ للمحبّ
أو ليت لي مهجة حجر
أقضّ هذا الفراش جنبي
كأنّ في مضجعي الإبر
هل بك يا نجم مثل كربي ؟
أم أنت من طبعك السّهر ؟
سهرت شوقا إلى ذكاء ؟
أم عندك المقعد المقيم ؟
أبكي و تصغي إلى البكاء
يا ربّ ! هل تعشق النجوم ؟
*
قد نال فرط السّهاد منّي
و اشتاق طرفي إلى الهجوع
و قرّح الجفن ماء جفني
في الحبّ ما فاض من دموعي
و شاب رأسي من التّجنّي
ياليت ذا الشّيب في الولوع
لعلّ في سلوتي شفائي
هيهات . داء الهوى قديم
ما يحسب الناس في ردائي ؟
في بردتي هيكل رميم !
*
قد طال يا ليل فيك صبري
و أشبهت ساعك القرونا
فقل لهذي النجوم تسري
أو إسأل الصّبح أن يبينا
و إن تشأ أن تكون قبري
فكن كما شئت أن تكونا
في سكون إلى البلاء
قد يألف العلّة السّقيم
من كان في قبضة الهواء
هان على نفسه النّسيم !
*
قرّب بين الضّنى و جسمي
ما أبعد النّوم عن جفوني
يا ليل فيك الرّقاد خصمي
يا ليل ما فيك من معين
سوى شج همّه كهمّي
ينشد و اللّيل في سكون !
أيمرح البوم في الخلاء
و تمسك البلبل الهموم ؟
هذا ضلال من القضاء
فلا تلمني إذا ألوم
*
سا سيّد المنشدين طرّا
و صاحب المنطق المبين
لو كنت بوما أو كنت نسرا
ما بتّ في أسرك المهين
خلقت لما خلقت ، حرّا
فزجّك الحسن في السّجون
و أطلق البوم في الفضاء
زعم الورى أنّه دميم
و أنّه غير ذي رواء
و لا له صوت الرّخيم !
*
تيّمك الروض فيه حتّى
تخذت باحاته مقاما
رأيت فيه النعيم بحتا
و لم تر عنده الأناما
مدّوا الأحابيل فيه شتّى
أقلّها يجلب الحماما
لو كنت كالبوم في الجفاء
ما صادك المنظر الوسيم
أصبحت تبكي من الشّقاء
ليضحك الآسر المضيم !
*
و المرء وحش فإن ترقّى
أصبح شرا من الوحوش
فخفه حرّا و خفه رقّا
و خفه ملكا على العروش
فالشرّ في الناس كان خلقا
و أيّ طير بغير ريش ؟
ما قام فيهم أخو وفاء
يحفظ عهدا و لا رحيم
فكلّ مستضعف مرائي
و كلّ ذي قوّة غشوم !
*
إن كان للوحش من نيوب
فالناس أنيابهم حديد
ما كان ، و الله ، للحروب
لولا بنو آدم وجود
لو امّحى عالم الخطوب
لقام منهم لها معيد
قد نسبوا الظلم للسماء
و كلّهم جائر ظلوم
لم يخل منه أخو الثّراء
و لا الفتى البائس العديم
*
أعجب ما في بني التراب
قتالهم فوقه عليه
قد صيّر و الأرض كالكتاب
و انحشروا بين دفّتيه
و استعجلوا الموت بالعذاب
و كلّهم صائر إليه
ما خاب داع إلى العداء
و لم يفز ناصح حكيم
ما رغب الناس في الفناء
لكنّما ضاعت الحلوم !!
*
لو لم يك الظلم في الطّبائع
ما استنصر العاجز العداله
لو عدلت فيهم الشرائع
ما استحدثوا للقتال آله
عجبت للقاتل المدافع
جزاؤه الموت لا محاله
لكنّما سافكو الدماء
يوم الوغى قادة قروم
و هكذا المجرم الدائي
في عرفهم فاتح عظيم !
*
أقبح من هذه الضّلاله
أن يحكم الواحد الألوفا
و يدّعي الفضل و النّباله
من يسلب العامل الرّغيفا
يا قوم ما هذه الجهالة
قد حان أن تنصفوا الضّعيفا
فراقبوا ذمّة الإخاء
و لتنس أحقادها الخصوم !
لا تتبعوا سنّة البقاء
فإنّها سنّة ظلوم !