عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2010, 05:47 AM
المشاركة 47
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بِِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
عنوان الزاد
( الإقبال منحه إلهية )
-------------------------------------

إن البعض منا عندما يتشرف بزيارة المشاهد المشرفة ، وعلى رأس المشاهد الحرمين الشريفين ؛ فإنه يعيش حالة من حالات رقة القلب وإقباله َ ..
بحيث عندما يرجع إلى وطنه ، وهو بين أهله وأولاده ؛ يعيش حالة الغربة ، وذلك لأن قلبه متعلق في المكان الذي كان فيه .. هذه حالة إيجابية جميلة ، ولكن :
أولاً :
إن المؤمن لا ينخدع بهذه الحالات ، فهذه حالات موسمية ..
لأن ما هو فيه من الإقبال القلبي عند الكعبة ؛ هو من شرافة الكعبة ..
فهو لم يتغير ، ومازال كما كان قبل مجيئه إلى هذه المشاهد المشرفة ، من قسوة القلب ..
وعليه ، فإن هذه من شؤون الضيافة ، ضيافة رب العالمين في هذه الأماكن المباركة ..
حيث أن لكل قادم كرامة ، والإنسان عندما يزور ملكا من ملوك الدنيا ، فإن غاية إكرامه أن يعطيه طعاما شهيا ،
أو مالا وفيرا ..
أما رب العالمين ، فإنه لا يعطي الزائر لا الطعام ولا المال ، بل يعطيه إقبالا ، ويعطيه رقة ، ويعطيه دمعة ..
حتى أن أقل الناس إيمانا ، لا يستبدل هذه الحالة الروحية بشيء ..
مثلا :
لو قيل له أثناء طوافه ، وهو مقبل :
اخرج خارج المسجد ، وتناول طعاما شهيا !..
فإن هذا الإنسان يضحك على هذا العرض ..
إذن حالة الإقبال هذه منحة إلهية ، ولطف إلهي .
ثانياً :
الفخر كل الفخر أن نستصحب هذه الحالة ونحن في أوطاننا ، بعض العلماء يقول :
فرق بين الحال ، وبين المقام ..
ما نحن فيه في المشاهد المشرفة ؛ حالات إيجابية ..
ولكن عندما تزول هذه الحالة ، نعرف أننا لم نصل إلى رتبة ثابتة ، وإلى مقام منيع ..
المهم أن يكون الإنسان في هذه الحالة ، وهو خارج المشاهد .
ثالثاً :
إن الزيارة المتميزة هي : الأولى ، والأخيرة ..
الأولى يغلب عليها الشوق والفرح الشديد ، والأخيرة فيها ألم الفراق والبعد .. هذا شوق مقدس ، وهذا حزن مقدس ..
لذا ، فإنه من المناسب في ساعة الفراق ، أن نخاطب رب العالمين إن كنا في الكعبة المشرفة ، أو أن نخاطب النبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) إن كنا في حرمه الشريف ، أنه :
يا مولاي !.. أنا استمتعت بجواركم هذه الليالي والأيام ، فلا تسلب مني صالح ما أعطيتني أبدا !..
أي أذقتني حلاوة الأنس ، وحلاوة الذكر ..
فليس من موجبات الإكرام الكامل ، أن تقرن حلاوة الأنس ، بمرارة الهجران والبعد .. والكريم لا يتبع إحسانه بهذ ا الأمر !..
وعليه ، فإننا في ساعة الوداع نطلب من رب العالمين أن لا يسلب منا هذه الحالة ..
إذ أن هناك فرقا بين إنسان يرجع إلى وطنه ، ورب العالمين لا يلتفت إليه بعد ذلك .. وبين إنسان يُتبنى ويُتكفل ، وهو في وطنه ..
فالنبي ( صلى اللهُ عليهِ و آلهِ و سلم ) الذي زاره ، ينظر إليه بعين اللطف والكرامة .

23 / 9 / 2010