الموضوع: صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-19-2013, 08:02 PM
المشاركة 32
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


سلمت على حبيبتي بيد تبتغي تأكيد صلابتها فتلين مرتعشة مستجيبة خافقة لملمسها العذب ، وهي جالسة على كرسي خشبي كان قبل لحظات يحتويني عند تناول الفطور .، كل ما فيها لا يلائم المكان الذي تجلس فيه ،سلمت على ليلى وتقدمت طابعا قبلة على رأس أمي ثم رجعت إلى عائشة ، فسألتها عن أبيها وأمها وأخيها و عطلتها وختمت كلامي بمقولة بلدتي للزوار : " مرحبا بك ، نزلت أهلا و سهلا ، والبيت بيتك و أهله أهلك . فردت : بمجاملة شخص لا يعرفك عن قرب : شكرا لكم .
دخلت غرفتي ، تخيلت عائشة تشاركني حياتي البئيسة ، سألت لأول مرة نفسي بجدية ، هل أستحقها فعلا ؟ هل أنا في مستواها ، هل أستطيع أن ألبي شيئا من حاجاتها ، مخجل أن تحس نقصا أمام من تحب ، ما أصعب القلب حين يختار أن يسكن الأعالي ، لكن ما العمل ؟ لندع الزمان يتصرف ، ولو أن المفعولية لم تكن يوما من خياراتي . أعود متصفحا غرفتي المتواضعة ، حصير يستر وجهها الاسمنتي ، زربية هي سرير نومي ، مخدة وبطانية و إزار ، خزانة خشبية صغيرة تحتوي بعض روايات غرامية صافية ، روايات تحكي واقعا لا يرحم ، واقع يزيده أهله تعقيدا ، مذياع يبحر بعيدا عن الوطن يمتعني بما تجود به حضارة هؤلاء من موسيقى وبرامج تملأ الدنيا ألوانا زاهية ، أشرطة موسيقية مما تناثر من شذرات تقاوم أخطبوط الفنون الغربية و صناعته التي تحتل الوجدان مفرغة إياه من مخزونه الثقافي و هويته و موروثه . ألقيت نظرة على المرآة وجهي لا يزال يحتفظ بإشراقته ، خرجت جهة البئر عند الزريبة ، بالقرب من خزان مائي تضخ فيه مضخة مياها تجلبها من البئر على إيقاع محرك يدوي بعنف ، صعدت حائط الخزان معانقا أنبوب الماء البارد الصافي الآتي من أعماق الأرض ، أثلجت صدري و أخمدت لهيب حلقي و ترجلت من على الخزان و أنا أسير بين أشجار البرتقال المحادية له و هي تحمل كريات خضراء في حجم بيض الحمام .بعضها ساقط عند قدم الشجرة ، انحنيت لأخذ واحدة منها عندما سمعت نداء عائشة الركيك : أيها الهاارييييب ماذا تفعل ؟ استدرت لأجدها قرب الخزان و ليلى بجانبها .
ـ لعلك تريدين شربة ماء
ـ ماء نقي أريد كأسا منه .
ـ اشربي من الأنبوب .
ـ أخاف أن أسقطك في الصهريج
ـ ألا تحسنين العوم
ـ بل أحب السباحة كثيرا
ـ اصعدي واشربي