عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2012, 01:36 AM
المشاركة 25
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
ثانيا ..
تقول فى دفاعك عن نقطة أنك لم تلتزم بالضوابط العلمية فى التفسير ..
أخبرتك أخي من قبل أنني أرجو ألا أكون ممن قال تعالى فيهم: { وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون{الأنعام:26}
أي من الذين ينهون الناس عن البحث في القرآن بأي شكل من أشكاله، وفي نفس الوقت هم لا يجرؤون وينئون عن ذلك بأنفسهم، فهم يهلكون أنفسهم وما يشعرون.
ولست أدرى ما حاجتك إلا اتهامنا باتهامات بلا دليل واحد من قولى !
هل رأيت فى كلامى منعا لك أو لغيرك من التدبر بالقرآن ؟!,
وهل فى قولى أنه يجب علينا عدم الإعتماد على الرأى المطلق فى القرآن التزاما بأوامر النبي عليه الصلاة والسلام , هل هذا تسميه منعا لك من التدبر بالقرآن
هل قولنا أنه يجب على من تصدى لتفسير القرآن أن يحيط بمبادئ اللغة العربية وقواعدها وبالحديث الشريف فى جانب التفسير وبالتفسيرات الواردة عن الصحبة وبعلم الناسخ والمنسوخ وبأسباب النزول , إلى آخر هذه المبادئ الضرورية , هل ترى فى هذا منعا لك من التدبر ..
أنت للأسف لم تجب على السؤال مباشرة وذهبت للمرة الثانية أو الثالثة إلى أنى أمنعك أو أنادى بمنع الناس من القرآن ؟!
فلماذا لا تجيبنا على نقطة البحث مباشرة , وهى ضرورة الإحاطة ببعض مبادئ العلوم قبل التصدى لتفسير القرآن كما هو موجود فى قواعد أى علم من أو نوع ؟!
ثم تقول :
أخي الكريم عرفت عظمته تعالى من كتاب الخلق المبين وعرفت قلة قيمتي أمامه تعالى فكيف لي أن أضع قيودا وضوابطا على كلامه العزيز المجيد؟ لا بل وأفرض هذه القيود على الناس؟ من أنا؟
هل نفهم من ذلك أنك تنادى بأن يتصدى لتفسير القرآن كل أحد هكذا دون أى ضوابط ؟!
وأنه لا لزوم إطلاقا لأى قواعد يجب الإلتزام بها أو أى علوم يجب على المرء الإغتراف منها حتى يصدى للتفسير ؟!
ثم رأيتك تقسم القواعد والضوابط تقسيمات ما قال بها أحد من العلماء , لأن الضوابط المعروفة هى ما سبق أن كررناه مرارا وهى تخص وجوب الإحاطة باللغة وبعلوم التفسير حتى يمكن للمرء الإدلاء بدلوه فى هذا المجال ..
ثم تقول أنى أنا الذى يفرض قيودا على الناس ؟!
فهل المنهج العلمى والإلتزام به من وجهة نظرك هى قيود يجب تلافيها ؟!
وهل يجوز أن نخضع تفسير كتاب الله لكل الناس بغض النظر عن ضحالة معرفتهم حتى بالقواعد الكلية لعلوم التفسير ليخرجوا علينا بتأويلات تخالف ظاهر القرىن وتنكر أساسيات من التفسير بمجرد الرأى ؟!
ثم أتيت لى بنماذج على أخطاء بعض المفسرين !!
فما الذى يهمنا من ذلك أو يفيدك فى إثبات وجهة نظرك ؟!
أنا ما قلت أنهم معصومون ثم أتيت أنت هنا بتلك الأمثلة لتلزمنى بأننى أقول ذلك ؟!
لا أيها الأخ الفاضل كل البشر خطاءون , وأخطاء المفسرين موجودة كما هى أخطاء علماء كل العلوم , ولكنها أخطاء أتت من علماء أحاطوا علما بكل علوم التفسير , ورغم ذلك أفلتت منهم هنات , فكيف تدعو بعد ذلك لأن يتصدى للتفسير من لا يفقه شيئا فى تلك العلوم ؟!

نعم، يجبُ إعطاءُ الصحابةِ الكرام ومن تلاهم من الأخيار فضلَهم لصحبتِهم وقربِهم من سيِّدِ الخلق، ليس إلَّا. فَدِينُ الله تبارك وتعالى نورٌ له فضل على الناسِ ولا فضل لأحد على دِين الله، لا في نَشرِه ولا في حفظه ولا في تطبيق شرائعه، فَكَفى متاجرة بالدين!
عجبا !
وتقول أنك تعمل بالسنة أيها الأخ الفاضل ..
وتسمى تقديرنا للصحابة والسلف على أنه متاجرة بالدين ؟!
وتقول أن الفضل فى الصحبة والقرب من النبي عليه عليه الصلاة والسلام فقط وليس فى العلم ولا فى حفظ الدين وعلومه ولا شرائعه ؟!
هذا يخالف أول ما يخالف القرآن الكريم أيها الأخ الفاضل ..
فقد امتدح الله عز وجل الصحابة فى علمهم وفقههم وفى فضلهم ونشرهم للدين والشريعة فى عشرات الآيات , بل حفزنا وسمانا مؤمنين بشرط أن نؤمن بمثل ما آمنوا هم ..
يقول تعالى :
[فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ] {البقرة:137}
وقولك يخالف السنة النبوية أيضا ,
فالنبي عليه الصلاة والسلام زكى الصحابة ــ ليس لفضل الصحبة فقط ــ بل لفضل العلم وحفظ الشرع ونشر الدين .. وقال فيما معناه ..
( فلو أنفق أحدكم ملئ أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه )
وقال فى تزكية الأجيال الثلاث الأولى :
( خير القرون قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
وامتدح علمهم بالقرآن الكريم بالذات , فقال عن معاذ بن جبل أنه إمام العلماء يوم القيامة , وكان عبد الله بن عباس حبر الأمة فى زمانه وأعلم الصحابة بالتفسير , وعلى ابن أبي طالب كان يعلم من آيات القرآن الكريم ما دفعه لأن يقول للناس ( سلونى عن كتاب الله ما شئتم )
وكما قلتها وأكررها ..
ليس معنى أن ننادى بأنه لا عصمة لأحد بعد النبي عليه السلام , ليس معناه إنكار فضل السابقين , وحديثك عن أن أحدا ليس له فضل فى دين الله يحتاج منك مراجعة لأن الفضل فى نشر هذا الدين ليس معناه المن به , فهم لم يمنوا بل بذلوا أرواحهم وأنفسهم فى سبيل نشر الدين فى كافة أصقاع الأرض فكان فضلهم من الله ..
وهو الذى أمرنا عز وجل وأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن نلتمس خطاهم بالأحاديث الثابتة الصحيحة وأن نقتدى بهداهم .. لا أن نسقطهم ونسفّه تلك الأجيال التى لولاها لما كان من بعدهم مسلمين فى جوانب الأرض كلها ..

وإعطاء الفَضل لمن قرُب من سيِّدنا محمد لا يستوجب إعطائه العلم إلا أن يكون قولا وعلماً موثقاً لسيِّدنا رسول الله أو حجَّةً راجحة. أما التمجيد بعمومه وإعطاء الفضل في كل شيء للسلف، فإنَّه يفَرق الناس، ويُكرِسُّ العنصريةَ، ويعمي البصائر، ويجمد العقول، ويقتل الطموح، وهذا حال الأمة ...
بغض النظر طبعا عن أنك خالفت السنة نفسها فى تفسيراتك ..
إلا أنك أوضحت فى قولك أن أقوال الصحابة رضوان الله عليهم لا تلزمك إلا إذا كانت فى التحديث عن النبي عليه السلام !
فهل يا ترى بهذا المعنى علينا أن نطرح جانبا تفسيرات عبد الله بن عباس وعلى بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب وغيرهم ممن لهم جل التفاسير المأثورة ,
نطرح هؤلاء الذين تربوا بالقرآن ومع القرآن ونزل فيهم الوحى , لنأخذ ممن ؟!
لنأخذ كما تقول من معين العقل والتفسير بلا منهج !
أنا فى الواقع لا تعليق لى على هذا وأتركه للقارئ وحده ..
هذا أمر ..
الأمر الثانى أنك أكثرت فى وصف مساوئ المنهج السنى فى التفسير وأنه سبب ضياع الأمة رغم أن الأمة لم تضع إلا فى عصرنا الحاضر , وعندما كانت تلتزم بنهج السنة ونهج الصحابة كانت الأمة فى أعلى عليين فى كافة المجالات وكانت دولة الإسلام أعلى دولة فى العالم ..
وللمفارقة لم يبدأ انهيار الأمة إلا بعد ظهور بدع المنهج العقلي والفلسفي ..

ثم تقول :
فهل تجد في جميع التفاسير أيا من هذه الأسئلة المهمة؟ فضلا عن الجواب عليها؟
ومن قال أن التفاسير المأثورة عن السلف قد حوت واحتوت كافة آيات القرآن ؟!
ألم أقل لك أنك تدافع فى غير القضايا والأسئلة التى نثيرها ؟!
وأجدنى مرغما على تكرار أن القرآن الكريم مفتوح للإجتهاد إلى يوم القيامة وقد أوردت لك حديث النبي عليه السلام فى ذلك .. حيث قال أنه لا يشبع منه العلماء ..
وضربت لك أمثلة العلماء المعاصرين الذين استنبطوا تفسيرات لآيات أخطأ فيها مفسروا السلف أو لم يتعرضوا لها أصلا ..
ومع ذلك فقد أرهقت نفسك فى إثبات أمر مسلم به أصلا وهو أن كتب السلف لا تحتوى كافة التفسيرات بالطبع..
ثم تقول ساخرا من بعض تفسيرات القدماء ..
ولكن للأسفِ الشديدِ فبدلاً من البحث عن الحِكِم البالغةِ في القصص، استنفذَ الناس طاقاتَهُم في أخبار لا طائِلَ منها ولا جدوى ولا دليل. فهل" اسم النملة "طافية" أو مُنذِرة أو "خومي" أو "لافية" يفتح لنا بابا من أبواب العلم والتقدم مثلا!
وقولك هذا قول إما أنه صادر عما لم يطالع أى تفسير من التفسيرات المعتمدة , أو أنك طالعته وتخفي ما رأيت ..
لأنه لنا عدة ملحوظات على كلامك ..
أولها : أن التفسيرات المأثورة لأهل السنة هى التى يجب الإهتمام بها أما التفسيرات المبتدعة فلا , وفى تفاسير أهل السنة نجد أنهم قد أفاضوا فى شرح الحكم المستنبطة من القصص القرآنى حتى أن بعض العلماء كابن كثير أفرد لقصص القرآن وقصص الأنبياء مؤلفات مستقلة ..
ثانيها : توحى للقارئ بقولك هذا أن تفاسير أهل السنة لم تحتو على الأشياء المهمة واستنفذت أغراضها فى أمور غير مهمة , ولعمرى هذا افتراء رهيب ما كان أبعدك عنه !
فتلك التفاسير أيها الأخ الفاضل هى التى أسست لكل علوم القرآن والفقه وأطنبت وشرحت ولم تدع آية من آيات الأحكام إلا بينتها , أما فى آيات القصص والعبر فقد نقلوا فيها كل ما يحيط بها من الأشياء المهمة والتفاصيل غير المهمة أيضا ,
أى أنهم اهتموا بالأصول كما اهتموا بالتفاصيل بعكس ما توحى للقارئ أنهم صرفوا الجهد فى تعقب اسم نملة سليمان !!
ثالثها : من الغريب أنك تستنكر وتسأل عما يفيدنا معرفة اسم النملة بينما أنت نفسك انتهجت نفس النهج عندما ألفت تفسيرا عبارة عن قصة خيالية لآية شك إبراهيم ,
والسؤال الذى نسأله لك بالمقابل ,
ما هو باب العلم والفقه الكبير الذى سيفتحه علينا مثل تفسيرك هذا ؟!
وما هو التقدم الذى ستجنيه الأمة لو آمنت بقولك أن آية شك إبراهيم لم يكن بها فيها معجزة إحياء الموتى ؟!
هل تصدق أخي الكريم أن الله تعالى يقول "أربعة من الطير" ثم يأتي إنسان مفسر ((لا ينازعه أحد)) ليقول ربما "سبعة من الطير" ؟؟؟ وتنقل هذه الجراءة عبر القرون ثم لا ينقدها أحد؟؟؟
لا أدري إن كان هذا الرأي يحقق "ضوابطك" للتفسير؟
فهل يحقق هذا الرأي ضابط الأدب مع كلامه تعالى وعدم المزايدة عليه؟
هل تجد في هذا القول "تكذيب أو تشكيك" في كلامه عز وجل؟
أم هل يحقق ضابط اللغة بمعنى أن العدد " أربعة" قد يعني العدد "سبعة" في حالة كون المعدود طيرا؟
أرجو منك الإجابة والدفاع عن رأي "السبعة" طيور.
وإن كنت لا تتفق معه، فهل لي أن أسأل لماذا لم ترد عليه من قبل؟ أم لأن الرجل من السلف؟
أمر غريب للغاية يا دكتور ؟!
ولماذا أدافع عن رأى جاهل خالف النص القرآنى ؟!
أنت هنا تعود لنفس النغمة التى تلزمنى بها أنى أنادى بعصمة أقوال السلف ؟!
وهذا عجيب وغريب للغاية , ليس فقط لأنى لم أقل هذا قط , بل لأن السلف أنفسهم اختلفوا فى التفسير فى الآيات الغير المجمع على تفسيرها واجتهدوا عبر العصور , وخالفهم فى اجتهادهم الكثيرون من معاصريهم ومن معاصرينا أيضا ..
أما قولك أننى لماذا لم أرد عليه من قبل ؟!!
فهذا أعجب مما قبله !
فمن هو الذى قال بهذا الرأى , ؟! وماذا يمثل ؟!
وحتى لو كان عالما معتمدا ومعتبرا من أهل السنة , فهل ترانى ملزما بالرد على مخطئ فى التفاسير عبر العصور ؟!
هل يقول بهذا عاقل يا دكتور ؟!
إن المرء يرد ويستنكر ما يقف عليه من الأقوال , وليس بالضرورة أننى إذا رددت عليك أقوالك لمخالفتها القرآن والسنة أن أرد قبل ذلك على كل من أخطأ عبر العصور ؟!