الموضوع: الأدب العبري
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2010, 09:38 PM
المشاركة 4
عبير جلال الدين
كاتبـة مصـرية
  • غير موجود
افتراضي رد: الأدب العبري
ترى الأديبة الإسرائيلية عينات كوهين:
أن حرب أكتوبر، كانت نقطة تحول درامية مباغتة، ومذهلة، وكأنها مأخوذة من حبكة مميزة.

فقد كانت حرب أكتوبر بحسب رؤية هذه الأديبة زلزالا حقيقيا هز أركان المجتمع الإسرائيلى، لكنه كان زلزالا متوقعا.
وتقول عينات: كم من الوقت يستطيع إنسان، أو شعب أن يجلس ليتثاءب ويسخر من عدوه، ويستهزئ به، كم من الوقت كان من الممكن أن يعيش المجتمع الإسرائيلى بموجب مبدأ أنا ومن بعدى الطوفان.
لقد كانت حرب أكتوبر ردا حادا وقاسيا على الشعور بالتفوق واحتقار الآخر، الذى ملأ صدورنا بعد حرب 67 الانتصار المبهر فى 67،
الذى بدا وكأنه سيناريو سينمائى مأخوذ من أفضل أفلام هوليوود، لم يكن سيناريو صادقا، ولا أمينا، لقد أعمى عيوننا، ونفخ صدورنا، وعطل حواسنا، فلم نفق من سكرة الانتصار التى سيطرت علينا بعد هذه الحرب العجيبة، التى استمرت ستة أيام، وأسفرت عن تغيير دراماتيكى فى الخريطة الجيوبوليتية للمنطقة، وفى العقلية الإسرائيلية فى ذات الوقت.

الآن كيف تناول الأدب العبرى حرب أكتوبر؟
كيف عبر الأدب العبرى عن الزمن الرمزى الذى وقعت فيه الحرب،
وعن هدم كل ما كرسته حرب 67


الأديب الإسرائيلى حانوخ بارطوف::

المعروف بمهارته الفائقة فى نسج الحبكات الأدبية المركبة، والبوليسية أحيانا، فضل أن يكتب يوميات عن الحرب.
لقد كتب الجزء الثانى من كتاب رئيس الأركان الإسرائيلى فى حرب أكتوبر دافيد بن أليعيزر، والذى حل اسم 48 سنة، وعشرين يوما أخرى.
وتناول فى هذا الجزء قصة العشرين يوما التى شهدت حرب أكتوبر
6-10-73 وحتى 25-10-73.
لقد سجل فى هذا الدفتر كل دقيقة، وكل حديث، وكل لفتة، وكل شهادة للتاريخ.
لكن هذا الشكل الوثائقى التفصيلى نفسه، وبقلم أديب، يعكس إلى أى مدى كانت قصة حرب أكتوبر قصة صارخة، وأقوى من خيال المبدع والأديب،
الذى وقف أمامها مكتوف الأيدى، ولم يملك سوى أن يسجلها بقلمه فى شكل يوميات حربية.


أما رواية نار::

فهى رواية وثائقية أيضا، كتبها الأديب الإسرائيلى الشهير " يوفال نريا"
الذى فضل أن يكتب على غلافها الخارجى : كثير من الأحداث التى وردت بين ضفتى هذا الكتاب حدثت فى الواقع كما هى، لكن جميع الشخصيات من وحى خيال المؤلف.
بعبارة أخرى حتى يوفال نريا لم يكن فى حاجة لنسج أحداث عن حرب أكتوبر من خياله.
ولذلك لا يدافع إلا على عنصر الشخصيات فى عمله الأدبى لأنهم من وحى خياله

ورواية نار تعتبر شهادة تبعث بقشعريرة فى الجسد خاصة فى الأجزاء التى تصور فيها غطرسة القيادات العليا فى الجيش الإسرائيلى، وشعور صغار الضباط الأكيد بحجم الكارثة التى توشك أن تحل بهم.
وكيف رفضوا أن يطلبوا إجازات عيد الغفران على الرغم من التقرير الواضح الذى نشرته المخابرات الحربية أمان وجاء فيه:" لن تقع حرب فى يوم الغفران" .
وعندما تصور الرواية المعركة التى خاضها هؤلاء الضباط بمفردهم ضد الجيش المصرى فى الأيام الأولى للحرب، وعن عودتهم إلى الجبهة الداخلية، ليجدوا الجميع يتنكر لهم، ويرفض مجالسة المهزومين.
بطل الرواية" يائير نائب" قائد الوحدة العسكرية، أخذ يلوم نفسه وهو طريح الفراش فى المستشفى العسكرى: لقد كنت أعرف أن الحرب ستقوم، كنت واثقا، وعامير أيضا كان واثقا، لكنى لم أمتلك الشجاعة، لأذهب إلى قادتى ورؤسائى، إلى رئيس الأركان إذا استلزم الأمر، وأن أكلمهم جميعا، إذا استلزم الأمر، وأقول لهم أنتم عميان، وطرشان، الحرب تدق الأبواب، لكنى لم أذهب، ولم أصرخ بأعلى صوتى، ولم أنبس ببنت شفة، ومع ذلك مازلت على قيد الحياة، سأظل أحمل الذنب مثل قابيل، ولن يسعفنى أى شيء فى هذا العالم.
لقد كان الشعور بالذنب هو أقوى المشاعر التى سيطرت على المقاتل الإسرائيلى، الجنود والضباط الذين نجوا من هذه الحرب على حد سواء.
لقد ظلوا على قيد الحياة، بينما لقى العشرات، بل المئات من زملائهم مصرعهم دفاعا عنهم. وظلت علامة العار مطبوعة على جبينهم، وفى وعيهم الذاتى، وفى نظرة المجتمع إليهم، وخاصة أقارب المتوفين والمفقودين: الآباء، والأمهات الثكلى، والنساء الأرامل، والأيتام.


،،