عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2010, 10:33 AM
المشاركة 29
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وخسر العدو فى هجومه الأول خسارة فادحة بصلابة الدفاعات المصرية واستماتة القواد مع الجنود والتى أدت لاستشهاد العقيد عادل يسري عندما قام بنفسه بعملية إستطلاع واسعة لتحركات العدو أثناء الهجوم ,
وعقب فشل الموجة الأولى من الهجوم قام العدو فى الساعة الثانية والنصف ظهرا بهجومه الرئيسي على لواء المنتصف 3 ميكانيكى بقوات اللواء المدرع الإسرائيلي رقم 600 ,
وتمكن العدو تحت وطأة وثقل وكثافة الهجوم من اختراق دفاعات الكتيبة المصرية والإستيلاء على النقطة الحيوية رقم 57 وهى إحدى النقاط المصرية الحصينة القريبة من موقع قيادة الفرقة
واتخذت قيادة الفرقة إجراءات حاسمة وسريعة لمعالجة الموقف فقامت كتيبة المشاة الميكانيكية التابعة للنسق الثانى بصد
إختراق العدو ومنعه من الإستقرار فيه ولأن دبابات الكتيبة المصرية كانت جميع مركباتها المدرعة من طراز ( BMP ) الخارقة للدروع فقد ألحقت بالعدو خسائر فادحة منعته من تحقيق أهدافه بعد أن كان على وشك النجاح

ثم استثمر قائد الفرقة نجاح الكتيبة المصرية سريعا فأصدر أوامره إلى إحدى كتائب اللواء 14 المدرع وإلى كتيبة دبابات الفرقة بالإشتراك في المعركة في نفس الوقت الذى أمر فيه بفتح إحتياطى الفرقة المضاد للدبابات رقم 1 ليركز هجومه على الأجناب الخاصة بالقوة المدرعة الإسرائيلية ,
وفى نفس الوقت قامت مدفعية اللواء 3 ميكانيكى مع مجموعة مدفعية الفرقة 16 مشاة بفتح نيرانها بقصف شديد التركيز على الثغرة التي نفذت منها المدرعات الإسرائيلية ,
وهكذا وقعت المدرعات الإسرائيلية تحت جحيم مزدوج من المدفعية والمدرعات المصرية أسفر عن تدمير 38 دبابة من طراز باتون إم 60 وإم 48 و4 عربات مدرعة من طراز إم 113
وارتدت الدبابات الإسرائيلية المتبقية إلى إتجاه الطالية ولم تتمسك إلا بالنقطة الخاصة بالموقع الحيوى 57 ,

ورغم الخسائر والفشل التي منيت بها القوات الإسرائيلية إلا أنها عاودت هجومها من جديد في الساعة السادسة والنصف مساء نفس اليوم إنطلاقا من نفس النقطة بقوة دبابات تبلغ 60 دبابة هى ما تبقي من القوة المهاجمة مدعمة بكتيبة إمدادات ,
ودارت واحدة من أخطر المعارك بين قوات الفرقة 16 مشاة التي تعرضت لأخطر هجوم عليها من بداية الحرب في المنطقة المعروفة باسم ( المزرعة الصينية )
ولمواجهة خطر الهجوم المتجدد أمر قائد الفرقة بدفع القوة الضاربة لكتيبة النسق الثانى وكتيبة دبابات الفرقة التي نجحت في صد الإختراق الأول مع تدعيم كليهما بفتح جميع إحتياطيات الفرقة بلا استثناء ,
بالإضافة إلى طلبه معاونة مدفعية الجيش الثانى الميدانى رقم 1 , 2 لتستطيع الفرقة 16 مشاة من تجديد إنتصارها للمرة الثانية على التوالى وحولت منطقة إختراق العدو إلى جحيم مستعر
واندفعت القوات المصرية بعد ذلك لتطهير نقطة تمركز العدو في الموقع الحيوى رقم 57 والذي جدد منه هجومه الليلي ليفشل الهجوم بسائر موجاته ,

وبعد فشل الهجوم المضاد الثانى على التوالى وتكبد المدرعات الإسرائيلية لخسائر فاقت طاقتها وهددت مخازنها الإحتياطية اهتزت أعصاب موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أقصي مدى ,
وفوجئت جولدا مائير وبقية المجلس العسكري بجنرالهم الأسطورى وهو يبدو بشخصية شبحية مترددة لا يجرؤ على اتخاذ قرار واحد منفردا بل يطلب موافقة جولدا مائير علي أى قرار رغم أنه الأدرى بالشئون العسكرية ,
ورغم أنه صاحب أشهر القرارات الفردية في السابق عندما كان رئيسا لأركان حرب الجيش الإسرائيلي أو عندما كان وزيرا للدفاع أثناء حرب يونيو وقام باتخاذ قرارات مصيرية منفردا دون الرجوع إلى ليفي أشكول رئيس الوزراء وقتها ,
فقد اتخذ قراره منفردا بمهاجمة الجولان صباح 9 يونيو
ولا يعرف الكثيرون أن الجولان لم تكن في أهداف إسرائيل في حرب يونيو أصلا , واتخذ أيضا قراره بالوقوف عند قناة السويس بعد أن كان التخطيط هو الوقوف عند الممرات , وذلك بعد أغراه حال الجيش المصري بعد قرار الإنسحاب الغريب والرهيب الذى أصدره عبد الحكيم عامر وتسبب في مذبحة للقوات المصرية في سيناء بعد ذلك ,
وقبلها اتخذ قراره بضرب سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى والتى كانت موجودة لمراقبة أعمال إسرائيل حتى لا تخالف اتفاقها مع الولايات المتحدة وتجتاح الضفة الغربية وهو ما لم تريده الولايات المتحدة , بل وتعهدت للملك حسين قبل نشوب حرب يونيو أن إسرائيل لن تمد يدها إلى الضفة الغربية
وعندما اكتشف ديان وجود السفينة أمر بضربها بأعصاب باردة وادعى أنها مجرد خطأ عسكري حتى لا تكشف ليبرتى أن القوات الإسرائيلية اجتاحت الضفة الغربية دون أن تكون هناك أى أعمال قتال موجهة ضد الجيش الإسرائيلي منها [1]

لهذا كانت صدمة القيادة الإسرائيلية عنيفة بتخلخل أعصاب ديان إلى هذا الحد والذي دفعه لعرض الإنسحاب من الجبهتين حماية لما تبقي من القوات الإسرائيلية على الجبهتين , لا سيما بعد أن نجحت القوات السورية في أول أيام القتال في اجتياح الجولان بكاملها ووقف الجيش السورى على مشارف المستوطنات الإسرائيلية في العمق مهددا إياها [2]
هذا فضلا على الخلافات العنيفة التى تفجرت بين القادة العسكريين فى الجبهتين كل على حدة ومع بعضهما البعض بعد تباين وجهات النظر فى الطريقة المثلي للتصدى لخطر المصريين والسوريين وأيهم أولى بتركيز القوات الإسرائيلية فى جبهته ,


الهوامش :
[1]ـ الإنفجار ( حرب 1967 م ) محمد حسنين هيكل ـ مركز الأهرام للترجمة والنشر
[2]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ مصدر سابق