عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
11

المشاهدات
10975
 
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي


محمد جاد الزغبي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,185

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jan 2006

الاقامة

رقم العضوية
780
04-19-2013, 08:44 PM
المشاركة 1
04-19-2013, 08:44 PM
المشاركة 1
افتراضي نقاط التماس بين الفكر الشيعى والفكر الإخوانى
نقاط التماس بين الفكر الشيعى والفكر الإخوانى


يخطئ الكثير من المحللين فى بعض الأحيان , عندما يهملون المنطلق الفكرى لأى جماعة أو حزب فى أثناء تعرضهم بالتحليل لتصرفات تلك الجماعة أو هذا الحزب ..
فبدون أدنى شك ,
تعتبر معالجة الأساس الفكرى لأى فرد أو جماعة هى الكاشف الرئيسي لأبعاد أى حدث أو سياسة معينة نريد تحليلها , بالإضافة إلى أنها تكون كاشفة أيضا لتوقعات مستقبلية نستطيع استنباطها بسهولة إذا عرفنا على أساس صدر هذا التصرف
وفى معالجة تجربة الإخوان المعاصرة ,
مر البعض مرور الكرام على العلاقة الوطيدة بين الإخوان والشيعة الإثناعشرية فى إيران , وساد الإعتقاد أنها مجرد علاقة سياسية بين تنظيم حركى إسلامى وبين دولة المفترض أنها دولة إسلامية قامت بتنظيم حركى مماثل .. أى أن العلاقة قائمة بين الإخوان كتنظيم .. وبين إيران .. كدولة .. وليست بين الإخوان كفرقة , والشيعة الإثناعشرية , كعقيدة
لكن استقراء الواقع بشيئ من الدقة يكشف أبعادا جهنمية لهذه العلاقة سيكون لها خطورتها البالغة بعد استواء الإخوان فى مقعد السلطة , لأن العلاقة ببساطة هى علاقة عقائدية فكرية من الطراز الأول , وأوجه التشابه بين الفرقتين الشيعة والإخوان أقوى مما نتصور , وسنرى هذا الأمر عيانا بالمقارنة التى سنعقدها فى هذه الدراسة .. لنكشف أن حدود العلاقة بين الفرقتين ليست علاقات مصالح سياسية قد تعبث بها أجواء العلاقات الدولية سلبا وإيجابا , بل هى علاقة عقيدة ودين لا يمكن أن تنفصم بسهولة , والأدهى أن التطابق بين الفرقتين يجعلنا ننتظر من الإخوان تصرفات مشابهة لتلك التى انتهجها الخمينى فى إيران عقب تمكنه من السلطة بعد إقصاء كافة خصومه ..
وقد لاحظت أن الكثير من الباحثين تحدثوا عن أوجه التشابه بين الإخوان والخوارج فيما يخص تكفير المجتمع وأكثروا من استخدام هذا التشبيه , بينما لا توجد علاقة أصلا بين فكر الخوارج والإخوان ,
والذى يطالع كتب العقيدة والفرق الأصلية فى التاريخ الإسلامى سيدرك ذلك بسهولة لأن سمات الخوارج لا تتفق وسمات الإخوان إلا فى غائلة التكفير العام , وهى صفة اشتركت فيها كل الفرق التى انشقت عن أهل السنة والجماعة ولم ينفرد بها الخوارج وحدهم , فالشيعة ــ بكافة فرقها عدا الزيدية ــ والمعتزلة والجهمية والمرجئة .. كل هذه الفرق تــُــكفر خصومها وتبنى لها أصولا عقائدية تختلف عن باقي الفرق ,
وانفرد أهل السنة والجماعة وحدهم بأنهم لا يكــفّرون ما عداهم بل يرمونهم بالبدعة , فحُكم تلك الفرق الشاذة عن السنة , هو حكم المبتدعة لا الكفار , ورغم بدعتهم إلا أنهم داخلون فى عموم المسلمين بنص حديث النبي عليه السلام ( تتفرق أمتى إلى نيف وسبعين فرقة كلها فى النار عدا واحدة .. وهى الجماعة , أو قال ما أنا عليه وأصحابي ) ..
ومنذ ذلك الحين الذى انشق فيه الخوارج فى زمن على بن أبي طالب رضي الله عنه , تكوّن لأول مرة مفهوم أهل السنة والجماعة ليميز المسلمين العاديين إلى جوار الفرق البدعية التى أضافت إلى إسم الإسلام أسماء أخرى ابتدعتها كالخوارج والشيعة والجهمية ونحو ذلك ,
ثم تفرعت الفرق الرئيسية ذاتها إلى عشرات الفرق الفرعية أيضا فانفلقت الشيعة إلى زيدية واثنا عشرية وإسماعيلية وباطنية ونصيرية ونزارية .. وهلم جرا , وانفلقت المعتزلة والخوارج والجهمية والمرجئة لنحو ذلك أيضا وتسموا بأسماء قادتهم عبر التاريخ وانفرد كل فريق بمعتقد دون الآخر
وبقي أهل السنة وحدهم بمسماهم الأصلي المسلمون السنة , وكانت إضافتهم للسنة لازمة وضرورية لتفرق بينهم وبين متبعى البدعة , ولهذا فالعلماء عرّفوا أهل السنة بأنهم العامة من المسلمين الذين لا يتسمون بغير مسمى الإسلام والسنة النبوية , ويؤمنون بما جاء فى كتاب الله والسنة من العقيدة كما جاءت نصا , ولا يكفرون ما عداهم من الفرق التى تكونت بعد ذلك وتعدت المئات , وافترقت كلها فى المعتقدات والمذهبيات
فهذه الفرق فى معتقدنا فرق مبتدعة ليسوا مخلدين فى النار بل هم من أهل القبلة الذين وعد الله بعدم خلودهم فى النار وفق ما نقله إجماع أهل العلم
وبالتالى ..
فإن القول بتشابه الخوارج مع فكر الإخوان قول غير دقيق , فلو كان الإخوان كالخوارج ما عانينا منهم كما نعانى ! , لأن هناك صفة رئيسية فى الخوارج يفتقدها الإخوان على طول الخط ألا وهى صفة الصدق, فالخوارج معروفون بأنهم لا يكذبون قط , والكذب عندهم كبيرة مُخرجة من الملة على عادتهم فى تكفير مرتكب الذنوب , ولهذا قــَبل علماء الحديث عند أهل السنة معظم روايات الخوارج للحديث النبوى بسبب هذه الصفة وحدها ..
كما أن الخوارج لا يستخدمون التقية مطلقا , بينما أكثر الفرق تمييعا لاستخدام التقية وتحليل الكذب والنفاق هم الشيعة , يليهم الإخوان مباشرة كما رأينا خلال الفترة بعد الثورة ,
ومن أوجه الإختلاف أيضا بين الخوارج والإخوان , أن الخوارج لا تنكر هويتها أبدا ولا ترى ترك السلاح حتى يتحقق لهم التمكين , بينما الإخوان يلجئون للجحور حتى موعد التمكين عن طريق الظروف المؤهلة لذلك ,
كما أن الخوارج لا ترى شرعية النظم القائمة ولا تمنح للنظام شرعية بعقد صفقات من أى نوع إلا اتفاقيات الهدنة , ولهذا دخلوا فى حروب طاحنة منذ نشأتهم وعلى امتداد عصرهم مع الإمام علىّ ثم الدولة الأموية فالعباسية .. باعتبار منهجهم منهج انقلابي مسلح
أما الإخوان والشيعة فتضمر فى داخلها كفر الأنظمة لكنها لا تعلنها إلا فى حالة القوة كما أنها تدخل فى اللعبة السياسية مع النظام سواء فى العصر القديم أو الحديث
وهكذا باختصار نرى أن الأساس الفكرى للخوارج يختلف جذريا عن معتقدات الإخوان التى تطابق معتقدات أشهر فرقتين فى الشيعة , وهما الشيعة الإثناعشرية , والشيعة الإسماعيلية ..
ولنبدأ القصة من أولها ..