الموضوع: اغتصاب
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
12

المشاهدات
4235
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
07-11-2013, 03:41 AM
المشاركة 1
07-11-2013, 03:41 AM
المشاركة 1
افتراضي اغتصاب
إن المرء ليقف عاجزا عن تفسير ظواهر تقع في محيطه تبلغ من الغرابة حد الغرابة ، موحى ضحية زمانه ، منذ أن فتح على الدنيا عينيه عبر عنق رحم شد أنفاسه شدا ، مجبرا إياه على إطلاق أولى صيحاته عويلا يحمل علامات رفض وتمرد و استعطاف لعل الرحمة تتهاطل عليه ممن حضرن مولده ، كف القدر عبثت به كما شاءت ، ككرة تتقاذفها الأقدام هنا وهناك ، فبعد يتم ذاق ويلاته وهو لا يزال في أحشاء أمه ، خرج إلى الدنيا هزيل الرجل اليسرى ومعقوف اليد اليمنى ، هكذا كتب عليه أن يجابه الدنيا بيد يتيمة ورجل وحيدة . رغم كونه إنسانا تبقى صورته أبعد ما تكون عن الإنسان فضاقت به أمه ذرعا وهجرته إلى بيت زوجها ، حاولت لكنها لم ترض بمخلوق قبيح أعوج ، وهي تزف إليه وصيتها : " لا تتذكرني أبدا ، اذهب و انس " .
موحى اليوم بلغ به العمر مبلغه ، حط رجله في الثمانين ، لا يزال صامدا أمام العوادي ، واقفا في وجه الموت الذي حصد أقرانه من الأصحاء ، مستعصيا على الرضوخ لنزوته رغم ما أذاقته الحياة من ألوان الذل والحرمان و الظلم والأسى . طيب القلب ، قاصر الفكر ، متخلف العقل لكنه ليس معتوها ولا مجنونا ، بعد رحيل وترحال ، استقر به الحال لأعوام في هذه القرية . رغم كل شيء فهو نظيف أكول ، يمقت الجوع بقدرما يكره العفن ، أكول حد الشراهة تراه عند كل وليمة في زاوية شبه مظلمة ، توضع أمامه ألوان أطعمة عفت عنها أيادي المدعويين ، فلا يتوقف حتى الثمالة ، يملأ جرابه خبزا ولحما و فواكه ، يغسل فمه ويده الحية ليقوم مودعا شاكرا إلى مخدعه . يحفظ جدول الولائم كما يعرف أمه التي تناسته . قرب الساقية تراه يبلل أسماله كل يوم و يعرضها على أشعة الشمس ، يستحم بعد جهد جهيد ، ليجمع أثوابه في كيس مهترئ وهو متكئ على رجل خشبية ، جارا كيسه طالبا للطعام .
لعل رحلات هذا المعاند لها أسباب لا يعلمها إلا هو لكن الآتية طابعها أغرب من الخيال ، شيخ القرية وسيدها يأمر رجاله بإبعاد موحى إلى أبعد نقطة ممكنة في الأرض ، لكأنه جيفة نتنة زكمت أنوف القروين ، أو نجاسة دنست طهر المكان ، موحى قام صباحا على عادته ، يطلب الطعام على أبواب البيوت و هو يحكي عن الغريب الذي شاركه الليلة المبيت في دار أبناءالسبيل ، و هو يسترجع شريط الليلة وكيف هتك الغريب عرضه و أغلظ عليه غلظة لم يتوقعها ، يحكي مصابه لكل من التقاه ، فتفر النساء ضاحكات حانيات رؤوسهن ، و يحوقل الرجال ، و يتغامز الأطفال .