الموضوع: حكمة و فرجة
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2014, 03:08 PM
المشاركة 18
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الفعالية

لا تستقيم الفعالية و أنت ترجو ما لم تكدّ من أجله ، فكثيرا ما نحس نشوة و نحن نحصل على مراد جاءنا عطية و هبة . بل تكاد هذه الظاهرة تستوطن أفكارنا في غياب العطايا ، فكم شخصا أهمل نفسه و مستقبله و حياته و تجده مرتاح الضمير ، مؤمنا بالغد الأفضل ، فإن لمّحت له بسوء فعلته ساق لك من التبريرات الكثير ، بأن حالته ستتغير لا محالة ، وأنه فقط ينتظر الوقت الملائم ، والظرف المناسب ، والفرصة المواتية . و كلها تبريرات جوفاء لا أساس لها فالظرف و الوقت والفرصة نحن من يصنعها و لا تأتي من فراغ ، فما أمطرت السماء يوما ذهبا و لافضة .
كم مرة يحس الإنسان أنه يصلح أخطاء ماضيه و يستهلك الكثير من وقته وجهده في سبيل إصلاح ما أفسده بعجزه و تكاسله في حينه ، و كم مرة تحس أنك تدفع ثمن أخطاء أبيك وربما جدك وهكذا ، فتستهلك الكثير من قدراتك و مقدراتك لإصلاح هفوات الماضي . لا أعتقد أن التخلف خارج عن نطاق الاستهتار والتسويف و القبول بالترقيع تجنبا للاجتهاد المضني و استلطافا للراحة والجمود . أحيانا أعجب لدولنا التي تقترض قروضا طائلة دون أن يكون مجال استثمارها لتوليد الثروة ، بل فقط لإهدار المال أو حفاظا على السير العادي الأعرج الذي تتبناه الحكومات المعتمدة كلها على سياسة الترقيع ، والتي ينتشر في مخططاتها اقتصاد الريع و إخماد التنافسية و التربية على التقاعس . فتكون بأفعالها تلك لا تفسد الحاضر فحسب بل ترتهن مستقبل الأجيال القادمة .

مستملحة اليوم ستكون على منوال هذا الطرح


تقدم واحد من هؤلاء جالسا على كرسي في مطعم يقدم ما لذ و طاب من الأطعمة ، فأكل مسرفا في ملء بطنه و مستمتعا بشراب يذهب آخر ما تبقى من فطنته التي ذهبت بها البطنة .
غسل يديه و هو يمشي بخيلاء باتجاه الباب ، فأوقفه النادل مستفسرا عن النقود ، تعجب من هذا الذي يحدث ، فذكره بمحتوى اللافتة على باب المطعم : " ادفع فاتورتك ، و إن كنت لا تملك فلا بأس ، أبناؤك سيدفعون عندما يرشدون "
نظر إليه النادل مبتسما :" أنا لم أسألك عن دفع فاتورتك بل فاتورة والدك ."