عرض مشاركة واحدة
قديم 10-08-2010, 11:07 PM
المشاركة 2
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
أغراض النقد

إن النقد كنوع من أنواع النشاط النظري في الأدب, يتقلب في أغراض شتى, تتسع باتساع وجوه الأعمال الانسانية في الأدب, وفي الحياة خارجه.
ثمة إذاً نوعيتان من أغراض النقد: نوعية الموضوعات التي تقدمها الحياة مباشرة, وتضعها وجهاً لوجه أمام الناقد, ونوعية الموضوعات التي يقدمها له الأدب, ويطرحها عليه ليبدي رأيه فيها, يما ينبغي من السلب والإيجاب كما بينا منذ حين.
ويتجه لي أن نعتبر النقد في نطاق النوعية الأولى, وجهاً من وجوه النظر الفكري عامة, وغرضاً من اغراضه, والنظر الفكري نوع من نشاط النظر العقلي سيأتي الكلام عليه بعد حين, وهو النوع الذي خصصناه بالنظر الفكري والفلسفي في شئون الحياة, أما النظر في شئون الأعمال الأدبية على العموم, فيتجه الى أن نخص به النقد في نطاق النوعية الثانية, بحيث لايبقى من أغراض هذا الأخير, إلا ما هو من نشاط الأدب نظراً أو عملاً, وهكذا تصبح أغراض النقد الذي نحن بصدده, جميع الأنواع الأدبية واغراضها واشكالها واتجاهاتها بلا استثناء, فالنقد من هذه الناحية أدب ينظر في الأدب, يحلله ويقومه, استناداً إلى مفهوم الناقد ومقاييسه, التي لا تغفل بحال من الأحوال عن المؤثرات العامة التي تؤثر في شخصية الأديب, وبالتالي في أدبه من بيئة طبيعية, وأفكار وأنظمة في شتى الميادين, وعوامل زمينة ووراثية وعنصرية وسواها, تؤلف بمجملها كيان المجتمع, وتفعل فعلها في الأديب ونتاجه الذي يمثله, ويمثل الفئة الاجتماعية التي ينتمي اليها ويبلورها ويعبر عنها, من هنا أن النقد هو الناقد, كما أن الأدب هو الأديب, فما قلناه في هذا المجال الأخير سابقاً, نتبناه بنصه في مجال الكلام على النقد, فليذكره من يذكر, وليعد اليه من يشاء استزادة أو استعادة.
أما من أغراض النقد, فنذكر أدب الحكمة وأدب النقد نفسه, وأدب التاريخ, والفكر والفلسفة والعلم, وأدب المسرح والقصة, والأمثال, والأدب الوجداني, وسائر الأنواع الأخرى وأغراضها وأشكالها, ولا نغفل عن ذكر الأصول الجمالية العامة, والاصول اللغوية والبلاغية والعروضية, وكل ما يرتكز اليه بناء الأدب, وتنهض عليه شوامخه وروائعه, فإلى هذه الاغراض كلها ينسب النقد, وبها يعرف.

النقد الفني في الأدب
إلا أن ثمة غرضاً للنقد ليس من نطاق الاعمال الأدبية, بل من نطاق الاعمال الفنية الجميلة, ذلك هو النقد الفني, الذي يصح أن يكون نوعاً من النقد, كالنوع الأدبي, وإن كانا يلتقيان في الأسس النظرية والغايات والمذاهب, غير أن الفرق بين غرضيهما واضح لا يحتاج الى كشف, وإذا كانت الحركة الفنية في الماضي معدومة عندنا أو تكاد, مما أوجب إغفال ذكر هذا النوع من النقد حتى الآن, فليس يعني ذلك أن نظل عند أبواب ما شرعه لنا الدارسون التقليديون, فلا نخصص للنقد الفني مكانته, فيبقى مجهولاً أو يتيماً وتبقى الابحاث في الفنون الجميلة تائهة تحت عناوين ليست لها والحركة الفنية آخذة في النمو والنضوج يوماً فيوم, وهي واصلة الى عطائها العميم فلنتدارك الأمر, ولنفسح لها في مجال النقد, مجالاً ينمو معها ويتطور بتطورها.

أشكال الأدب النقدي
هناك الشكل الرئيسي والكلاسيكي المعروف, لأنواع النقد وأغراضه, ونعني به شكل التأليف الكتبي, الذي لا يزال على رواجه, رغم بروز أشكال جديدة مستحدثة, وهناك إلى جانبه, شكل المقالة الصحفية, من مثل ما نراه في الجرائد الأدبية والمجلات, وهو شكل راج برواج النشر الصحفي وما برح صاعداً معه, وقد أدى هذا الشكل المستحدث خدمات كبرى, في تعميم الحس الأدبي ورفع المستوى الثقافي لدى الجماهير, وهناك الأحاديث التي تبثها محطات الراديو والتفزيون على مستمعيها ومشاهديها.
وأخيراً هناك المحاضرات والمناظرات التي تلقي في المنتديات العامة, أو في قاعات الكليات الجامعية, والمدارس وفي سواها من أمكنة النشاط الثقافي ووسائله المعروفة والمرتقبة, ولا شيء يمنع أدب النقد من أن يأتي في قالب الشعر الأصولي, كما يأتي في قالب النثر, فلقد جاءت نماذج عديدة من هذا القبيل, إلا أن حائل الوزن وصعوبة مراسه, يجعلان العمل فيه شاقاً من جهة, ومقيداً من جهة أخرى, ومصطنعاً من كل الجهات بحيث لا يبقى في الساحة مطواعاً سهلاً ملائماً له, إلا قالب النثر المرسل!


الحياة, ابتغاء التحليل والدراسة, وبياناً لمواضع الخطأ ومواطن الصواب, استناداً إلى وجهة نظر الناقد ومقاييسه ومفاهيمه.
من هنا أن النقد مذاهب وتيارات, تتصل بقواعد الفكر واتجاهاته عند كل ناقد, ومن هنا, انه خاضع للنقد كذلك, مثلما تخضع له ايضاً ألوان العمل الأدبي وغيره من الأعمال.
والعلاقة الجدلية التي ألمنا بها مفصلاً, بين النظر والعمل عامة, هي نفسها بطبيعتها وجوهرها, تقوم بين النقد كنوع من أنواع النظر الأدبي, وبين الأغراض والموضوعات التي يتناولها, مما سنوضحه بعد حين.

http://www.alahdnews.com/content.php...27&issue_id=13