عرض مشاركة واحدة
قديم 12-27-2013, 10:56 PM
المشاركة 3
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


السلام عيكم و رحمة الله

لماذا لم يجد الكتاب في أولوياتنا مكانة ؟

لايمكن الجواب عن السؤال دون وضعه في سياقه التاريخي الصحيح ، فمنذ القدم كانت الكتابة نخبوية في أوطاننا و كانت الثقافة الشفهية هي السائدة ، من شعر وحكايات ، أما العلوم فمرتبطة بحلقات الدرس ، التي تحضرها النخبة من الطلبة التي لا تجد امتدادا لها في المجتمع ، بل تتفاعل بعيدا عنه كما يقع اليوم تماما ، فنحن على أية حال امتداد لماضينا .

إذا كانت الأمية هي السائدة فينا ، فكيف يمكن الحديث عن ثقافة الكتاب المرتبط أصلا بمجتمع قارئ و حامل للقيم البرجوازية ، بمعنى الطبقة المثقفة ، فأوربا نشأت فيها ثقافة الكتاب تزامنا مع الثورة الصناعية وظهور المدرسة الحديثة و توسع قطاع الخدمات ، فهي راكمت قرونا من الإرتقاء بالقيم الإنسانية ، و أسست للمنظور الجديد للإنسان الذي يمتلك الكثير من الحقوق و من بينها التعلم والقراءة والكتابة و غيرها . أما نحن فلا نزال نحاول تعميم التعليم و إيصال الأبجدية إلى أوطاننا و محاربة الأمية ، فالتربية على القراءة لا يمكن أن تمارسها أسر لا تعرف القراءة ، و الكتاب ليس من المقتنيات الأساسية في بلداننا للسبب ذاته .
فخلاصة القول أن القراءة نخبوية في أوطاننا . لان الأمية عرقلت نشوء ثقافة القراءة والكتاب .
المجتمع لا يزال يؤمن بالقيم التقليدية . فالقراءة ارتقاء نوعي في القيم الانسانية .

الجيل الجديد والكتاب أية علاقة ؟
إذاكان الجيل القديم يملك من الأعذار الكثير حول قطيعته مع الكتاب فما المبرر من عزوف الجيل الجديد عن الكتاب ؟

إذا كان التخلف هو عدم القدرة على التوظيف الأمثل لإمكانات المجتمع و عدم القدرة على امتلاك الرؤية السليمة لبرنامج طويل الأمد يضمن للأمة التطور والنمو اللازم للبقاء قيد المنافسة . فلا يمكن أن تلوم أفراد المجتمع على عدم امتلاك الحافز الأساسي و للقراءة ، و عدم القدرة على تحديد أولوياته الشخصية ، و في الأخير ما المغزى الأساسي من القراءة المستمرة إن كان ذلك لا يؤثر برغماتيا في رقي الإنسان . فالغرب يضع سياسات معينة للأجيال القادمة ويهيء فرص نجاح تلك السياسات و يغير من السبل و الحوافز للحفاظ على الأسس التي بها يمكن أن ينجز سياساته ومن بينها القراءة .
فحتى تطور وسائل الاتصال عند الغربيين لم تؤثر كثيرا على علاقتهم بالكتاب ، بل لا يزال الكتاب رمزا من رموز الحضارة الأوروبية .

أما نحن فالثقافة أساسا لديها مجالان لا ثالث لهما ، المجال الديني و المجال الترفيهي ، فالمجال الديني تملك فيه العامة ثقافة شفوية و النخبة ثقافة الكتاب ، و الترفيه عامة يقتصر على الفلكلور و الحكاية و عند ظهور التلفاز والوسائل التكنولوجة أصبحت حوامل لهذه الثقافة .
فالغزو الإلكتروني اليوم للعالم العربي مرتبط أساسا بثقافة الترفيه أكثر من ارتباطه بالتعلم والدليل خلو أغلب المدارس من الوسائل التكنولوجة الضرورية للإنجاز التعلمي .
فالقراءة الإلكترونية هي أيضا ليست بخير . بل هناك تفاعلات ترفيهية أقرب بكثير إلى التواصل الشفوي من ارتباطها بالقراءة و الكتابة . و لا تزال القراءة والكتابة نخبوية في أوطاننا .

ما مستقبل الكتاب ؟

إذا كان الأمر يتعلق بالكتاب الورقي فربما مستقبله ليس بالمفرح فمآله إلى الانقراض .
أما الكتاب " المعلومة" محمولا بوسائط أخرى فأراه منطقيا هو القادم .


محبتي و احترامي .