عرض مشاركة واحدة
قديم 09-24-2010, 06:15 AM
المشاركة 50
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
شكرا ً
أختي ناريمان
و
أخي عبد السلام
و
لكل الأحبة
الذين َ يمرونَ من هنا
يُلقون َ بتحيتهم
و يتركونَ
على الطريق ِ
آثارا ً تفوحُ عطرا ًزكيا ً
من
جمال ِ روحهم
و إليكم كلكم
هاكم تزودوا :


بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( استثمار البلاء )
-------------------------------------

إن من الأمور البديهية ، أن المؤمن يمر بساعات ابتلاء ومصيبة ..
فمنذ أن يولد الإنسان إلى أن يموت ، يمر بانتكاسات كثيرة ، حتى ملوك الأرض يعيشون هذه الانتكاسات ، من منا تستقيم له جميع أمور الحياة ؟..
كما يقول الشاعر :
وما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تجري الرياح بما لا يشتهي السفن
إن للبلاء أنواعا مختلفة ، كما ورد في القرآن الكريم :
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ..
والذين يصابون بشيء من هذه المصائب يقولون : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }..
البعض منا يلهج بهذه العبارة عندما يسمع بموت ولده ، أو خسارة أمواله ..
ولكن هذه العبارة لا توجب له أنسا ، ولا ارتياحا ، ولا تخفيفا ؛ فالأثر ليس في هذه الكلمة ..
{ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ } ؛ ليس بمعنى إمرار اللفظ على اللسان ، وإنما بمعنى استيعاب هذه الحقيقة : { إِنَّا لِلَّهِ } ؛ فالمؤمن عندما يلتفت إلى أن كل ما يملكه هو لله عز وجل ، يعلم أن هذا الولد الذي فقده لم يكن ملكا له ؛ بل هو ملك لله عز وجل ..
عندما أعطاه هذا الولد ، كتب في مقدراته :
أن هذه الأمانة عنده لعشرين سنة ، فمن البداية كانت الأمانة مؤقتة .. وبالتالي ، فإن الذي تسلب منه هذه النعم ؛ مالا ًكان أو شخصا ًيقول :
{ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } .

إن هذا الولد سلب منه ، ولكن ما ضاع إن كان صالحا بارا تقيا .. هو بالموت افترق عنه ، ولكن هناك لقاء في عالم البرزخ ، وهناك لقاء في عرصات القيامة ..
وهب أنه لم يلتق بابنه في عالم البرزخ ، ولا في عرصات القيامة .. أو لا تعلم أن الله - عز وجل - يجمع شمل الأسرة المؤمنة في درجات الجنة ؟..
هذا اللطف ليس للجميع ، إنما يجمع شمل بعض الأسر المتميزة في الحياة الدنيا ، إلى درجة أن المؤمن ينظر إلى هذا المجمع والملتقى الأسري ، فيفتقد خادمته ..
قال رسول الله ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) :
( ما من أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة ، إلا دخلوا أجمعين الجنة ، قيل : وكيف ذلك ؟.. قال : يشفع فيهم فيُشفّع حتى يبقى الخادم ، فيقول : يارب !.. خويدمتي قد كانت تقيني الحرّ والقرّ ، فيُشفّع فيها ) .

فإذن ، إن الانفصال انفصال مؤقت ، ولكن انظروا إلى الجائزة الكبرى :
{ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ..
الذي فُقد له ولد ، هذا الفقد فقد أبدي ، ولكن الرحمة الإلهية غامرة له إلى ساعة الموت ..
فرق بين أن يفقد الإنسان ألف دينار مثلا ، ثم يكسب ألف دينار ، فهو رجع إلى ما كان عليه ..
وبين إنسان مات أعز ولده ، هذا الإنسان ملفوف بغلاف من الرحمة الإلهية الغامرة ، ولكن بشرط :
الرضا بقضاء الله وقدره أولا ، والتسليم له ثانيا، ومحبة ما كتب الله - عز وجل - له ثالثا ..


24 / 9 / 2010