عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
22

المشاهدات
6956
 
زياد القنطار
من آل منابر ثقافية

زياد القنطار is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
385

+التقييم
0.11

تاريخ التسجيل
Sep 2014

الاقامة
سوري ...أعمل في سلطنة عمان

رقم العضوية
13217
10-16-2014, 02:09 AM
المشاركة 1
10-16-2014, 02:09 AM
المشاركة 1
افتراضي على أطلال الذاكرة.....قصة قصيرة
على أطلال الذاكرة .
[justify]
على حجرٍ قربَ تلكَ الزاويةِ التي اتكأتْ عليها بوابةُ منزلهِ .... كوَّم جسدَهُ الذي أخذتْ منه السنونُ نضارتَهُ ,ومازال ذلكَ المعطفُ العسكريُّ الذي أهداهُ أحدَهُم إليهِ يلفَّهُ وينافحُ عنْهُ عتيَّ قرِّها . أخذَ منْ جيبِهِ الوحيدَ ـ الذي مازالَ يحتفظُ ببطانتهِ ـ علبةَ تبغهِ الحديدية .فتحها, وبرأسِ أصابعهِ راحَ يرمي منها بعضَ عيدانٍ طفت على سطحها .أفردَ ورقةً لفافته بينَ إبهامِهِ وسبابتِهِ ..أودعَ برأسِ أصابعِ يدهِ الأخرى تلكَ الانحناءةَ مايكفي من التبغ لإشباعِهاا ,وبدأ يتأملها ويداعبها بكلتا يديهِ بحرصهِ الدائمِ على أناقتها الموصوفه . بللها بطرفِ لسانهِ. تفحصها واطمأنّ الى اقفالها .دسها بينَ شفتيِهِ وأسلمَ قدرَها لعودِ ثقابٍ ما ملَّت رفقته. أخذ نفساً عميقاً وأطلقَ غيمةَ دخانٍ فوقَ رأسهِ تابعَ ارتسامها وقرأ بها صفحةَ من ذاكرةِ تلك الأيام .
سطرها الأول.. أودعَ بسمةً على قحطِ شفتيه ..!!! .تحْضُرُ أم نايفٍ مقبلةً بجسدها المكتنزِالذي طواهُ الثرى , تحملُ على كتفها جرةَ ماءٍ من تلك العين القريبة ,يرقبُ غنجَ مشيتها المتجاسرِ على التعبِ .تسبقها ابتسامة إليه ..يتقصد أن ترى دخان سيجارته ..! تتمتمُ بجملتها التي طالما أحبَّها رغمَ ماتحمله من تأنيب ...( يقطع الدخان عن وجهك ).... ينزلُ جرتها ويصرُّ أن يروي ظمأهُ من بابها ولا يفلحُ احتجاجها الدائم في كسر عادته ...
في سطر صفحته الثاني... غدوةُ حَصَادٍ إلى تلكَ الحقول ومازالت ركبتاهُ تتحسسان ألماً لم يغادرهما رغمَ مامرَّ من السنين .... رائحة جذورِ الغلالِ التي أنضجها القيظ والمختلطة برائحةِ تراب تلك الأرض مازالت تسكنُ أنفَهُ ..ومع (البرغش) ألف حكاية وحكاية !! يسوق حماره راكباً . خطوات أم نايف لم تكن ببعيدةٍ بحيث يسمعها.. يتبادلان الحديث الذي لا يخلو من آمال المستقبل التي يقربها ويبعدها الموسم وما يجود به ,,تهدي نوادرُ أهل القرية بعضاً من الضحك يعين على تخطي مشقة ذلك اليوم ....تمنى أنه أركبها حماره يوماً وأراحها من تعبِ المسير ..وما كان يحسبُ أن تغادرهُ بهذه السرعةِ..مشرِّعةً لعصف الأيام باباً يحْطِبُ الأخضرَ الندي ... لكان فعل ....!!!
سطور صفحته المتبقيةِ ضجت بشقاوة بناتٍ وصبيةٍ خطّوا على كلِّ حجرٍ في هذا المكان قصةً من قصصهم الطفولية ,كان زغبُ أجنحتهم كفيلاً بألا يبعدهم , ولمْ يلتفتْ يوماً إلى ذلكَ الريش الذي بدأ يكسوها , كانَ حرص ألا يبرحوا حضنَه لينعمَ بدفءٍ غادرَ بمغادرتهم ,,وأسلمَهُ لهذا الصقيع الذي يجوبُ الحنايا .... في غفلةِ الزمن أيقظه جمرُ سيجارته الذي أحرق مابين أصابعه ..رماها ,وانتبه لدمعٍ تحدَّرَ على وجنتيه.. أراد أن يُبرِّدَ به أصابعه المحترقة فكان أكثرَ حرقةً ..[/justify]


البرغش ..... حشرة صغيرة طنينها بالأذن وقرصتها يعلقان بالذاكرة أكثر من تعب الحصاد في يوم قائظ .


هبْني نقداً أهبك حرفاً