الموضوع: حكمة و فرجة
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2013, 06:42 PM
المشاركة 17
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
التطفل

من الناس من لا يكبح فضوله فيتطفل رغبة في إرضاء نزوة فضوله الزائد ، أو رغبة في إخفاء عقدة نقص ، فلا يخضع كلامه لميزان الصلاح و العلم والمعرفة بل يتشدق بما يجري على لسانه من أهواء ، لا تخضع لسلطان العقل فيؤمن بأن الأهم هو المشاركة ، و قديما كانت قرية تستقبل عالما عارفا ، ولكون شيخها له من الفطنة ما به يعلم أن التجمعات و الندوات والمحاضرات يضيع جل وقتها في مناقشات جانبية ، فتتشعب السبل في المرافعات دون ضوابط ، خطب في قومه في اجتماع تحضيري لاستقبال العالم قائلا : " أحبتي ، من كان منكم يحسن القول و يملك من العلم ما يجعل العالم يتوسع في عروضه ، و قال فأحسن القول فله مني قرشين ، و من لا يملك علما و لا يحسن قولا و صمت فله أربعة قروش جزاء له على احترامه للعالم والعلم و المجلس و أكثر من ذلك لنفسه . "
ترى الناس يمتلكون الجرأة و يحدون من التطفل على ما لا يحسنون ؟ و يجتهدون في إتقان أعمالهم ؟ أم أن حضارة اليوم تؤمن بالسواسية مع وجود الفارق ، أم أن التواصل أضحى لعنة العصر فترى الناس يمتهنون الطب و السياسة والهندسة والقانون والدين و كل التخصصات في مجالسهم . أينك ياشيخ تسكت فينا الفضول ؟ و تقمع فينا هذه الميوعة التواصلية ! نكتة اليوم لن تخرج عن هذا الإطار .



أسرة ضحوكة ، تزغرد ألسن أبنائها نكاتا ، يتنفسون المستملحات ، يبدعون فنون الكلم ، يزرعون البسمة في الحروف ، و يزاوجون اللفظة بالدعابة ، يحيكون الجمل بخيط من سرور ، و لما غزر إبداعهم دونوه في مجلد يحمل أرقاما للأبواب والفصول والمواد ، فكان يكفيهم أن يذكروا رقما لتتوالى القهقهات ، فنقلوا سحر الحروف إلى الأرقام .
جاءهم ضيف فتعجب من هذا الذي يضحكهم ، مجرد أرقام تولد في نفوسهم الانشراح ، و في غفلة منهم صدح لسانه برقم اعتباطيا ، فساد الصمت الرهيب و أخفت النساء وجوههن بين أيديهن ، و حنحن الرجال ، و هرب الأطفال و الخجل يعتصر وجوههم .