عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-2022, 05:53 PM
المشاركة 7414
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
3542

.... لَا فِي العير ولَا في النَّفيرِ ....

قَال المفضل‏:‏ أولُ من قَال ذلك أبو سُفْيان بن حَرْب، وذلك
أنه أقْبَلَ بعِير قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد تَحَّيَنَ انصرافَهَا من الشأم فَنَدَب المسلمين للخروج معه،
وأقبل أبو سفيان حتى دنا من المدينة وقد خاف خوفًا
شديدًا، فَقَال لمجديّ بن عمرو‏:‏ هل أحْسَسْتَ من أحدٍ من
أصحاب محمد‏؟‏ فَقَال‏:‏ ما رأيت من أحد‏ أنكره إلا راكبين
أَتَيَا هذا المكَانَ، وأشار له إلى مكان عديٍّ وبسبس عَيْنَيْ
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ أبو سفيان أبْعَارًا
من أبعار بعيريهما ففَتَّها فإذا فيها نَوًى، فَقَال‏:‏ علائفُ
يَثْرب، هذه عيونُ محمد، فضرب وجوهَ عِيْرِهِ فسَاحَلَ بها
وترك بَدْرًا يسارًا، وقد كان بَعَثَ إلى قريش حين فَصَلَ من
الشأم يخبرهم بما يخافه من النبي صلى الله عليه وسلم،
فأقبلت قريش من مكة، فأرسل إليهم أبو سفيان يخبرهم أنه
قد أحرز العير، ويأمرهم بالرجوع، فأبَتْ قريش أن تَرْجِع
ورَجَعَتْ بنو زهرة من ثَنِيَّة أجدى، عدلوا إلى الساحل مُنْصَرِفين
إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان، فَقَال‏:‏ يا بني زهرة لا في العير
ولا في النفير، قَالوا‏:‏ أنت أرْسَلْتَ إلى قريش أن ترجع، ومضت
قريش إلى بدر، فواقعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فأظفره الله تعالى بهم، ولم يشهد بدرًا من المشركين من بني
زهرة أحد.
قَال الأَصمَعي‏:‏ يضرب هذا للرجل يحطُّ أمره ويصغر قدره.
وروي أن عبد الله بن يزيد بن معاوية أتى أخاه خالدًا فَقَال:
يا أخي لقد هممت اليوم أن أفْتِكَ بالوليد بن عبد الملك، فَقَال
له‏:‏ والله بئسما هممت به في ابن أمير المؤمنين وولي عهد
المسلمين، فَقَال‏:‏ إن خيلي مَرَّتْ به فتعبث بها وأصغرها
وأصغرني، فَقَال خالد‏:‏ أنا أكْفِيكَهُ، فدخل خالد إلى عبد الملك
والوليد عنده فَقَال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الوليد مَرَّتْ به خيلُ
ابن عمه عبد الله بن يزيد بن معاوية فتعبث بها وأصغره،
وعبدُ الملك مُطرِق، فرفع رأسَه وقَال‏:‏ إن المُلُوك إذا دخَلوا
قريةً أفْسَدُوها، وجَعَلُوا أعِزَّةَ أهلها أذلَّةً، إلى آخر الآية، فَقَال
خالد‏:‏ وإذ أرَدْنَا أن نُهْلِكَ قريةً أمرنا مُترفيها، إلى آخر الآية، فَقَال
عبد الملك‏:‏ أفي عبد الله تكلمني‏؟‏ والله لقد دَخَلَ عَلَيَّ فما أقام
لسانه لحنًا، فَقَال خالد‏:‏ أفَعَلَى الوليدِ تعول‏؟‏ فَقَال عبد الملك:
إن كان الوليد يلحن فإن أخاه سليمان لا، فَقَال خالد‏:‏ وإن
كان عبدُ الله يلحن فإن أخاه خالدًا لا، فَقَال له الوليد‏:‏ اسكُتْ
يا خالدُ فوالله ما تعدُّ في العيرِ ولا في النَّفير، فَقَال خالد‏:‏ اسْمَعْ
يا أمير المؤمنين، ثم أقبل عليه فَقَال‏:‏ ويْحَكَ‏!مَنْ في العير والنفير
غيري‏؟‏ جَدِّي أبو سفيان صاحبُ العير، وجدي عتبة بن ربيعة
صاحب النَّفِير، ولكن لو قلت ‏"‏غُنَيْمات وحُبَيْلاَت والطائف
ورحم الله عثمان‏"‏ قلنا‏:‏ صدقت، عَنَى بذلك طَرْدَ رسول صلى
الله عليه وسلم الحكَم إلى الطائف إلى مكان‏ يدعى غُنَيمات،
وكان يأوي إلى حُبْلةَ وهى الكَرْمة، وقوله ‏"‏رَحِمَ الله عثمان"
لردِّهِ إياه.