عرض مشاركة واحدة
قديم 10-14-2010, 10:31 AM
المشاركة 27
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبمثل هذا التفوق الضاري على مسارح القتال الجوى والبري كان القتال البحرى يشهد نفس التفوق لقواتنا ,
وهو التفوق المتوقع بعد أن تمكنت القوات البحرية خلال حرب الإستنزاف من تحطيم بعض مبادئ القتال البحرى عندما نفذت عملياتها الناجحة ضد أهداف العدو التي كان أشهرها تدمير المدمرة ( إيلات ) والتى كانت فخر سلاح البحرية الإسرائيلي عن طريق استخدام لنش صواريخ محدود الكفاءة !
وغرقت المدمرة بعد تدميرها وعاد القارب وقبطانه إلى قاعدته البحرية سالمين لتتعرض إسرائيل للوم وتقريع الولايات المتحدة بعد فقدانها لمثل هذه القطعة البحرية الهامة بفعل قارب صواريخ لا يعتبر شيئا أمام المدمرة وتسليحها الفوق طبيعى ,
وقبل العمليات تحددت أهداف القوة البحرية المصرية على أهداف العدو المتمثلة في ميناء أشدود وحيفا على البحر المتوسط , وفى إيلات وشرم الشيخ ومراسي خليج السويس على البحر الأحمر
فضلا على حماية شواطئنا ضد أى استهداف بحرى للعدو في نطاق عمليات كل قاعدة بحيث صار لكل قاعدة حرية التصرف المنفرد لضمان حسن المواجهة والتصرف
وقبيل أيام العمليات أبحرت القطع البحرية المصرية إلى مضيق باب المندب لتتمكن من غلق البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية بعد أن ظنت إسرائيل باحتلالها لشرم الشيخ أنها امتلكت منفذا عليه , فإذا بقواتنا البحرية تغلقه عليها من المنبع عند حدود اليمن لحرمان العدو من الإستفادة من ميناء إيلات

وتفجرت ساحة المعركة البحرية بطول شواطئنا البالغة 1600 كيلومتر شاركت فيها المدمرات والغواصات والمدفعية الساحلية ولنشات الصواريخ ووحدات الصاعقة البحرية والضفادع البشرية ,
فقامت سرايا المدفعية الساحلية بقصف القلعة الحصينة شرق بورفؤاد والحصن المنيع عند الكيلومتر 10 جنوب بورفؤاد , كما قام سرب من لنشات الصواريخ بضرب تجمعات العدو في رمانة ومرسي العدو في البحر المتوسط
وفى البحر الأحمر عاونت القوات البحرية الجيش الثالث الميدانى بقصف مواقع العدو المواجهة لخليج السويس وفى سفاجة وفى شرم الشيخ في نفس الوقت الذى ضربت فيه الصواريخ المصرية رأس سدر لتحليل مواقع العدو إلى جحيم مستعر
واستمر القتال ليليا طوال أيام الحرب بنجاح تام ,
وكانت أولى المواجهات ليلة 8 أكتوبر حيث صادف تشكيل للصواريخ المصري تشكيلا مماثلا للعدو في محيط قاعدة بورسعيد فاشتبك معه لمدة ساعة في معركة بحرية انتهت بإغراق الوحدة الإسرائيلية وعودة التشكيل المصري سالما ,
أما في البحر الأحمر فكان الصيد وفيرا للغاية أمام غواصات البحرية المصرية حيث تمكنت الغواصات من إغراق سفينة إسرائيلية كانت داخل البحر قبل بدء العمليات ,
فضربتها الغواصات المصرية حتى جنحت السفينة وسدت الطريق حتى نهاية الحرب فلم تعبر للموانى الإسرائيلية سفينة واحدة ,

وفى ليلتى 8 , 15 أكتوبر دارت أعتى معارك لنشات الصواريخ بين لنشات الصواريخ المصرية ولنشات ( سعر ) الإسرائيلية المتقدمة حيث كانت أعنف المعارك البحرية طيلة الحرب هما معركتى هاتين الليلتين ,
ففى ليلة 8 أكتوبر
رصدت وحدات الإستطلاع تشكيل اللنشات الإسرائيلي وأعدت القوات البحرية المصرية كمينا بحريا في مكان منتخب بعناية فائقة بين دمياط والبرلس ,
واستمر السكون المصري تاركا الفرصة أمام التشكيل الإسرائيلي للدخول في الفخ المحكم , وبمجرد دخول وحدات العدو المكون من ثلاث مجموعات كل مجموعة على حدة , أصدر قائد التشكيل المصري أوامره بإطلاق النار ,
وهكذا دار أول اشتباك بحري بصواريخ ( بحر ـ بحر ) في تاريخ المعارك الحديثة , ونظرا لطول مدى الصواريخ المصرية ودقة أجهزة التوجيه بها فقد أصابت الصواريخ المصرية أهدافها جميعا دون خطأ واحد .
وخسر العدو في لحظة واحدة أربع قطع بحرية ليتلقي قائد البحرية برقية تهنئة خاصة من وزير الدفاع ,

أما المعركة الثانية
فتمت في 15 أكتوبر حيث خرج سرب من لنشات الصواريخ المصرية من الإسكندرية بسرعة بطيئة حتى لا يكتشفه العدو بحسب أوامر القيادة ليقبع هذا السرب في أبي قير مترصدا لأى أهداف معادية ,
ووقع أمام السرب أربع قطع بحرية للعدو بينهما أربعة أميال بحرية تعامل معهم سرب اللنشات المصري ليغرق لنشان للعدو على الفور ويصاب اللنش الثالث أمام رشيد ,
وفى فجر يوم 16 أكتوبر كانت القوات الجوية تهاجم اللنش المصاب وتأسره وتستولى على صاروخ ( جابرييل ) سليما من حطام اللنش ,
وبهذا أدت القوات البحرية عملها المطلوب بكل دقة , لا سيما الهدف الأول وهو إثبات فشل نظرية الأمن الإسرائيلي البحرية التي كانت ترددها إسرائيل بأنها طالما سيطرت على خليج العقبة فقد ضمنت الملاحة الحرة من وإلى البحر الأحمر
وهو ما أثبتت البحرية المصرية عكسه عندما سيطرت غواصاتنا على مضيق باب المندب ومارست حق التفتيش على السفن المارة ومنع السفن الإسرائيلية أو التي تحمل موادا لإسرائيل من المرور , وقد تمكنت البحرية المصرية من إغراق ثلاث سفن إسرائيلية تحدت الحظر فتم إغراقها ,
هذا فضلا على تحقيقها هدفا إستراتيجيا جديدا وهو ضرب منطقة بترول بلاعيم لمنع العدو من استخدامه وهو ما تم بالفعل مع استخدام سلاح الألغام البحرية التي تسبب في غرق ناقلة بترول ضخمة حملوتها 46 ألف طن فضلا على سفينة أخرى حمولتها ألفي طن ,
بالإضافة لما نجحت فيه قوات الصاعقة من تفجير آبار البترول التي يستخدمها العدو في سيناء ليكون الحصار كاملا ,
ومع كل هذه الأهداف ارتفعت راية البحرية المصرية عاليا في المواجهات المباشرة مع بحرية العدو , وكبدته خسائر فادحة ,

وهكذا وفى الأيام الأولى من القتال كانت قوات الجيشين الثانى والثالث الميدانيين قد أتما عبورهما بنجاح وتعمقا لمسافة 15 كيلومتر داخل سيناء واحتلوا شريطا بطول 185 كيلومترا
وتمكنوا من صد جميع الهجمات المضادة التى تكبد فيها العدو خسائر قياسية مذهلة وفر هاربا من مواقعه تاركا عددا كبيرا من معداته ودباباته وأجهزة القيادة سليمة حيث لم يتمكن من تدميرها خلفه ,
فى نفس الوقت الذى استغلت فيه قواتنا الوقت لتأمين رءوس الكباري وتعميقها ثم توحيدها معا لتقع الأرض التى سيطرت عليها قواتنا تحت حبكة تامة وقدرة كاملة على الدفاع الثابت من مواقعها ,
فضلا على خسارة العدو الجزء الأكبر من قواته الجوية التى سقطت بفعل حائط الصواريخ ثم بالوحدات المتحركة للدفاع الجوى وخلال المعارك الجوية التى خسرها العدو جميعا أمام طائراتنا ,

وبهذا حققت المرحلة الأولى من الحرب أهدافها بنجاح تام فاق المتوقع طبقا للتوجيه الإستراتيجى الذى وجهه الرئيس أنور السادات للقوات المسلحة وتمثل في تنفيذ الخطة ( بدر ) على ثلاث مراحل ,
كانت الهدف منها كسر نظرية الأمن الإسرائيلي وهو ما تم بنجاح تام وانكسرت أسطورة الجيش الذى لا يقهر بعد سقوط خط بارليف في ست ساعات أمام قوات المشاة ,
وتم تكبيد العدو أكبر خسائر ممكنة في الأفراد والأسلحة والمعدات طبقا للبند الثانى في التوجيه الإستراتيجى ,
وكان البند الثالث
يتلخص في ضرورة العبور بقوة الجيشين الثانى والثالث الميدانى على رءوس كباري بعمق 15 كيلومتر ثم الدفاع عنها في مواجهة هجمات العدو المضادة والإستعداد لتطوير المعركة شرقا والوصول إلى خط المضايق في سيناء والتمسك بما تم تحريره من الأرض تمسكا تاما دون تراجع شبر واحد ,
وهو الهدف النهائي للحرب كما كان مخططا ,
حيث كانت الخطة بدر تقتضي تطوير الهجوم واحتلال المضايق والوقوف عند هذا الحد وفق الإمكانيات المتاحة للقوات المسلحة في ذلك الحين ووفق ما هو متوافر بالفعل من نوعية السلاح ,
والأهم من هذا وذاك ,
أن يكون تقدم القوات المصرية في مواقعها مصاحبا لمدى حماية المظلة الجوية التي يفرضها حائط الصواريخ المصري للدفاع الجوى ,
وهو الأمر الحيوى الذى كفل للقوات المصرية حسن دفاعها وحفاظها على نجاحها الفائق طوال أيام الحرب وعدم الإندفاع للشرق عند انهيار العدو مع الأداء العسكري المصري ,
لأن هذا الإندفاع كان كفيلا بوقوع القوات المندفعة في مدى سلاح العدو الجوى المتفوق عندما تخرج هذه القوات من مظلة الحماية المقدرة بخمسة عشر كيلومترا فقط
وعند تطوير الهجوم كانت الخطة المصاحبة للتطوير هى عبور كتائب صواريخ ( سام 7 ) التي تحقق الحماية الجوية لقواتنا بنفس الكفاءة التي يوفرها حائط الصواريخ ,
ومن خلال تحقيق هذه المعادلة المتزنة أمكن للقوات المصرية المحافظة على سائر مكاسبها من الحرب وتكبيد العدو خسائر فادحة في الأفراد والمعدات والإحتفاظ بكافة مواقعنا تحت يد قواتنا المسلحة حتى آخر أيام القتال في 25 أكتوبر
وبعد التشبث ورد جميع الهجمات المضادة للعدو يأتى دور العمل السياسي الذى توقعت الخطة له أن يبدأ بعد أسبوعين من القتال وهو ما تم بالفعل ,
وقد أنجزت القوات المسلحة ـ كما سبق الشرح ـ الأهداف الأولى للعبور وقامت بعده بتطوير الهجوم الناجح كما سنرى

يتبع ...