عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2010, 10:32 AM
المشاركة 28
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
المرحلة الثانية من الحرب :


بعد الفشل الذريع الذى منى به الهجوم المضاد الأول للقوات الإسرائيلية عبر موجاته التي نجم عنها الإثنين الأسود في إسرائيل وسقوط سلاح المدرعات الإسرائيلي وانقلاب القيادة السياسية على العسكرية
تفجرت الخلافات المدوية بين القادة العسكريين بخصوص ما يحدث على الجبهتين الجنوبية والشمالية ,
وتطايرت الإتهامات بين الجنرالات شموئيل جونين قائد الجبهة الجنوبية ودافيد إليعازر رئيس الأركان وإبراهام أدان وشارون قائدى المدرعات فضلا على بقية مجلس الحرب برياسة ديان وجولدا مائير
ورغم فشل الهجوم المضاد الأول الذى تم تنفيذه في الثامن من أكتوبر فلم يجد القادة اليائسون بدا من الإستمرار في نفس مسلسل الهجمات المضادة بالمدرعات مع محاولة كسر التفوق المصري وإيجاد وسيلة لمواجهة حاملى الصواريخ المضادة للدبابات والذين أوقعوا الخسائر الجسيمة بالمدرعات الإسرائيلية ,

وكنتيجة طبيعية للإختلافات صدر القرار بتنحية الجنرال شموئيل جونين بعد الإثنين الأسود وتم تعيين حاييم بارليف ممثلا شخصيا لرئيس الأركان في الجبهة الجنوبية على أن يعاونه جونين ولكن من بدون صفة قيادية ,
وظن المجلس العسكري أن تعيين حاييم بارليف باعتباره واحدا من أقدم القادة في إسرائيل أن الخلافات التي يسببها الجنرال آرئيل شارون بتمرده على الأوامر العسكرية واتخاذه القرارات دون الرجوع لقيادته ,
خاصة بعد أن فاقت تصرفات شارون الحمقاء كل تصور عندما خالف الأوامر الصادرة له في الهجوم المضاد الأول كما رفض نجدة زميله الجنرال إبراهام آدان الذى كانت مدرعاته تتعرض لمذبحة من القوات المدرعة المصرية على نحو دفعه لإرسال طلب نجدة تتمثل في إحدى كتائب المدرعات التابعة لفرقة شارون ,
فرفض شارون وتجاهل النداء وتورطت المدرعات في فرقته لنفس المصير فيما بعد , [1]

إلا أن تعيين حاييم بارليف ورغم كونه أقدم من شارون لم ينه هذه الخلافات والأخطاء وتفاقمت الخلافات من جديد بين بارليف وشارون في الوقت العصيب الذى كانت تمر به المدرعات الإسرائيلية في سيناء حيث لم يبق لها بعد فشل الهجوم المضاد الأول غير 400 دبابة مما حدا بوزير الدفاع ديان إلى توجيه التحذير من أية مغامرات غير محسوبة ,
وهكذا وبعد أن تولى بارليف يوم 10 أكتوبر مسئولية الجبهة الجنوبية وبعد نفاذ صبره من حماقات شارون طلب من الجنرال ديان إحالة شارون للتقاعد حتى لا يتفاقم الوضع أكثر ,
ورفض ديان طلب بارليف رغم إلحاحه وكان رفضه سياسيا خوفا من أن شارون سيصبح كادرا سياسيا معارضا في تجمع الليكود وسيستغل موقعه السابق للهجوم السياسي على الحكومة القائمة !
وهكذا وبضربة قدرية ..
وقعت إسرائيل فى نفس المأزق السياسي الذى وقعت فيه القيادة المصرية قبلها فى حرب يونيو نتيجة لتدهور النتائج على جبهة القتال ,
فبعد النجاح الذى حققته القوات المصرية تسببت الخلافات فى أن يبحث كل قائد عن مصيره المنتظر بغض النظر عن مصلحة الدولة أو الجيش وهو ذات ما وقعت فيه القيادة المصرية من قبل عندما غامر عبد الناصر بترك عبد الحكيم عامر فى موقعه رغم الفشل الذريع الذى أثبتته التجربة المرة لهذا الأخير من موقعه كقائد عام للقوات المسلحة أيام حرب السويس 1956م , وأيام أزمة الإنفصال من سوريا عام 1962م , وإصرار عبد الحكيم عامر على الإحتفاظ بنفس طاقم رجاله فى مراكز القيادة العليا رغم قرار عبد الناصر بإحالتهم جميعا للتقاعد ,
وسكت عبد الناصر ليزداد الوضع سوء فى حرب يونيو على النحو الذى ظهر على الساحة فى تلك الآونة ,

وهكذا وبنفس العقلية اتخذت القيادة الإسرائيلية قرار هجوم مضاد جديد على قطاع الفرقة 16 مشاة فى يوم 9 أكتوبر عن طريق الهجمات المضادة السريعة بقوة كتيبة مدرعة على اللواء الأيسر للفرقة 16 مشاة المصرية ,
وبقوة كتيبتين مدرعتين على لواء المنتصف لنفس الفرقة ( اللواء 3 مشاة ميكانيكى )[2] بغرض اكتشاف مدى قوة دفاعات الفرقة واقتحام أضعف نقاطها وإحداث خلخلة فى دفاعات القطاع الشمالى للجبهة ,
وتصدت الفرقة 16 مشاة بقيادة العميد عبد رب النبي حافظ للهجوم ورغم الخسائر الفادحة التى تعرضت لها قوة الهجوم الإسرائيلي فإنها أصرت على مواصلة التقدم بمزيد من الخسائر , مما دفع قيادة الفرقة لتأمين نقاطها تأمينا جيدا عن طريق تقوية أضعف نقاطها وهى نقطة الإتصال بين الفرقة 16 مشاة والفرقة 2 مشاة ,
وعليه بادر اللواء سعد مأمون قائد الجيش الميدانى بإصدار أوامره إلى بدفع كتيبة دبابات من النسق الثانى للفرقة لتعمل على سد الثغرة بين الفرقتين وتتصدى لأى محاولة إختراق متوقعة ,



الهوامش :
[1]ـ المعارك على الجبهة المصرية ـ اللواء جمال حماد ـ دار الشروق
[2]ـ المشاة الميكانيكى مصطلح عسكري يشير إلى قوات المشاة عندما تمتلك المركبات الميكانيكية فى الحركة والقتال