الموضوع: أسرة متمدنة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-05-2013, 02:49 AM
المشاركة 2
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


رفع الأب الجلسة إلى الجمعة المقبلة بعد الصلاة ، لأول مرة أحس أن كل ما قدمه من تضحيات وخدمات يكاد يذهب سدى ، أحس غبنه أمام الجيل الجديد ، فمن جهة يعرفون حقائق كثيرة و في الوقت ذاته تعتريهم نقائص عديدة ، يصلي صلاة العصر فيسهو فيها سهوا يجمع عبادة تقربه من ربه و خدمة قضيته ، حبه لأسرته و ما ارتج له بنيانها من تصورات جديدة جعلته حائرا ، بعد السلام يرفع كفيه مناجيا خالقة اللطف بهذه العائلة ، و انتشالها من الضياع والتمزق والتشتت ، وهي إلى عهد قريب مضرب الأمثال بنجابة أبنائها ، وحكمة كبارها و عفة نسائها و حسن تدبير مواردها .
ما إن تفرق الجمع حتى بدأت الحقوقية نشاطها و حملاتها التحسيسية والتوعوية ، فكتبت الشعارات ، نعم لحرية المرأة ، لا لاضطهاد الطفولة ، رفقا بالمسنين ، العدل والمساواة مطلبنا ، المظاهرات سلاحنا ، قريبا سنعتصم ونضرب عن الطعام ، أنهت سلسلة إعلاناتها ، طبعت ملصقاتها ، علقتها على الجدران العمومية ، في غرفة الأكل والمطبخ والشرفات ، والأروقة والحديقة وعلى طول السلم .
أما الطبيب فحول غرفة أدواته ومعداته وكتبه إلى معبد هيأ فيه منبرا ، و رسم محرابا على الحائط ، وكتب على الباب دار الصلاح والفلاح ، وفصل برنامجه على ورقة ثبتها على الباب ، أداء الصلاة بعد الآذان بعشرة دقائق ، حضور الموعظة اليومية بعد صلاة المغرب .
الجدة المريضة تملكتها نوبة بعد اللقاء ، حملتها المهندسة إلى الطبيب ، وصاها بالراحة النفسية وعدم التعصب ، وصف لها مهدئات جديدة ، بعد كل زيارة تتغير العقاقير ويزداد تركيزها ، حفيذها الطبيب يحذرها من هذه السموم و يعرض عليها منتجات من الطب البديل ، لكنها تحب طبيبها القديم ، فهو العارف بحالتها عن قرب منذ وفاة الجد قبل عشرة أعوام .