عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2013, 05:22 PM
المشاركة 165
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
النِيَّة
إن الصلاة تتكون من واجبات ركنية ، وواجبات غير ركنية . والواجبات الركنية هي التي تبطل الصلاة بنقصانها عمداً وسهواً . ومن هذه الواجبات النية ، التي هي حركة في القلب . فالتكبير ، والقيام ، والركوع ، والسجود ؛ أعمال خارجية .
أما النية ؛ فإنها عملية في القلب ، وهي قوام الصلاة .
يقولون : بأن النية بالنسبة إلى العمل ، كالروح إلى الجسد : مهما كان الجسد قويا ، فهو ميت لا قيمة له . وأعمالنا كذلك .
أثر النية في الخلود
إن طاعات الإنسان في الحياة الدنيا ، تكون لسنوات محدودة ؛ فكيف يعطى الأبدية في الجنة ؟. والأعجب من ذلك ، إذا كان هناك مسلم ارتد عن الإسلام ، ثم مات بعد الارتداد بثوانٍ قليلة ؛ هذا جزاؤه جهنم خالدا فيها ؛ لأنه أشرك بالله عز وجل
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }
هذا الشرك كان لثوان فقط ، ولكن الجزاء هو الخلود في جهنم . وكذلك بالنسبة إلى الطاعة : إذا كان هناك إنسان كافر وأسلم ، ثم مات بعد ثوان ؛ فإن هذا الإنسان يدخل الجنة خالدا فيها .
والذي أوجب لهذا الخلود في النار ، ولهذا الخلود في الجنة ؛ هي النية . أي يا رب ، لو أبقيتني إلى أبد الآبدين ، لكنت لك مطيعا وبك مؤمنا ، أو العكس . هذا تأثير النية .
الرياء المبطل للعمل
إن من شرائط الصلاة النية الصحيحة ؛ أي أن لا يكون الإنسان مرائيا في عمله . إن البعض يصلي جماعة ، فتأتيه خاطرة : أن الناس ينظرون إليه بارتياح ، ونظرتهم هذه توجب له زيادة في المعاش . أو أن شابا يذهب إلى المسجد ، فيكون ذلك مدعاة لتزويجه .. هل هذه الخواطر مبطلة أو غير مبطلة ؟.

إن هناك فرقا بين الخواطر ، وبين ما استقر في صفحة النفس . فالرياء المبطل ، هو الرياء المستقر ، وليس الذي يرد على نحو الخاطرة . قال تعالى في كتابه الكريم :
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ }
قال تعالى : { إِذَا مَسَّهُمْ } ؛ أي اتصال سطحي . { طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ } ؛ لم يقل : شيء استقر من الشيطان . وقد ورد في الرسالة العملية مع أن هذه مسألة أخلاقية :
وأما الخواطر فلا تبطل الصلاة ، وخصوصا إذا تأذى منها الإنسان . إذا تأذى الإنسان من خاطرته ، فهو إنسان مخلص .
إن من نعم الله علينا، أنه لا يؤاخذنا بالرياء بعد العمل ، مثلا : إنسان ذهب إلى الحج وأتقن حجه ، وخشع في صلاته ، ونقل ذلك إلى الآخرين ؛ رب العالمين أكرم من أن يضيع أجره .
الرياء المبطل هو ما كان أثناء العمل ، أما الرياء اللاحق ؛ فإنه لا يفسد العمل . وكذلك بالنسبة إلى العجب : إذا أُعجب الإنسان بعمله بعد أداء العمل؛ فإن هذا لا يضر بالعمل . حيث أن العجب المبطل ، هو العجب المقارن .

هل من موجبات عدم الإخلاص ، أن يعبد الإنسان ربه طمعا في الجنة ، أو خوفا من النار؟
إن عبادتنا هي إما عبادة العبيد الخائفين ، أو عبادة التجار . فهل هذا يخل بالإخلاص ، أم لا ؟. فقهيا : لا ، الصلاة صحيحة . أما عرفياً وأخلاقياً ؛ فإن هذا بعيد عن الإخلاص . أين نحن وعبادة أمير المؤمنين ، الذي كان يقول :
( إلهي ! ما عبدتك خوفاً من عقابك ، ولا طمعاً في ثوابك .ولكن وجدتك أهلاً للعبادة ؛ فعبدتك ) ؛
هذه هي عبادة الأحرار . والإنسان المؤمن يحاول أن يترقى في عبادته ، ليصل إلى هذه الدرجة .
إننا عندما نتوضأ في الصيف بالماء البارد ، أحدنا يتوضأ وهو يعلم أنه ضمنا سوف ينتعش وتسري البرودة إلى بدنه . هو لا ينوي ذلك ، ولكن البرودة تأتيه قصرا .
وكذلك في قربك لله عز وجل لا تنوي الحور ولا القصور، بل قل : يا رب أحاول أن أعبدك عبادة الأحرار إن استطعت ذلك ،
فإنه عز وجل يعطيك ما لا يخطر على بال بشر . عندما يدخل الإنسان الجنة ، فإنه يرى من الجمال الإلهي ما تندهش منه العقول ، يقال له :
اذهب إلى القصور وإلى الحور ؛ ولكن قلبه لا يطيق فراق هذه الحالة ، لأنه يرى أن ما هو فيه من الانشغال بهذا الجمال الإلهي ، لا يقاس بالجمال المادي . ومن هناك قيل : { وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ } !.
حميد
عاشق العراق
12 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي