عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
1122
 
عبد الكريم الزين
من آل منابر ثقافية

اوسمتي
الوسام الذهبي الألفية الرابعة الألفية الثالثة وسام الإبداع الألفية الثانية التواصل الحضور المميز الألفية الأولى 
مجموع الاوسمة: 8


عبد الكريم الزين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
14,144

+التقييم
11.16

تاريخ التسجيل
Dec 2020

الاقامة
المغرب

رقم العضوية
16516
05-14-2021, 06:48 PM
المشاركة 1
05-14-2021, 06:48 PM
المشاركة 1
افتراضي حب للذكرى ...قصة قصيرة
حب للذكرى

أبصرها قادمة، تسرع الخطى. تحكم قبضتها على حقيبتها اليدوية، وتمد يدها إلى غطاء رأسها، تصلح خصلات شعر عبثت بها الرياح. عندما اقتربت منه خشعت ببصرها، واندفعت تعبر الشارع. كادت تصدمها سيارة أجرة مسرعة، برز منها رأس السائق غاضبا . زعَق ثم غادر على عجل.

كان ينتظرها مرتجفا على الرصيف، منذ ساعة وست دقائق، ذلك ما أخبرته ساعته التي أرهقها تحديقه المحموم إلى سيقان عقاربها. ليس بيده حيلة، فقلبه المشدوه يخفق مترنحا، بل أوشك أن يتبعثر شظايا محطمة، حين هوت عليه رسالتها الهاتفية القصيرة جدًا : "ألقاك حالا لأمر مهم".
أربع كلمات كانت كافية كي يتزلزل يقينه، فتحتشد مخاوفه، وتنهمر هواجسه أشد من زخات المطر التي تصفع وجهه منذ الصباح.
مدت إليه يدا متثاقلة، فعاتبها بنظرة متوسلة، لم تلحظها أو أنها تجاهلتها. كانت عيناها المضطربتان غائصتين في صفحة حذائه الغارق في البلل، همست:
"أنا آسفة، علاقتنا لن تنجح. ظروفنا المادية لا تسمح لنا بالزواج".
أخرسته المفاجأة فلم يستطع الرد. لكن مقلتيه التائهتين باحتا بصدمته المكتومة. تشجعت، تطلعت إليه مرتبكة، وقالت:
"صدقني، لا يمكننا أن نعيش بالحب وحده، ذلك يحدث في عالم القصص والروايات الرومانسية ".
تنهد طويلا واجتاحته حيرة عارمة. هل يمكن أن تنسى بكل ببساطة قصة حبهما! تواعدهما على الوفاء الأبدي. صوتها العذب الرقراق وهي تقسم أنها تفضل الموت ألف مرة على أن تكون لرجل غيره، لياليه الطويلة وهو يدبج القصائد قرابين في محراب عشقها.
همس بصوت متحشرج:
"هل تقدم شخص لخطبتك؟"
تحاشت عيناها النظر إليه، وانشغلت يداها بالعبث بحقيبتها الصغيرة. همهمت:
" لا أحبه، لكنه قادر على تلبية متطلباتي المادية"
صرخ:
"تبيعين حبي من أجل المال! أنا قادر على الإنفاق عليك"
نظرت إلى عينيه للمرة الأولى منذ لقائهما وصاحت:
"ليس بالمستوى الذي أطمح إليه. سنعيش دوما في فقر وحرمان".
ثم أضافت بنبرة هادئة:
"لا فائدة من الجدال، كل شيء قد انتهى، العرس بعد أسبوع"
طأطأ رأسه، وخنق دموعا حاولت التسلسل من جفونه. كان يعلم أن معركته خاسرة، فقال منكسرا:
"أعيدي إلي أشعاري ورسائلي المسطرة بمداد قلبي، فلم يعد من حقك أن تحتفظي بها"
صمتت لحظة ثم قالت:
"لا يمكن، فقد أنشدتها تحت سلطان غرامي، وكنت أنا ملهمة إبداعك، فهي إذن من حقي".
سألها مستنكرا:
"ولكنك خنت حبي، وستتزوجين غيري"
غادرته مبتسمة وهي تقول:
" سأحتفظ بها للذكرى".