الموضوع
:
صفحتي الهادئة
عرض مشاركة واحدة
07-15-2013, 06:24 PM
المشاركة
28
ياسر علي
من آل منابر ثقافية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 3
تاريخ الإنضمام :
Dec 2012
رقم العضوية :
11770
المشاركات:
1,595
أي مجد ! أي كبرياء تحسه الأم وهي تزوج ابنها البكر فهي ستطلق المطبخ ، و تأخذ مفاتيح الخزائن ، وتعطي الأوامر ، الأب أيضا يطمئن إلى مصير ابنه فهو ينام هانئ البال وهو عليم أن ابنه نائم إلى جواره ، لا يجوب الطرقات ليلا مع رفاقه العزب ، و أن ابنه سيفكر بجد و يتحمل مسؤولية الأسرة . الزواج شهادة الأهلية و الرجولة و الجدية ، العزوبة علامة الزيغ والطيش ، تلك نقوش لا تمحى ، نحتها الأجداد و شرعتها الأعراف وختم عليها الفقيه بإمضاء كالوشم لا تمحوه السنين و لا المبتدعات . قال الأساتذة نمونا الديمغرافي يعيق تقدمنا ، وآباء القرى يقودون قطعانا من الأبناء متقاربي السن ، لا ينعمون بتغطية صحية و لا إرشاد مدرسي ، و لا تغذية متوازنة ن ولا نظافة لا ئقة ، آفاقهم محدودة إمكنات آبائهم وقراهم معدومة ، حقائق تبدو جلية ظاهرة واضحة أمام أعيننا ، برامج التعليم تشن حربا ضروسا ضد التزايد الديموغرافي وتحذر من التمادي في تجاهل تلك المعطيات .
رسالة تسلمها أبي يوم السوق ، أعطاني إياها بعد أن عجز الفقيه عن فك رموزها ، سرعان ما اكتشفت مصدرها ، أجل هذا الخط الواضح الفصيح ، هذه التموجات أعرف جيدا اليد التي زخرفتها ، وأعطت كل حرف حقه من الكبرياء ، ليشارك في بناء لوحة أخاذة و عبارات مسكرة مدوخة ، أحسست بيدي ترتبك و أنا أوهم أبي أني أقرأ الرسالة ن بيد أن عيناي قد اغرورقتا ماء مالحا كبحت فيهما سيلانه ، قلت لوالدي ورأسي منحن :" غنها رسالة من أحد أصدقائي "
<< حبيبي ، لم أخبرك أن أخي مريض منذ شهور ، و هو لا يزال يتابع الاستشفاء عند الأخصائيين ، تعرف حرارة الطقس عندكم ، الأطباء نصوه بدعدم السفر . آسفة لتأجل اللقاء لعام آخر ، إنه سبب أكبر من أن يقهر ، لطالما انتظرت مجيئ الصيف ، فها هو ذا في متناول اليد ، فاستحال اللقاء وتأجلت السعادة ، وتاججت نار قلبي و لهيب أشواقي ، أبيت الليالي بلا نوم ، بل في سهادي أتدور لا أستنعم حريرا ولا أستحلي حلوا ، أمي لاحظت تغير ملامحي و ذبول حيويتي ، وشرود ذهني فاوصتني بالعناية بصحتي ، فتذرعت لها بمرض أخي . صدق هو أم كذب ؟ أعلم أنك تنتظرني على نار ، أكاد أستشعر احاسيسك وأنت تقرأ هذه الكلمات ، لكن ما العمل ؟ ليس بيدنا غير الأمل في المستقبل ، والرضا عن الحضار و إلى الملتقى حبيبي >>
في غرفتي دفنت وجهي في وسادة ، استلقيت على بطني ، أحسست بالحمى تجتاح كياني ، يدالمتشابكتان تغطيان رأسي ، أحسست غصة في حلقي وجدت نفسي ميالا إلى البكاء ، صوت أبي يرن في آذاني : " الرجال لا يبكون ، الكاء من شيم النساء " قاومت و قاومت و بكيت .
هبت نسمات الخريف فضايقت صحو الصيف جو تلفه الكآبة من كل جانب ، لسعاتها تؤذي المتعودين على الزي الصيفي الخفيف . مساء ساعة الغروب ن جو الشعراء الصيفي ، يسكن صخب النهار ، تتوقف حركة الأشجار مادة آذانها لتسمع دبيب الحشرات المتطايرة من الوادي جوار المياه المسترخية . تلك اللحظة التي أستشعر فيها وحدتي وحاجتي إلى أنيس يشاركني نشوتي ، لحظة لا تقاس معزتها عندي بأفراح الكون ، حين أتمدد على الضفة متاملا جمال الكون ن ساخرا من تفاهات الزمان ، آملا في حياة هادئة تعطرها السعادة و يحليها الحب بأزيائه الربيعية . اليوم بالذات وجب نسيان هذه اللحظة و تلك الساعة و انتظارها بعد عام كما أنتظر الحبيب ، تحبّب جلدي و انقبض ثائرا من وخزات الخريف ، راثيا ذهاب الصيف ، ساعتها أيقنت أن ساعة الرحيل قد دقت ، فورة أغصان الأشجار ، تناثر أوراقها ، جو عصبي مزعج ، عراك الطبيعة مع ذاتها قصد تدمير نفسها بنفسها ، تماما كما تفعل الحروب الأهلية بأوطان كانت جميلة . أحزان بعضها على بعض ، انصرام العطلة الصيفية قدوم موسم دراسي متعب ، هذا كله يثقل كاهلي و يبعثر تركيزي و يعنف أحوالي ، إحساس يلازمني كل عام كلما قدم الخريف . وبدرجة أقل كل أسبوع عند نهايته .
رد مع الإقتباس