عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
3237
 
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية

ريما ريماوي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
801

+التقييم
0.17

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة
الأردن.

رقم العضوية
10476
09-03-2012, 03:05 PM
المشاركة 1
09-03-2012, 03:05 PM
المشاركة 1
افتراضي ** بين يديّ الرحمن ** - ريما ريماوي
** بين يديّ الرحمن **

رافعا يديّ الاثنتين إلى السماء: "يا إلهي أنقذنا..."

- يا للمصيبة لقد فقدت السيطرة على الشاحنة...

هتفت مخاطبا الشاب صاحب هذه الشاحنة الضخمة، والذي يجلس قربي...

منذ بضعة دقائق تركت سيارتي في منتصف الشارع الشديد الانحدار، واستلمت قيادة الشاحنة صعودا إلى أعلى التلّة، بقصد تجربتها قبل شرائها، كي نستخدمها في توصيل البضاعة التي يتم تجهيزها في المصنع خاصتنا...

"لقد أوهمني اللعين بأنها بحالة جيدة."

- أستاذ يوجد فيها مشكلة بسيطة فقط ( بالبريك ) ..

"أتقول مشكلة بسيطة؟! قبحك الله، كلها مشاكل يا أخو الــــــــ ... " فكرت في نفسي،

حتى ذراع تغيير السرعة لا يتجاوب بسهولة، آآخ.. لقد توقف المحرك عن الدوران، يا للهول.. رغم أنني أدوس دعسة الكابح إلا أنه لا يتجاوب وتعطل أيضا...

- ما العمل الآن؟ بدأت الشاحنة تتقهقر إلى الخلف بسرعة مخيفة ومتسارعة. مددت يدي الى ذراع الفرامل اليدوية أسحبه فانكسر في يدي خارجا من مكانه، كسيف دون كيشوت من غمده... صرخت:

- ويلاااااااه.. رحنا فيها وانتهى أمرنا.

رميته فزعا وقد اجتاحني شعور عارم بالغضب، التفت باتجاه الشاب أرغب في صفعه.. وإذا به مكوم على أرض الشاحنة يرتعد خوفا... من العبث التحدث معه الآن ...

ما زالت الشاحنة تتراجع بسرعة، يقولون في اللحظات الحرجة يرى الشخص حياته تمر أمامه، أنا لا.. بل انصب كل تفكيري على كيفية إيقاف آلة الموت تلك،

"الله يستر، اللهم أبعد المشاة والسيارات عن طريق هذه المجنونة، يا للهول أسمع بوق سيارة تحاول تنبيهي، عذرا يا صاحبي أنت من عليه الهرب من طريقي."

أخرجت رأسي من النافذة لأرى ما الذي أستطيع فعله.

أحد جانبي الشارع يطل على هاوية، وفي الجانب الآخر محال تجارية أمامها سيارات متوقفة على جانب الرصيف.

- يا الله ارحمنا، ستخرج عناوين الجرائد بخبر حادث مؤسف.

"يجب عليّ السيطرة على الموقف، ها هي سيارتي وابني ينتظرني قربها، ماذا؟ إنه يحمل سيجارة، منذ متى تدخن يا دلّوع أمّك؟ كلاّ.. ليس وقته الآن بل يجب أن أركّز على الطامّة الكبرى الواقع فيها."

نظرت إلى ابني وما زالت الشاحنة تنزل إلى الأسفل، يرمي السيجارة وينظر حائرأ، من الواضح أنه لم يفهم ما يحصل معي: "لن أسمح للموت بأن يتمكن مني، ما زال عندي حساب عسير مع المدخن الصغير".

هنالك فراغ بين السيارات قرب الرصيف.. هذه فرصتي الوحيدة وعليّ أن استغلها، سأدخل الشاحنة عرضيا بينهما باستعمال المقود...

توقفت الشاحنة بين السيارتين بالضبط دون أن تصطدم بأيهما ولكنها اصطدمت بعنف بطرف الرصيف العالي.. المكان الوحيد بالشارع الذي يعلو فيه الرصيف إلى هذا الحد، وكأن العناية الإلهية جهزته لإنقاذنا.

وأخيرا توقفت الشاحنة، دون خسائر.. قفزت منها على الفور غير مصدق أنني نجوت بأعجوبة.

ناداني الشاب بعد أن جلس في مقعد السائق وشغّلها:

- هيا اركب يا عمي كي أوصلك إلى سيارتك.

- تبا لك أيها الجاهل انصرف وشاحنتك المهلهلة عن وجهي.

وصلت سيارتي ماشيا متقطع الأنفاس، وكنت طوال الطريق أفكّر في أمر تدخين ابني، وفضّلت عدم إثارته معه الآن فأنا أعرف شباب اليوم العنيد اللامبالي.. لهذا خفت أن لا يأنف من التدخين داخل البيت وقرب أمه المريضة.

أخرجت مشطي الصغير لأرتب شعري المنكوش المنفوش، نظرت في المرآة فأذهلتني رؤية شعري الأسود قد تحول إلى اللون الرمادي ولقد غزا الشيب مفرقي....!


أنين ناي
يبث الحنين لأصله
غصن مورّق صغير.