عرض مشاركة واحدة
قديم 07-28-2022, 08:21 AM
المشاركة 7927
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال

4007

.... مِنْكَ أَنْفُكَ وإنْ كَانَ أَجْدَعَ ....


يضرب لمن يلزمك خيره وشره وإن كان ليس بمُستحكم القرب.
وأول مَنْ قَالَ ذلك قُنفُذُ بن جَعْوَنَةَ المازني للربيع بن كَعْب
المازني، وذلك أن الربيع دفَعَ فرسًا كان قد أبرَّ على الخيل كرمًا
وجودة إلى أخيه كَمِيشٍ ليأتي به أهله، وكان كَمِيش أنْوَكَ
مشهورًا بالحمق، وقد كان رجل من بني مالك يُقَال له قُرَاد
ابن جَرْم قدم على أصحاب الفرس ليصيب منهم غِرَّةً فيأخذها،
وكان داهية، فمكث فيهم مقيمًا لا يعرفون نسبه ولَا يُظْهِرِه
هو، فلما نظر إلى كَمِيش راكبًا الفرسَ ركب ناقته، ثم عارضه
فَقَالَ‏:‏ يا كَمِيشُ هل لك في عَانَةٍ لم أرَ مثلَها سمنًا ولَا عظما
وعيرٍ معها من ذهب‏؟‏ فأما الأُتُن فتروج بها إلى أهلك فتملأ
قدورهم، وتفرح صدورهم، وأما العِيرُ فلَا افتقارَ بعده، قَالَ
له كميش‏:‏ وكيف لنا به‏؟‏ قَالَ‏:‏ أنا لك به، وليس يدرك إلَّا على
فرسك هذا، ولَا يرى إلَّا بليل، ولَا يراه غيري، قَالَ كَمِيش:
فدونَكَه، قَالَ‏:‏ نعم، وأمْسِكْ أنت راحلتي، فركب قُرَاد الفرسَ
وقَالَ‏:‏ انتظرني في هذا المكان إلى هذه الساعة من غدٍ، قَالَ:
نعم، ومضى قُرَاد فلما توارى أنشأ يقول:

ضَيَّعْتَ فِي العيرِ ضَلاَلًا مُهْرَكَا
لِتُطْعِمَ الحيَّ جَمِيعًا عَيْرَكَا

فَسَوْفَ تأتِي بالهَوَانِ أهْلَكَا
وَقَبْلَ هذا مَا خَدَعْتُ الأَنْوَكَا

فلم يزل كَمِيشٌ ينتظره حتى أمسى من غده وجاع، فلما لمْ
يَرَ له أثرًا انصرف إلى أهله، وقَالَ في نفسه‏:‏ إن سألني أخي
عن الفرس قلت‏:‏ تحوَّلَ ناقة، فلما رآه أخوه الربيعُ عرف
أنه خُدِعَ عن الفرس، فَقَالَ له‏:‏ أين الفرس‏؟‏ قَالَ‏:‏ تحوَّل ناقة،
قَالَ‏:‏ فما ‏فَعَلَ السَّرْجُ‏؟‏ قَالَ لم أذكر السرج فاطلب له عِلة،
فصرعه الربيع ليقتله، فَقَالَ قنفذ بن جَعْوَنة‏:‏ الْهُ عما فاتك
فإن أنفَكَ منك وإن كان أجْدَعَ، فذهبت مثلًا، وقدم قُرَاد بن
جَرْم على أهله بالفرس، وقَالَ في ذلك:

رَأيْتُ كَمِيشًا نوكُهُ ليَ نَافِعٌ
وَلَمْ أرَ نوكًا قَبْلَ ذَلِكَ يَنْفَعُ

يؤمِّلُ عَيْرًا مِنْ نُضَارٍ وَعَسْجَدٍ
فَهَلْ كَانَ لِي فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَطْمَعُ‏؟

وَقُلْتُ له‏:‏ أمسِكْ قَلُوصِي وَلَا تَرِمْ
خِدَاعًا له إذ ذُو المَكَايد يَخْدَعُ

فأصْبَحَ يَرْمِي الخافقينِ بِطَرْفِهِ
وَأصْبَحَ تَحْتِي ذُو أفَانِينَ جُرْشُعُ

أبرَّ عَلَى الجُرْدِ العَنَاجيح كلّها
فَلَيْسَ وَلَوْ أَقحَمْتَهُ الوَعْرَ يَكْسَعُ