عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2013, 08:54 PM
المشاركة 56
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الفائدة السادسة والخمسون
استعمال (لو) على عدة أوجه





الوجه الأول: أن تستعمل في الاعتراض على الشرع.
وهذا محرم؛ قال تعالى: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}
[آل عمران: 168] في غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبيٍّ في نحو ثلث الجيش فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلاً اعترض المنافقون على تشريع الرسول  وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا فرأيُنا خير من شرع محمد وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.
الثاني: أن تستعمل في الاعتراض على القدر.
وهذا محرم أيضًا؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران: 156]؛ أي لو أنهم بقوا ما قتلوا؛ فهم يعترضون على قدر الله.
الثالث: أن تستعمل للندم والتحسر.
وهذا محرم أيضًا؛ لأن كل شيء يفتح الندم عليك فإنه منهي عنه؛ لأن الندم يكسب النفس حزنًا وانقباضًا والله يريد منا أن نكون في انشراح وانبساط قال : «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا فإن "لو" تفتح عمل الشيطان»( ).
مثال ذلك: رجل حريص أن يشتري شيئا يظن أن فيه ربحا فخسر فقال: لو أني ما اشتريته ما حصل لي خسارة. فهذا ندم وتحسر ويقع كثيرا وقد نهي عنه.
الرابع: أن تستعمل في التمني.
وحكمه حسب المتمني إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر، وفي الصحيح عن النبي  في قصة النفر الأربعة قال أحدهم: «لو أن عندي مال فلان لعملت فيه عمل فلان». فهذا تمنى خيرًا، وقال الثاني: «لو أن عندي مال فلان الذي ينفقه في غير مرضاة الله». فهذا تمنى شرًا، فقال النبي  في الأول: «فهو بنيته فهما بالأجر سواء». وقال في الثاني: «فهو بنيته فهما في الوزر سواء».
الخامسة: أن تستعمل في الخير المحض.
وهذا جائز، مثل: لو حضرت الدرس لاستفدت. ومنه قوله : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم»( ). فأخبر النبي  أنه لو علم أن هذا الأمر سيكون من الصحابة ما ساق الهدي ولأحل، وهذا هو الظاهر لي.
وبعضهم قال: إنه من باب التمني؛ كأنه قال: ليتني استقبلت من أمري ما استدبرت حتى لا أسوق الهدي؛ فالظاهر أنه خبر؛ لما رأى من أصحابه، والنبي  لا يتمنى شيئًا قدر الله خلافه ( ).

~ ويبقى الأمل ...