عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2013, 03:58 PM
المشاركة 160
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

التعامل مع الدنيا
إن تعامل الناس بالنسبة إلى الدنيا ، على نوعين : هناك قسم توطدوا بالدنيا ، ورضوا بالمتاع العاجل . وبتعبير القرآن : { اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا } .
وهناك قوم انقطعوا إلى الآخرة ، وأهملوا الدنيا ؛ أي لا يشتغلون للدنيا ، فهم غير فعالين فيها، ويغلب عليهم الذكر اللفظي مثلا ، ولا يبالون لا بمجتمعهم ولا بأسرهم . وهذه أيضا حالة مرفوضة .

إن الكلمة الفصل في هذا المجال لأمير المؤمنين ( عليهِ السلام ) :
( إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) إنه تعبير رائع جدا !.
فالمؤمن يستثمر كل ما لديه من طاقات وقدرات ، لتثبيت دعائم الحياة المادية . والمؤمن من اهتماماته في الدنيا ، أن يجمع مالا وفير ا، ليوقف بها أمرا ماديا ، يكون له زادا في عرصات القيامة .
( إذا مات ابن آدم ، انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولدٍ صالح يدعو له ) .
من هم أصحاب الصدقات الجارية ؟. هم أصحاب المال ؛ فالمؤمن الفقير: رأس ماله الدعاء، والصبر . أما المؤمن الغني : هو الذي بإمكانه أن يبني ما يكون له صدقة جارية ، وأن يتكفل الأيتام .

فإذن ، إن الدنيا مزرعة الآخرة . في عالم الزراعة : كلما اتسعت رقعة المزرعة ، كلما زاد المحصول . وكلما زاد المحصول ، زادت الزكاة الواجبة لذلك المال .
إن الإمام ( عليه السلام ) يقول : ( واعمل لآخرتك ، كأنك تموت غداً )
إن المؤمن قد لا يخشع في صلاة الصبح ، وقد لا يخشع في صلاة الظهر ؛ لأنه يكون في قمة الانشغال اليومي . أما في خصوص صلاة العشاء ، فإن لها حالة خاصة وذلك لأن الإنسان عندما يصلي صلاة العشاء ، يصلي صلاة المودع ، فهي آخر فريضة لهذا اليوم ، وبعدها سوف ينام ، والله تعالى يقول في كتابه الكريم :
{اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } ؛
فالموت والنوم أخوان قريبان . من أين للإنسان الضمان أن الله يرجع له الروح بعد النوم ؟.
ولهذا عندما يستيقظ من النوم ، يخر ساجدا لله ويقول : ( الحمد لله الذي أحياني بعدما أماتني، وإليه النشور ) .
فالعبارة حقيقية !.
إن بعض الحجاج - مع الأسف - يحجون حجة ، هم لا يرضون بها ، على أمل الحج السنة المقبلة !. من قال أنه سيوفق لذلك ؟.
لذا عليه أن يحج حجة مودع ، وفي ليلة القدر كذلك عليه أن يقوم بأعمال مودع . ومعنى قول الإمام ( عليه السلام ) : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ) بعبارة أخرى: ( ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء ) . مثلا: هناك فقير له عصا وله سبحة ، ولكن قلبه متعلق بهما ؛ فهذا الإنسان عابد للدنيا . وهناك إنسان آخر عنده مصانع كثيرة ، ولكن قلبه غير متعلق بها ؛ فهذا الإنسان زاهد بالدنيا .
حميد
عاشق العراق
7 - 2 - 2013
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي