عرض مشاركة واحدة
قديم 11-13-2013, 01:09 PM
المشاركة 28
هند طاهر
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
مصر ..ثورة تعيد رسم ملامح المنطقة!


كتب :حسن عصفور

ما زالت الثورة المصرية تكشف مزيدا من "اسرارها السياسية" التي سجلتها بعد منذ 3 يوليو العظيم، والمتجسدة في توجيه "الضربة الكبرى" للمشروع الاستعماري التقسيمي الأميركي بمساعدة من "الجماعة الإخوانية" ومحور تركيا – قطر، لفرض علامات سياسية – جغرافية في المنطقة، وترسم حدودا تتيح للغازي وأدواته السيطرة ولعقود، قال الفريق ااول السيسي أنها 500 عام، وللمفارقة هي ذات فترة الاحتلال العثماني للمنطقة، التي اعادته للخلف ما يفوق تلك السنوات..فبعد أن كان العرب رواد النهضة والعلم في ظل ظلامية وقهر لبلاد اوروبا اعاد الحكم العثماني كل ذلك للخلف وأوقف التطور والريادة العلمية في بلاد العرب..

ولا تقف أسرار الثورة المصرية الكبرى في يوليو عند حدود كشف "اسرار الخيانة العظمى" لفريق ومحور، بل انها تفتح طريقا جديدا لصياغة رؤى بعيدا عن سياق الهيمنة و"التبعية الذليلة" التي سادت خلال العقود الأخيرة بين دول عربية، والولايات المتحدة، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وضياع محور توازن وقطب عالمي شكل "رادعا نسبيا"، ما سمح لأمريكا أن تفرض نموذجها للعلاقات يماثل تلك العلاقة التي فرضتها في المجتمع الأميركي بين "البيض والسود" بعد حرب "الاستقلال الأمريكية"، علاقة يسودها الغطرسة المطلقة والتهديد الدائم لكل من يعتقد انه سيخرج عن الطوق والارادة التي تقررها واشنطن..

التغيير الجوهري، والذي لم يكتمل بعد، هو أن ثورة مصر لم تسقط حكما اخوانيا فحسب، بل أنها فتحت طريقا جديدا لصياغة معادلة سياسية اقليمية ستجد مكانها في المرحلة المقبلة، تقوم اساسا على انهاء "عهد الذل والتبعية الأميركي" وخلق توازن من العلاقات يستند الى اعلاء دور "الكرامة الوطنية" في العلاقات الدولية وحماية مفهوم تحقيق المصالح المتبادلة بعيدا عن السرقة القائمة على القوة القهرية..المعادلة العربية الجديدة لن تقف عند حدود طبيعة النظم التي سادت طويلا، ولكنها ستكون نتاج تغيير تتماشى وطبيعة العلاقات الدولية النامية، وبروز محور صاعد بقوة صاروخية، تمثله روسيا والصين ودول في امريكا اللاتينية وافريقيا، وستكن دولا عربية جزءا من هذا التفاعل السياسي قريبا على رأسها مصر، بعد اكتمال المنظومة السياسية للثورة المصرية، بالدستور الجديد والانتخابات بشقيها البرلماني والرئاسي..

لا يحتاج المراقب لدلائل سياسية ليرى مدى الاهتزاز والارتباك الذي اصاب الادارة الأميركية منذ أن انتهى "نظامها الاخواني" في مصر، وانعكاس ذلك سريعا على دورها الاقليمي والدولي وامتداد ذلك الى مجمل أدواتها التنفيذية، خاصة تركيا وقطر والجماعة الاخوانية، وتجلت الصورة الأهم في المسألة السورية، بعد ما عرف بـ"صفقة الكيماوي"، التي اعتبرها كثيرون مظهرا من مظاهر الهزيمة التالية للثورة المصرية، خاصة وأن الادارة الأميركية والرئيس اوباما صعدا الى "قمة الشجرة الحربية"، وقام بالنزول عنها من خلال "سلم روسي" صنعه المخضرم لافروف برعاية بوتين..هبوط سريع من "قمة الشجرة السياسية" الى منحدر اتاح لروسيا أن تتدخل لاعادة ترتيب "الخريطة السياسية" بشكل جديد، بل وتفرض رؤيتها لملفات اقليمية على الجدول الدولي..

وساهم نجاح حسن روحاني في ايران بمنح "السياسية الروسية" فرصة استمرار الهجوم، وفتح طريق التفاوض بخصوص الملف النووي الايراني، وكأن ايران وسوريا أدركا أخيرا أن مثل هذه الأسلحة لم يعد لها قيمة حقيقية، ولذا بدأت روسيا في الاستفادة من هذا الوعي لفرض المعادلة الجديدة، لاستكمال فرض أركانها كاملة على الادارة الأميركية، وليس مستبعدا أن تشهد المنطقة حالة تموضع سياسي تختلف كثيرا عما كانت قبل الثورة المصرية..علاقات تتماهى مع التراجع الكبير في الدور والنفوذ الأميركي وصعود سريع للدور الروسي وتحالفه الدولي والاقليمي..

من المفارقات التي يمكن مراقبتها دون الخروج باستناجات سريعة، ولكنها قد تكون مؤشرا لما سيكون، هو الاتصالات الهاتفية للرئيس الروسي خلال الـ48 ساعة الأخيرة مع رئيس وزراء دولة الكيان نتنياهو وطالبه أن يحضر الى موسكو في العشرين من الشهر الجاري، مكالمة وطلب بصيغة الأمر بعد أن فشل اوباما في "ترويض" بيبي تجاه الملف الايراني، وبعدها كانت المهاتفة الأهم مع الملك السعودي عبدالله، ووفقا لما اعلن تناولت الملفين الايراني والسوري..وبعيدا عما قال بوتين في الاتصالات الهاتفية، لكن الجوهري فيها أن روسيا لم تعد تنتظر ما سيكون، بل بدأت تبادر من أجل ماذا سيكون..وهنا الجديد الجوهري في العلاقات المستقبلية..

هل كان بالامكان حدوث تلك التطورات دوليا دون نجاح الثورة المصرية واسقاط دور محور المشروع الاستعماري..ربما ولكن بعد زمن طويل، فالثورة المصرية أسرعت كثيرا في حصار مشروع وفتح الطريق لبداية مشروع..والمعركة القادمة حول أي مشروع بديل يجب أن يكون..تلك هي المعركة التي لا تزال تتبلور، دون فقدان بوصلة رؤية ملامحها القائمة على رفض مبدأ "التبعية الذليلة" واستبداله بمبدأ "الكرامة الوطنية"..معركة بدأت ويجب أن تستكمل لتنتصر!

ويبقى السؤال: هل تكون فلسطين جزءا من حركة التجديد السياسي لكسر "البتعية الذليلة" التي فرضها البعض..الجواب برسم القيادة الفلسطينية سلوكا وموقفا ورؤية..ولا مجال للرقص على حبال الوهم التي تعقد "الفئة الضآلة" انها تجيدها..فمصر ومحور "الكرامة الوطنية" المتنامي لن يقبل لتجار السياسة أن يكونوا "حصان طروادة" لتسلل معاد!

المـرء ضيف في الحــــياة وانني ضيف


كـــــــــذلك تنقــــــضي الأعمـــــــــار،


فإذا أقمــــــــت فإن شخصي بينكــــم




وإذا رحلت

فكلمــــــــتي تذكـــــــــــار