عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2013, 11:56 AM
المشاركة 162
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
روافد الشر غير المرئية
******************************
إن الشر بعض الأوقات يأتي من مصدر مادي معلوم ، كإنسان عدو مثلا . وأحيانا يأتي من عالم غير مرئي من : الجن ، والشياطين ، والحسد ، وغير ذلك من الأمور .
ولكن المؤمن يحاول دائما أن يتناول الشق المادي ، ولا يحيل الأمر إلى الجانب الغيبي ، وذلك لأمرين :
أولا : الغيب لا يرى . فلو اعتقد إنسان أن جنا قد مسه ، كيف يصارع ويواجه هذا الجن الذي لا يرى ؟
فلو كان المهاجم عدوا ، لاستطاع أن يشتكي عليه أو يواجهه . ولو كان جراثيماً ، لاستخدم مضادا حيويا للقضاء عليه . أما الجن الذي لا يرى ، كيف يقضي عليه ؟. وهنا وبسبب هذه الأوهام ، يذهب لكل نصاب ومشعوذ .
ثانيا : الغيب لا يقطع به . فالإنسان عندما يرى عدوا أمامه ، يقول : هذا عدو أمامي ، ولكنه لا يقطع أن الذي وراء الكواليس ، هي هذه الأمور الغيبية .
فإذن ، إن المؤمن سياسته سياسة القرآن الكريم : لا يتبع الظن ، ولكن يمشي وراء اليقين { إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } . ولكن مع ذلك نحن قوم واقعيون ، نتبع القرآن والسنة .
فالقرآن ذكر الجن في آيات متفرقة ، منها : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } .
وقد صنّف القرآن الكريم الجن إلى صالحين وغير صالحين { وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا }
، وكذلك ذكر شر الجن : { مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
فإذن ، إن هناك شرا يصلنا من الجن ، وهناك شرا من الناس . فما هو الحل الجامع لهذا الأمر ؟ الحل هو أن نوكل الأمر اليقيني والاحتمالي إلى خالق الشرور .
فالإنسان عندما يصاب بمرض ، يحتمل الطبيب أن الجرثومة الفلانية هي السبب وراء ذلك المرض ؛ فيعطيه مضادا حيويا يقضي على الجرثومة المحتملة غير المقطوع به .
وكذلك المؤمن ، فإنه يراجع ربه ويقول : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } . وهنا نكتة قرآنية لطيفة : فـ{ أَعُوذُ } فعل مستمر ؛ لأن العدو عداوته مستمرة ، { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } .
أحيانا الطائرات المعادية تهجم مرة في السنة ، أما إذا كان الهجوم يوميا ؛ فلا بد أن يكون الدفاع يوميا .
وعليه ، فبما أن الشيطان يوسوس دائما ، فإن على الإنسان اللجوء إلى الاستعاذة المستمرة ، للتصدي لهذا العدو : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } .
إن هنالك بشارة لجميع المؤمنين ، وهي أن الشياطين والأجنة ، لا تصل إلى أعضاء بدن الإنسان . فالشياطين والجن لو كان لهم سلطة على الأبدان ، لذكر ذلك القرآن الكريم ، إنما شغلهم الوسوسة فقط .
ومن هنا الشيطان يوم القيامة يدافع عن نفسه دفاعا بليغا :
{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
أي أنا عملي كان مجرد دعوة ، ولم يكن هناك إلزام وإكراه . ومن منا يدعي أن الشيطان دفعه إلى المعصية دفعا ؟!
فإذن ، إن الأمر سهل ما دامت القضية وسوسة ، فالذي يلتفت إلى منافذ قلبه ، ينجو من هذا الشر .
حميد
عاشق العراق
9 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي