عرض مشاركة واحدة
قديم 12-17-2012, 11:00 AM
المشاركة 29
د نبيل أكبر
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي

أخي العزيز محمد جاد

السلام عليكم ورحمة الله تعالى


لم تجبني عما لو كان يغضبك ذكر مثال "الفسوة والفسية" الذي ضرب في التفاسير على الله سبحانه وتعالى يعلم آدم الأسماء، وعن الرواية التي تطعن في أخلاق نبينا الكربم ذو الخلق العظيم! أعتذر مرة أخرى وبشدة عن ذكر هكذا كلمات في هذا المنتدى الكريم. ولكن ليس أعز من القرآن الكريم عندي فإن قيلت في حقه تعالى وقرأتها أجيال وأجيال فما الضر من ذكرها هنا؟ أوَ أعزّ من القرآن وجلاله تعالى؟




أحسب بعدم جوابك أنك تكره أن يقال هذا الكلام عليك، وسؤالي فإن كرهته على نفسك فلم لم تكرهه على الله تعالى وعلى أنبيائه؟


تقول أخي أنك غير ملزم بالدفاع عن الأخطاء المثبتة في التفاسير.

أجدها مفارقة عظيمة أن لا تلزم نفسك بنقد روايات تسيء إلى الله تعالى وإلى أنبيائه الكرام في الوقت الذي أجدك تلزم نفسك بالرد على من يعمل على إزالة هذه الإساءات!


اسمح لي أن أقول بل أنت ملزم بذلك، وكل من يقرأ مثل هكذا أقوال ملزم. ودليلي مرة أخرى هو القرآن وليس غير ذلك.


فعن حادثة الإفك الذي رميت به أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قال تعالى:

لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين (12) لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون (13) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم (14) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (15) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (16) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17) ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم (النور:18)

فإن كان من الإفك والبهتان العظيم رمي أم المؤمنين في أخلاقها، فكيف هو الحال بنبينا وبالله تعالى؟ بل نلقيه بألسنتنا وهو عند الله بهتان وإفك عظيم...


فقد يخطئ الإنسان في الاستنباط ولا شك ولا بأس بهذا طالما اتخذ الوسائل وبذل الجهد، لكن هناك فرق واسع بين هذا وبين ضرب أمثلة السوء على الله تعالى وعلى أنبيائه الكرام.


ألا نستطيع التمييز بين الخطأ العلمي وبين الإساءة في استخدام الكلمات؟ ألهذا الحد وصل بنا الحال في البحث عن مبررات؟


قل لي كيف تبرر الغضب على أصحاب الرسوم المسيئة لنبينا الكريم من الأوربيين في الوقت الذي تجد المبررات على نفس الإساءات، وأين؟ في كتب التفسير؟!


لكم كان الأولى بنا أن نعمل سويا على تنقيح مراجعنا من كل إساءة لله تعالى ولأنبيائه قبل أي شيء آخر.


سؤال: هل تساعد إنسانا طلب منك المساعدة في الوقت الذي تعلم أنه يعلق بيت شعر في صالونه يستخف فيه منك؟



أما عن قولك أنك لم تقل بمنعي من التأويل فنعم ولكنك تفعل ذلك فعلا في كل كلمة تجهيل لي.

هذا التجهيل والاستعلاء الفكري على الآخرين من موروثاتنا الفكرية الراسخة التي علينا أن نعيد النظر فيها.


فأنت أخي الكريم اعتمدت تجهلي بناء على حجة واحدة وهي عدم إلمامي باللغة والتفاسير وقد بينت لك بالتفصيل أنك أبعد ما تكون عن ذلك.

فقد قلت حضرتك أنني مخطئ (في ستين مقالا) لأنني لا أعرف الفرق بين الاستعمال الحرفي والمجازي للكلمات وبذا فإني ضعيف في اللغة لأن الأصل في التمييز بين الاستعمال الحرفي والمجازي من منظورك يعتمد على "العلم باللغة"!


وعندما طلبت منك مرتين أن تضرب لي مثلا واحدا يثبت كلامك لم تفعل. وعندما أثبت لك بعدة أمثلة أن العقل أو السياق هو المرجع في التمييز بين الاستعمال الحرفي والمجازي غيرت كلامك وقلت إنك تقصد باللغة السياق وألصقت تهمة الجهل بي مرة أخرى إذ قلت أنني لا أعلم أن السياق من علوم اللغة!


يعني أنت أخي لا زلت مصمما على إبعاد العقل عن الموضوع.

سبحان الله. ما اللغة بلا عقل؟ ما السياق بلا عقل؟ ما أنا وما أنت بلا عقل؟


يأخي الكريم يأتي العقل قبل السياق وقبل كل شيء آخر.

ففي المثال الذي ضربته لك: لو كنت جالسا في مقهى ودخل رجل شجاع أعرفه فقلت: جاء الأسد. فهل يفهم من كلامي أن أسدا من الغابة دخل المقهى؟

أين السياق هنا؟ لا سياق طبع. فكيف عرفت أن الأسد المقصود إنسان؟ أليس بالعقل فقط.

ففي بعض الحالات يكفي العقل وحده للتمييز بين المجازي والحرفي وفي أخرى أكثر تعقيدا يلزمنا السياق وقبله العقل.



هذا العقل الذي هجرناه أخي الكريم ...

أعتقد أن أكبر أزمة مرت بها الأمة الإسلامية، بالرغم من كثرة الأزمات السياسية، هي تلك التي وقعت بين علماء الطبيعة وعلماء الشريعة في مراحل مبكرة من تاريخ الأمة.


أشهر رجال الدين سلاح التكفير، فخسر علماء الطبيعة، فأطفأت الأنوار وانكفأ الناس وماتت العلوم.
ماتت بهذا جميع علوم الطبيعة والمنطق فأصبحت كلمة "المنطق والعقل" مرادفة في الأذهان لكلمة "الضلال والزندقة".


علينا الآن إحياء علوم المنطق والعقل والطبيعة من منظور قرآني.

أذكر زميلا تونسيا فاضلا كان يدرس الفيزياء النووية في أحد أقوى وأشهر المعاهد العالمية "معهد ماساتشوتس" وكان رياضيا عبقريا بكل المعايير. قال لي مرة أنا أشعر بتأنيب الضمير عند دراستي هذه لأنني لم أدرس في الشريعة!


لاحظ أن هذا ليس شخصا اعتياديا. فكم من الناس في مثل ذكائه هجر علوم الكون لخوفه من "الزندقة"؟ كم من العقول خسرنا – و لا نزال – بسبب هذا الفكر؟


وجدت في بعض الكتب من يكفر الشاعر والعالم "عمر الخيام" بسبب رأي له في أحد كتبه في أحد أيامه.

وأنا أتسأل لماذا يكفر إنسان في قبره وهو في ذمة الله تعالى؟

تلك المعركة الصامتة لا تزال على أشدها، أحياء وأمواتا ...


كل منا له أخطاءه. أستطيع أن أمسك إنسانا بكلمة قالها في فترة من فترات حياته وتقلباتها وأكفره بها وأرسلها معه في ظرف إلى قبره. مهما قال بعدها أو قبلها ... مهما قدم للمسلمين وللإنسانية من علوم ... مهما تاب وعاد ... لا يهم كل ذلك. ما يهم هو أنه قال كلمة أختلف معها في أحد أيامه.



أعتقد جازماً أنه لو لم يخسر علماء الطبيعة المعركة، لكانت الأمة الإسلامية قد وصلت إلى ما نحن به هذه الأيام من التطور التكنولوجي في غضون 200 سنة أو أقل. فكم من المجد أضعنا؟


هذه المعركة ليست خاصة بالمسلمين، بل نجدها في كل الأديان. ونحن نتبعهم حذو القذوة بالقذوة ودخلوا جحر ضب فدخلناه. خرجوا منه وسنخرج بعدهم.

كفر الغرب بالله تعالى وآمن بالمادة فظهر لأنه أخذ بالأسباب التي وضعها تعالى لكل الخلائق. وعلى النقيض، هجرنا علوم المادة بحسن نية تقربا إلى الله تعالى فاختل الميزان وضعفت العقول وتفشى الجهل فوصلنا لحالنا.

بحث الغرب في المادة وأسرارها من منظور مادي بحت، وعلينا الآن لتصحيح الوضع النظر للمادة من منظور قرآني إلهي.


والقرآن الكريم أهل لذلك، ولكن علينا الإيمان بذلك أولاً كي يستمر عطاء الله تعالى لنا.



يأخي الكريم أرجو عدم المزايدة علي بحب الصحابة الكرام فقد قلت رأي فيهم أكثر من مرة. هم كرام بررة لقربهم من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ليس إلا. فإن لم يكن هو عليه الصلاة والسلام، ما كانوا هم رضي الله تعالى عنهم. ولكن هذا لا يعني إضفاء العصمة لهم بحال من الأحوال وخاصة أنهم لم يدعوا ذلك.


كما إنني كما تلحظ لا أتكلم أبدا عن إنسان بعينه ولم أذكر اسم أي إنسان في مقال من مقالاتي ولكني أنقد الفكر الذي يجانب الصواب، وشتان بين الأمرين.

وهذه أيضا إشكالية كبرى في فكرنا إذ لا نستطيع التمييز بين نقد الفكر وشخصنة الأمور.


بالنسبة لتمسكك بأن في القرآن ما هو منسوخ، فللمرة الثالثة أو الرابعة أدعوك لمحاورتي في الموضوع على الرابط في هذا المنتدى:



http://www.mnaabr.com/vb/showthread....9682#post89682



وبالنسبة لموضوع الناسخ والمنسوخ الذي تردده دائما وتحسبه ملاذا أخيرا وقلعة حصينة لك، فسأفرد مقالا مفصلا فيه وأرجو أن تحاورني فيه هناك، ولن يكون حاله بعد ذلك بأفضل حال من قلاع "ضوابط التفسير" و "لا تجتمع أمتي على ضلالة" و "أنني لا أفسر القرآن بالقرآن" التي يبدو ولله الحمد أنني قد أزلتها من فكرك إذ لم تلجأ إليها في مداخلتك الأخيرة.



أقدر لكم أخي جهدك ووقتك الثمين وللقرآء الكرام وتأكد أنني لا أسعى إلا لطرح الأفكار، ثم لكل منا اختياره ثم حسابنا جميعا عليه تعالى...


وفقنا الله تعالى جميعا وفتح علينا بالحق أبدا ما أحيانا


وسبحانه وتعالى عما نقول علوا كبيرا