عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2013, 12:50 AM
المشاركة 6
محمد اندبها
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي رسول الله
اخي الفاضل ياسر علي
السلام عيكم و رحمة الله
تعقيبك وإضافاتك مهمة وطيبة
وكالمعتاد سأستعين بأقتباس ماقلته
لماذا لم يجد الكتاب في أولوياتنا مكانة ؟
لايمكن الجواب عن السؤال دون وضعه في سياقه التاريخي الصحيح ، فمنذ القدم كانت الكتابة نخبوية في أوطاننا و كانت الثقافة الشفهية هي السائدة ، من شعر وحكايات ، أما العلوم فمرتبطة بحلقات الدرس ، التي تحضرها النخبة من الطلبة التي لا تجد امتدادا لها في المجتمع ، بل تتفاعل بعيدا عنه كما يقع اليوم تماما ، فنحن على أية حال امتداد لماضينا

نعم اخي حتي العصور المتاخرة
في الماضي كانت القراءة نخبوية
اي مختصة بالنُخب سوي طلبة حاجتهم للتحصيل العلمي
المؤقت للحصول علي امتياز او اجتياز مرحلة معينة علمية
هنا النتائج التي أدت الي الأستمرار في القراءة خارج نطاق التحصيل العلمي المؤقت المحدد بفترات زمنية معينة
فلم تعد خاصة بفئة معينة او شريحة ترغب في امتلاك كتاب
او قراءته بل ظهرت شريحة اخري غير نخبوية قرأت وتثقفت
وتابعت ....هنا اقول تابعت بمعني تتبعت خطي من كتب
فأصبحت لا يلهيها شيء سوي تتبع
الأصدارات للكُتاب المفضلين عندهم
فنشطت الحركة الثقافية بصفة عامة
فما كان من الأدباء بمختلف تخصصاتهم
سوي الشعرية او القصصية
نشيطين ويعرفون تماماً ما يحتاجه القارئ ....
لانه هناك مصداقية ظهرت للكاتب او المثقف بصفة عامة
من هنا رغب الكل في القراءة .....
فقديماً كان القارئ يبحث عن ما كتب فلان
ويختاره ويميزه عن غيره ممن امتهن الكتابة
فكانوا قُراء حقيقيين .....
فمجمل الدواووين الشعرية او المصنفات الثقافية
كانت في البدء محكية شفهية فتم توثيقها من قِبل الكاتب
او الناقل او السامع ...فوصلت للكل
فلم تكن شفهية فقط
والا كيف نفسر وجود المقتنيات والمصنفات الثقافية المختلفة
حتي زمننا هذا ....لانه كان الكاتب او المؤلف مُتابع لنتاجاته
ففي الأول شفهية وبعدها تم توثيقها بنفسه وتعديلها
وإمهارها بالمصداقية حتي وصلت الينا ....
اما الأن فأصبح الكاتب لا يعلم تماماً ما يحتاجه القارئ
فادخل فلسفات وهرطقات وجدليات وبحوث لاتغني ولا تسمن من جوع القارئ ...ففقد المصداقية وترك الكتاب
وايضاً لاننسي حتي الوضع الأقتصادي والتهميش
للمواطن العربي جعله لاينظر للقراءة
او الكتاب الا للحاجة الماسّة فقط
واستعاض عنها بالحصول علي معلوماته
حتي وان كانت مبتورة
مشبوهة ناقصة .....
من خلال الكبس علي زر من مكان يجهله احياناً
ويجهل رسالته ....وهنا اتت المخاطر ......
إذا كانت الأمية هي السائدة فينا ، فكيف يمكن الحديث عن ثقافة الكتاب المرتبط أصلا بمجتمع قارئ و حامل للقيم البرجوازية ، بمعنى الطبقة المثقفة ، فأوربا نشأت فيها ثقافة الكتاب تزامنا مع الثورة الصناعية وظهور المدرسة الحديثة و توسع قطاع الخدمات ، فهي راكمت قرونا من الإرتقاء بالقيم الإنسانية ، و أسست للمنظور الجديد للإنسان الذي يمتلك الكثير من الحقوق و من بينها التعلم والقراءة والكتابة و غيرها . أما نحن فلا نزال نحاول تعميم التعليم و إيصال الأبجدية إلى أوطاننا و محاربة الأمية ، فالتربية على القراءة لا يمكن أن تمارسها أسر لا تعرف القراءة ،
هذا سبب من الاسباب الصحيحة التي لا تفلح معها
الدعوات لأمتلاك وقراءة كتاب
وهي الأمية المتجذرة في مجتمعاتنا
ولكن اخي اقول لك أنه في القرون الماضية
كانت الأمية اشد وأنكل
مما في زمننا هذا ومع ذلك كان هناك قُراء وكتب ومصنفات
ومتابعين للحركة الثقافية ....حتي وأن كانوا فئة معينة
فأصبح المبتديء في مجال القراءة يعرف من هو الكاتب
وكُتبه وحتي احياناً اتجاهاته الثقافية
فيميل لكاتب القصة او الشعر او المقالة
فكانت رقعة القراءة متسعة حتي وصلت للصحف اليومية
والقراءة هنا مهمة سوي صحف او كُتب بشرط ان تحمل
نفس المنهج المدروج في الكتب .....
و الكتاب ليس من المقتنيات الأساسية في بلداننا للسبب ذاته .
فخلاصة القول أن القراءة نخبوية في أوطاننا . لان الأمية عرقلت نشوء ثقافة القراءة والكتاب .
المجتمع لا يزال يؤمن بالقيم التقليدية . فالقراءة ارتقاء نوعي في القيم الانسانية
.
الأمر في أن الكتاب اصبح ليس من

المقتنيات الأساسية في بلداننا
لأن القارئ فيها وجد بدائل حتي
وان كانت غير صحيحة وسليمة
الا انه وجد ضالته في المعلومات المختصرة التي تفيده انياً فقط
وليس لصنع ركيزة ثقافية يُعتمد عليها ......
الجيل الجديد والكتاب أية علاقة ؟
إذاكان الجيل القديم يملك من الأعذار الكثير حول قطيعته مع الكتاب فما المبرر من عزوف الجيل الجديد عن الكتاب ؟
إذا كان التخلف هو عدم القدرة على التوظيف الأمثل لإمكانات المجتمع و عدم القدرة على امتلاك الرؤية السليمة لبرنامج طويل الأمد يضمن للأمة التطور والنمو اللازم للبقاء قيد المنافسة . فلا يمكن أن تلوم أفراد المجتمع على عدم امتلاك الحافز الأساسي و للقراءة ، و عدم القدرة على تحديد أولوياته الشخصية ، و في الأخير ما المغزى الأساسي من القراءة المستمرة إن كان ذلك لا يؤثر برغماتيا في رقي الإنسان
حتي اوروبا ذاتها لم يتم التاثير في سلوكها
بسهولة عن طريق القراءة المستمرة ...
فطالت عملية القراءة والتكرار والأستمرارية
حتي وصلوا لمرحلة التصديق بما جاء به
ماتحتويه ايديهم من كُتب
وبالتالي لانقول ان القراءة المسترة
من الصعب ان تؤثر في السلوك
هنا نكون قد شككنا في اتجاهات القراء وأحبطنا عملهم
بل الواجب ان ندعمهم بالأستمرار حتي يتحسن السلوك
واني اعلم بالفعل ان هناك من القراء والمثقفين هم في وادي
والسلوك الشخصي المفترض تحصيله من القراءة في وادي ثانِ
ولكن هنا الخطأ في الخيارات والتنشئة والبيئة
الخاصة بالقارئ ....
. فالغرب يضع سياسات معينة للأجيال القادمة ويهيء فرص نجاح تلك السياسات و يغير من السبل و الحوافز للحفاظ على الأسس التي بها يمكن أن ينجز سياساته ومن بينها القراءة
فحتى تطور وسائل الاتصال عند الغربيين لم تؤثر كثيرا على علاقتهم بالكتاب ، بل لا يزال الكتاب رمزا من رموز الحضارة الأوروبية .
أما نحن فالثقافة أساسا لديها مجالان لا ثالث لهما ، المجال الديني و المجال الترفيهي ، فالمجال الديني تملك فيه العامة ثقافة شفوية و النخبة ثقافة الكتاب ، و الترفيه عامة يقتصر على الفلكلور و الحكاية
بالنسبة لمجالات الثقافة كما تفضلت
وقلت أن احداهما المجال الديني
والمجال الديني اساسه المشافهه ثم تأتي القراءة
وهو المجال الوحيد اعتقد الذي لازال الكتاب فيه مطلوب
وهنا ظهرت نقطة سلبية اخري وهي عدم وجود الخيار المناسب
لنوعية الكتاب والمؤلف ....
وكذلك سوء اختيار الكُتب المنشورة الألكترونية
ادي الي تفشي ظواهر ثقافية دينية
اساءت للمجتمع والبيئة المحيطة
و عند ظهور التلفاز والوسائل التكنولوجة
أصبحت حوامل لهذه الثقافة .
فالغزو الإلكتروني اليوم للعالم العربي مرتبط أساسا بثقافة الترفيه أكثر من ارتباطه بالتعلم والدليل خلو أغلب المدارس من الوسائل التكنولوجة الضرورية للإنجاز التعلمي .
فالقراءة الإلكترونية هي أيضا ليست بخير . بل هناك تفاعلات ترفيهية أقرب بكثير إلى التواصل الشفوي من ارتباطها بالقراءة و الكتابة . و لا تزال القراءة والكتابة نخبوية في أوطاننا

بالنسبة للقراءة الألكترونية اتت كتحصيل حاصل


من عدم اهتمام القراء او المجتمع بصفة عامة بالكتاب واقتنائه
هنا التجأ الكاتب او الناقل ان ينشر نتاجاته
بعد ان إمحت العملية التجارية
المفترض الأستفادة منها للكاتب
فوضوعها ككُتب مُتاحة مجانية فقط لتوصيل مايريده ...
وكعملية نفسية ان من يمتلك كتاب
ويشقي لشراءه لايهون عليه تركه
دون قراءته مرات ومرات ....
اما ان وجده امام عينية وبكبسة زر نراه
يأخذ منه النقاط التي يريدها
وتبقي وهذا في وجهة نظري ....
تبقي المصداقية في عدم التحريف
والأخطاء والرسائل السيئة هي المسيطرة علي الكُتب الألكترونية
من هنا نشأ نوع من القراء مُبهمي الفكر والثقافة ....
بالأضافة الي أن عامل الترفيه هو الغالب علي بلداننا
وحتي التواصل في ما بين افراد المجتمع لم ولن يكون ذو جدوة
لأن اساسه ليس حُب التبادل الثقافي بل الترفيه
المؤقت والذي احيانا ً يحمل مفاهيم
خطرة تسيء للدين والسلوك العام
لذلك اقول ان المشكلة مشكلة مجتمع اساسياته
ناقصه وحتي وان وجدت فهي غير مكتملة وهي تعلم الأبجدية
وزرع المفاهيم الثقافية الحقيقية بالأستعانة بالفُرص المُتاحة
من تقنية الشبكات العنكبوتية ....
ما مستقبل الكتاب ؟
إذا كان الأمر يتعلق بالكتاب الورقي فربما مستقبله

ليس بالمفرح فمآله إلى الانقراض .
أما الكتاب " المعلومة" محمولا بوسائط

أخرى فأراه منطقيا هو القادم
هذا للأسف هو الذي سيحدث
وإن كان ولا بُد فيفترض ان يتم مراجعة وتدقيق لمُلاك المواقع
لأعطاء صورة حقيقية لمنشوراتهم ....
وهذا اخي الكريم لن يحدث لانه ظهرت احتياجات تجارية مادية
لاتهتم بما يُنشر وتهتم فقط بالكم ....
وفي الختام لامناص من أن الكتاب هو الأصلح
والقاعدة تقول البقاء للأصلح ....
ويبقي الكتاب وصفحاته والتمسك بأهداب اطرافه
هو المسيطر حتي وأن قلّت الأيدي التي تمسكه ....
والرسالة التي نسعي لبلورتها وتبيانها
ليست من قبيل الترف الفكري الذي يعتري
جُل المثقفين العرب ...دون الغوص
في احداث ممكنة في اصلاح وتنشيط المفاهيم
بدون احباطات تزيد من اتساع الهوة...
والله والمستعان ....
تقديري الكبير واحترامي لك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخيك... اندبها